من يطلع على فحوى قانون القومية أو يهودية الدولة، الذي يعمل الكنيست الإسرائيلي على إقراره، وما يتسرب من صفقة القرن يلاحظ مدى الترابط بين المشروعين إلى درجة يبدو معها أن الصفقة قد تمت صياغتها انطلاقا من هذا القانون العنصري بامتياز. هذا الأمر ليس غريبًا ولا عجيبًا فالذي صاغ المسألتين هو ذاته.

قانون يهودية الدولة يسقط عمليًا الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني في وطنه التاريخي. هذا القانون لا يلغي حق العودة ويعتبر القدس الموحدة الكاملة عاصمة لإسرائيل فحسب، وإنما يريد كذلك إلغاء كل ما يرمز لوجود الفلسطينيين كشعب وفي مقدمة ذلك إلغاء اللغة العربية كلغة رسمية ثانية.

تدخل الرئيس الإسرائيلي ريفلين ومطالبته بإلغاء بند في القانون ينص على بناء مدن وقرى يسكنها اليهود فقط هو تدخل مليء بالنفاق، لأن كل المستوطنات المقامة على ارض فلسطينية مغتصبة أليست هي لليهود فقط؟؟ ما أراده ريفلين ألا يرد ذلك في نص القانون لأنه سيدل على حقيقة العنصرية الإسرائيلية أمام العالم.

صفقة القرن التي صاغها كوشنير وغرينبلات والسفير الأميركي في إسرائيل فريد في جوهرها تصفية للقضية الفلسطينية، هي تلغي حق العودة وتعتبر القدس عاصمة لإسرائيل وتريد من الشعب الفلسطيني والأمة العربية أن يقبلوا بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي في المنطقة.

حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة والعنصرية، وإدارة الرئيس ترامب تعتقدان أن الفرصة التاريخية مواتية لتمرير الصفقة المستندة لقانون القومية اليهودي، فالأمة العربية في اضعف أوقاتها ومستنزفة ومنقسمة على ذاتها ومع الإقليم. أما العالم فهو منشغل بحروب ترامب التجارية والاقتصادية وفي الفوضى التي تجتاح السياسة الدولية.

وبغض النظر عما سبق ذكره فإن العامل الحاسم هو في رفض القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني لصفقة القرن، وأيضا في رفضهم الاعتراف بيهودية الدولة. نحن ندرك الثمن الباهظ الذي قد ندفعه مقابل هذا الموقف الصلب والتاريخي ولكن لن نوقع على تصفية وجودنا وحقوقنا في وطننا فلسطين مهما بلغت الضغوط شدة.