بعد ان اختار ان يناصر روسيا والرئيس بوتين على حساب خصومه في الداخل الأميركي، وعلى حساب المؤسسة الأمنية الأميركية، فإن مسألة عزل الرئيس ترامب من منصبه اصبحت مبررة واكثر منطقية ومطروحة، فهذا الرئيس غريب الأطوار، هو اول رئيس يقف في مؤتمر صحفي الى جانب رئيس روسي، ويهاجم علنا ويشتم خصومه السياسيين والأمنيين داخل الولايات المتحدة، والأخطر هو تشكيكه بمصداقية مؤسسته الامنية، الذي يعتبر ذلك خطا احمر في أميركا. عندما سأل صحافي ترامب من تصدق الرئيس بوتين، الذي نفى تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية ام تحقيقات مؤسسة الامن الفيدرالي الأميركية "FBI" جاء رد ترامب مصدقا نفي بوتين.

كما ان هناك شعورا متناميا داخل الاوساط السياسية الأميركية، بأن قرارات ترامب وسلوكياته وتصرفاته الخرقاء، اصبحت تضر مباشرة في مصالح الولايات المتحدة وتعزلها عن الساحة الدولية، وأكبر دليل على ذلك التظاهرات الشعبية الضخمة في بريطانيا ضده، وبريطانيا كما هو معروف اقرب وأخلص الاصدقاء لواشنطن.

يضاف الى ذلك، الشرخ الذي خلفه مع الحليف التقليدي، الاتحاد الأوروبي، الذي وصفه ترامب بالعدو، مساويا اياه لروسيا والصين الاعداء التقليديين لواشنطن. والاخطر هو تلك الفوضى الاقتصادية التي خلفها على الساحة الدولية، من خلال اعلانه الحرب الاقتصادية على الصين وعلى الاتحاد الاوروبي، الامر الذي سيضر بالاقتصاد العالمي وبالتالي بالاقتصاد الأميركي.

ومما يؤكد ان هناك رغبة أميركية داخلية ودولية متنامية في عزل ترامب، هي تلك الردود السلبية القوية من الديمقراطيين، وحتى قسم كبير من الجمهوريين على تصريحات ترامب، وعلى الجانب الآخر، في اوروبا، حيث جاءت ردود الفعل على اعتبار الاتحاد الاوروبي عدوا، جاءت لتميز بين ترامب والولايات المتحدة فقد اعتبر القادة الأوروبيون هذه الاخيرة بأنها صديق وحليف، فالمشكلة اذن هي ترامب وسياسته.

ان الشعرة التي قد تقصم ظهر ترامب، هي الانتخابات النصفية لأعضاء الكونغرس التي ستجري في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، فإذا خسر الجمهوريون، فإن اجماعا اكبر وأسع سيشكل ضد ترامب وفكرة عزله.

قد لا يعزل هذا الرئيس غريب الاطوار، لأن مسالة العزل في النظام السياسي الأميركي هي معقدة جدا، ولكن بالتأكيد سيكون ترامب رئيسا معزولا داخليا وخارجيا فيما تبقى من ولايته، وهذا الامر بحد ذاته سيضعف الدور الأميركي على الساحة الدولية، وهنا في الشرق الاوسط الذي يهمنا مباشرة.