أعلن بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف أثناء لقائه مع المستشارة ميركل في ألمانيا أول أمس الاثنين، أن حكومته قررت أثناء جلستها الأسبوعية الأحد الماضي تعويض المزارعين الإسرائيليين على الحدود الجنوبية والغربية مع قطاع غزة عن الخسائر التي تكبدوها بذريعة الحرائق الناجمة عن الطائرات الورقية التي طيرها أبناء القطاع في مسيرة العودة إلى الأراضي الزراعية في الجانب الإسرائيلي وان التعويض سيكون من أموال المقاصة الفلسطينية.
وفي التفاف واضح من نتنياهو وحكومته الاستعمارية عن مسؤوليتهم عما جرى ويجري من إدامة للصراع، ورفضا منهم للحل السياسي، واستمراء لخيار الاستعمار الاستيطاني على أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران/ يونيو 1967، فإنهم لجأوا لسياسة القرصنة الاستعمارية، وهي سياسة تأصلت منذ ما قبل قيام دولة إسرائيل الكولونيالية على أنقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني قبل واحد وسبعين عاما. ووضع لها منهجية وآليات عمل لمواصلة العملية اللصوصية المستهدفة للإنسان والثروات الطبيعية والزراعية والصناعية والسياحية والتجارية الفلسطينية، وبالتالي ليس جديدا على حكومة اليمين المتطرف استسهال عملية القرصنة على أموال المقاصة، التي هي بالأساس تأخذ مقابل جبايتها نسبة 3%، وهو أيضا نوع من القرصنة، دون أن تفكر حكومة الائتلاف المتطرف بمراجعة سياساتها، أو على أقل تقدير أن تتحمل هي ذاتها المسؤولية عما أصاب الأرض الزراعية على جانبي الحدود، لا سيما أنها قامت على مدار الأسابيع العشرة الماضية من مسيرة العودة الفلسطينية بتأجيج مشاعر الغضب والسخط والغليان في أوساط الفلسطينيين في أعقاب عمليات القتل والإعدام للأطفال والنساء والرجال والشيوخ، للصحفيين والمسعفين وآخرهم المسعفة ملاك الرحمة، رزان النجار بدم بارد من قبل ضباط وجنود جيش الموت الإسرائيلي، اولئك الذين خرجوا في مسيرة العودة المتواصلة تعبيرا عن تمسكهم بحقوقهم وثوابتهم الوطنية وفي مقدمتها حق العودة المقدس بشكل سلمي.
الجريمة الإسرائيلية الجديدة تستدعي من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وحكومتها التصدي للجريمة الإسرائيلية الجديدة من خلال الآتي: أولا ملاحقة إسرائيل أمام المحاكم والمحافل الدولية لإلزامها بعدم المساس بأموال المقاصة الفلسطينية؛ ثانيا ضرورة تسريع الخطى في أطر ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية للبحث العلمي المتخصص في أحد خيارين وفقا للمعايير الوطنية والدولية إما إلغاء اتفاقية باريس الاقتصادية، أو إعادة النظر في بنائها المالي والاقتصادي وفقا لما قرره المجلس الوطني في دورته الـ23 الأخيرة، بالإضافة لقرارات دورتي المجلس المركزي الـ27 و28 السابقتين للمجلس الوطني؛ ثالثا تعزيز الوجود الفلسطيني في وعلى المعابر الحدودية، وقيام موظفي الدولة الفلسطينية ذات الاختصاص بالجباية المباشرة إن أمكن ذلك؛ رابعا مطالبة العالم وخاصة أقطابه الأساسية بالتلويح لإسرائيل بفرض عقوبات مالية واقتصادية في حال لجأت لأسلوب القرصنة؛ خامسا ويمكن اللجوء للدول الشقيقة، التي تتعامل مع إسرائيل دبلوماسيا واقتصاديا وتجاريا لذات السياسة، التي تمارسها دولة الاستعمار الإسرائيلية، بمعنى الخصم من المبادلات التجارية لصالح موازنة دولة فلسطين، أو استخدام الأشقاء العرب تعاونهم مع إسرائيل لثنيها عن ارتكاب تلك الجريمة.
وإن كان العالم معنيا بالسلام والأمن الإقليميين فعليه إعادة النظر في سياساته تجاه إسرائيل الاستعمارية، والتقدم خطوة للأمام لفرض الحل السياسي، وإلزام إسرائيل بالانسحاب من أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194 لديارهم وأراضيهم، التي طردوا منها عام النكبة 1948، وفرض السلام العادل والممكن المقبول فلسطينيا وعربيا. فهل يفعلها العالم ويخرج من تحت العباءة الأميركية لينسجم مع قوانين ومواثيق وقرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام؟