على نحو عديم البصيرة تماماً تصر حركة حماس، على التشبث بخطابها الانقسامي، المحمول على مجمل مفردات الكذب والادعاء وتلفيقات الشعارات الشعبوية، بل وتزيد تشبثًا بهذا الخطاب، كلما كانت هناك فرصة أخرى لتحريك عربة المصالحة الوطنية، التي طالما وضعت حماس شتى العصي بين دواليبها..!!

الأشقاء المصريون دعوا مجددًا لتحريك هذه العربة، لتصل إلى تحقيق أهدافها طبقا لاتفاق 2011، ووجهت الدعوة لوفد من حماس أن يصل القاهرة لهذا الغرض، لكن حماس استبقت كل حوار بهذا الشأن مع الأشقاء المصريين وأعادت في بيان لمكتبها السياسي عقب اجتماع له، كلمات العراقيل ذاتها بذات أكاذيبها وادعاءاتها..!!

وكلمات العراقيل في اللحظة الراهنة، هي كلمات المؤامرة التي باتت ملامحها تتضح أكثر وأكثر في التفاوض الحمساوي الإسرائيلي، الذي كشف عنه وأكده كما قلنا أمس السفير القطري محمد العمادي، (لم تنف حماس مطلقا ما أعلنه السفير القطري) وتعيد حركة حماس إعلان هذه الكلمات مجددًا في بيان مكتبها السياسي، كرسالة تبعث بها إلى طاولة مفاوضتها مع إسرائيل، لتعبر عن امتثالها لأبرز شروط هذه المفاوضات، بمناهضة أي محاولة لتحقيق المصالحة الوطنية، وإنهاء سلطة الانقسام البغيض، لأن إسرائيل بصفقة ترامب الصهيونية لن تتفق إلا مع هذه السلطة...!!!

تكذب حماس في الواقع على نفسها قبل أن تكذب على غيرها، ومن الواضح إنها تصدق أكاذيبها، فتتوهمها حقائق لا جدال فيها..!! تتفاوض حماس مع إسرائيل بالرعاية الأميركية التي تريد تمرير صفقة ترامب الصهيونية المحمولة بالنسبة لحماس على ما تريد من الحلول التي تكرس سلطتها الانقسامية بذريعة تسوية الأزمة الإنسانية في قطاع غزة..!! وفي الوقت الذي تتعرض فيه السلطة الوطنية لأقبح السياسات العدوانية والعنصرية الأميركية، بسبب تصدي الرئيس أبو مازن لصفقة ترامب الصهيونية، وإصراره على دحرها كاملة وتمامًا دون هوادة، تكذب حماس كذبتها الكبيرة أن السلطة الوطنية هي من تريد تمرير هذه الصفقة..!!

كتبنا أمس، حريصون نحن على حركة حماس ألا تتوغل في دروب هذه الصفقة التصفوية، ولكن على ما هو واضح وجلي بعد بيان مكتبها السياسي، أن حماس نفسها ليست حريصة على نفسها..!!

كتبنا وقلنا ونقول: لا مخرج لحماس من دروب النهايات المخزية سوى الامتثال لضرورة المصالحة الوطنية، فأما أن تأتي إلى تحقيق هذه المصالحة بكامل تفاصيلها وبلا أية مراوغات وتأويلات تنهي الانقسام البغيض، وتستلم حكومة الوفاق الوطني كل مسؤولياتها في قطاع غزة، وأما أن تستلم حماس كل مسؤوليات الحكم هناك، ولكن في المحصلة لن يصح إلا الصحيح الوطني، ونحن على يقين تام أن الدوائر لا تدور في النهاية إلا على البغاة، وما من بغاة في هذا السياق غير بغاة الانقسام القبيح.