تقرير: فاطمة المجذوب| خاص موقع "فلسطيننا"

"فلسطين لا تحزني يا زينة البلدان، فيكِ رجال وفيكِ زينة الشُّجعان، يا روحنا يا غالية لي جافيتينا، نحنا قَلِبنا فيكِ هيمان، ردّي رجالنا يلي فينا مكفينا، يا عين لا تبكي ويا قلب بكفيك أحزان، بكرا رح يجي يوم ونرجع على وطنّا".

بهذه الأهازيج استقبلتنا الحاجّة آمنة أحمد القبلاوي (85 عامًا)، من بلدة الزيب، وبدموعها الممزوجة بالفرح والغصّة إذ استرجعت في تلك اللحظات تفاصيل خروجها من ديارها، وكم طالت السنين وهي بعيدةٌ عن منزلها. هي لحظاتٌ رأيناها بأُمِّ أعيُنِنا حينما شاهدنا دموعها وسمعنا كلماتها، وفي حديثنا معها أخذتنا الحاجة آمنة إلى فلسطين حيث قالت لموقع "فلسطيننا": "طفولتي التي عِشتُها في فلسطين كانت أجمل مراحل حياتي، فقد كان كلُّ طعامنا من خيرات أرض فلسطين، وكنا نتعلَّم كيفية الحياكة بالمكّوك وبالصّنارة ونطرّز "الكنفا". قضيتُ خمسة عشر عامًا في الوطن، واليوم أتمنّى لو أنَّ يومًا واحدًا منها يعود".

وتابعت القبلاوي: "تهجَّرنا إلى بلدان ومناطق عِدّة وفي آخر المطاف حطَّت الرّحال بنا في مخيّم عين الحلوة. ورغم وجع الطرد القسري من ديارنا، أعدنا بناء حياتنا في مخيّمات اللجوء، فنصبنا الخيم وأقمنا فيها وتحمَّلنا شدّة الحر وانتشار الحشرات في الصيف، وقسوة البرد في الشتاء حيث كانت الأمطار تجتاح فراشنا في الخيمة والرياح تقتلعها من مكانها.. لقد كانت محطَّةً مليئةً بالعذاب والمعاناة من كلِّ حدبٍ وصوبٍ."

أمَّا الحاجة مريم فتح الله عبدالحميد، والتي تكبر النّكبة بِثمانية عشر عامًا، فقد خرجت من فلسطين تُجيد القراءة والكتابة، بحكم التحاقها بالمدرسة في وقتٍ كان يندر فيه التحاق الفتيات بالمدارس.

وكغيرها من اللاجئين، تهجَّرت مريم إلى مخيّم عين الحلوة، فلم تستطِع متابعة تحصيلها العِلميّ، لكنَّها تمكَّنت من المحافظة على العادات والتّقاليد التي حملتها معها كالخَبْزِ على "الفُرنيّة"، والحياكة، وتخليل الزيتون وصناعة المربَّيات.

وقد اختيرَت عبدالحميد منذُ فترة للمشاركة في ندوةٍ حول النكبة والعودة في الولايات المتحدة الأمريكية، وحول ذلك تقول: "اختاروني بناء على معرفتي الدقيقة بما يتعلَّق بالنكبة الفلسطينيّة وما ارتكبه العدو من مجازر وتنكيل وظلم بحقِّ شعبنا الفلسطيني، وبعد أن كان مُقرَّرًا أن أتحدَّث في الندوة عن النكبة الفلسطينيّة وعن التهجير والقتل الذي مارسه العدو الصهيونيّ بحق أبناء شعبنا وصولاً إلى طردنا من أرضنا وإقامة كيان غير شرعي عليها، رفض المنظِّمون أن أتحدَّث عن العودة إلى فلسطين، وعدم أحقية العدو الصهيونيّ في الوجود، فانسحبتُ أنا وعدّة أشخاص مؤكِّدين موقفَنا بأنَّ مرور سبعة عقود على النكبة لن يُنسينا أرضنا وحقَّنا في العودة إليها وتحريرها من مُغتصبيها".

واليوم بعد مرور سبعين عامًا لا يزال الشعب الفلسطينيّ بكلِّ فئاته مُتمسِّكًا بِحقِّ العودة، ويواصل اثبات ذلك منذُ عشرات السنوات عبر المظاهرات والمواجهات وتقديم كمٍّ هائلٍ من الشّهداء، ورغم كلِّ الألم والتضحيات التي قدَّمها الشّعب الفلسطينيّ، فإنَّه مستمرٌّ بالمقاومة والنضال حتى النّصر لأنَّ لا شيء يُعوِّضه عن فلسطين.