تفاءلنا جدا، حين قامت الشقيقة الكبرى مصر، باستدعاء، وفد من حماس لكي يلتقي مع المخابرات المصرية من اجل إزالة كل العراقيل التي تضعها حماس في طريق المصالحة الفلسطينية، بينما هي تركض وراء غزلان ميتة لكي تخدع أتباعها والمتساوقين معها بأنها تملك خيارات بديلة عن المصالحة، وما أن عاد وفد حماس إلى غزة الذي أشاد بحواراته مع المخابرات المصرية قائلا إن الحوارات كانت ناجحة جدا، حتى رأينا حلقة جديدة من حلقات استدراج العنف تمثلت بالقصف الجوي لعدة مواقع في القطاع، خاصة قصف ارض الكتيبة في قلب مدينة غزة، وسقط شهداء ووقعت إصابات، ثم أعلنت حماس بالاشتراك مع الجهاد الإسلامي إنهما توصلتا إلى وقف لإطلاق النار مع إسرائيل بمساعدة قوى دولية وإقليمية.

المشهد يبدو بائسا جدا، والأكثر بؤسا هذا الإعلان التافه، لا لشيء سوى أن حماس لا تريد الالتزام بتنفيذ اتفاقات المصالحة، لأنها ما زالت تراهن على العدو، ولا تريد أن تلتزم بالأولويات الفلسطينية، وقد طال إلى درجة مملة وفادحة الخسائر، لأن إسرائيل ادعت ان القصف الجوي الذي نفذته ضد القطاع جاء ردا على قذائف هاون أطلقت من القطاع كما أن حماس قالت إنها ردت على القصف الجوي بإطلاق صواريخ، والخلاصة أن الأمور تبقى عند الصفر، وان حماس لم تتقدم قيد أنملة، بدليل أنها شتت حفلا وطنيا لتكريم أوائل الطلبة في القطاع، وإنها عادت لتهرب من التزامات المصالحة، وعادت لتراهن على الوهم الذي يعرف الجميع الأحاديث التي تنطلق بشأنه.

هي اسطوانة أكاذيب ليس إلا، مثل الميناء العائم، أو رصيف ميناء أسدود، أو مدرج خاص في ميناء العريش، أو رفع الحصار الإسرائيلي نتيجة مسيرات العودة، فالمعركة ليست هنا، المعركة قائمة لإسقاط "صفقة القرن" التي لا تجد لها طريقا، وحماس تحاول أن تجد لها موطئ قدم في خيانة مجانية، ولكنها لا تجد إلى ذلك سبيلا.

الشرعية الفلسطينية التي تخوض معركتها ضد "صفقة القرن" بكل ثبات وقوة تطرق كل الأبواب، باب الشرعية الدولية، والأبواب الدبلوماسية والقانونية، والباب المفتوح على تصاعد كبير وهو باب المقاومة الشعبية.

أما على الصعيد الداخلي الوطني فإن القيادة الشرعية تفتح الباب على مصراعيه أمام بناء نظام سياسي واحد بحكومة واحدة وقانون واحد ومشاركة فعلية حقيقية على الأرض، لماذا تهرب حماس من كل ذلك وتذهب لملاحقة الأوهام؟؟ البعض يقول إنها خلقت أصلا من اجل ذلك، وأنها لا تستطيع أن تكون إلا لما خلقت له، الإساءة لشعبها وإعادته إلى طور "كيس طحين وعلبة حليب" بديلا عن الثورة المعاصرة، والانتفاضة، والنضال العالي المستوى في العالم، من اجل دولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، والبعض يقول إن حماس ليست سوى الجزء المهمش من الإخوان المسلمين الذين هزموا هزيمة ساحقة ولكنهم لا يتعظون، ولكن في كل الأحيان، فإن الاستمرار في لعبة استدراج العنف أصبح مملا، وفادح التكاليف، فهل فقدت حماس نهائيا ما يخرجها من المأزق.