بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ ساعات صباح اليوم الجمعة، بتعزيز تواجدها على امتداد الحدود الشرقية لقطاع غزة، ونشرت مزيدا من القناصة على التلال الرملية التي عكفت طوال أمس على إقامتها.

ويعتبر اليوم، الجمعة الأخيرة، التي تسبق مسيرة العودة الكبرى التي ستنطلق الاثنين المقبل من كافة المناطق الفلسطينية ومخيمات الشتات احتجاجًا على نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة في الذكرى السبعين لنكبة الشَّعب الفلسطيني وإقامة دولة الاحتلال.

وفي الوقت الذي عززت فيه قوات الاحتلال من تواجدها بشكل غير مسبوق على امتداد الشريط الحدودي بدأ الآلاف من المواطنين في التوافد إلى خيام العودة في النقاط الخمسة التي حددتها اللجنة المشرفة على المسيرة منذ الثلاثين من آذار الماضي.

ففي بلدة خزاعة شرق محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، النقطة الأكثر سخونة، شهدت الخيام بدء توافد المواطنين منذ ساعات الصباح للتأكيد على رفضهم لسياسة القمع التي تتبعها قوات الاحتلال الإسرائيلي في التصدي لمتظاهرين عزل يرفعون العلم الفلسطيني، ويرددون هتافات تؤكِّد على حقهم في العودة إلى أراضيهم التي سلبت بقوة السلاح.

المواطن محمد أبو عليان (35 عامًا) من بني سهيلا، جاء على دراجته الهوائية إلى الخيام للمشاركة في مسيرة العودة، مؤكداً أن العودة "حق مقدس" لا يمكن التنازل عنه مهما تكالبت علينا الدول الكبرى.

وقال أبو عليان وهو يجلس داخل إحدى الخيام، جئت اليوم إلى هنا للتأكيد على تمسكنا بأرضنا المحتلة"، مشددًا على أن "الكبار يموتون والصغار لا ينسون".

وأكَّد إنَّه لم يتأخر ولو للحظة عن المشاركة في المسيرات التي بدأت في الثلاثين من آذار الماضي لإحياء الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض الخالد، مشددًا على موصلة مشاركته في المسيرة حتى الثلاثاء المقبل والذي يصادف الذكرى السبعين لنكبة فلسطين.

ومن شرق مخيم خان يونس جاء المواطن عصام صافي برفقة أبنائه إلى خيام العودة التي وصفها بـ"بخيام التحرير".

وتابع صافي الذي هجر والده من بلدة عبدس التي تقع إلى الشرق من المجدل، إنَّ مشاركته في مسيرة العودة جاءت للتأكيد على حق العودة والإصرار على إفشال كافة المؤامرات التي تحاك ضد القضية الفلسطينية.

وقال: إيماني بالله وبعدالة قضيتنا قوي وسنعود إلى أرضنا ونأكل من ثمار شجرتي الجميز والتين اللواتي غرسهما جدي عبد العزيز، وكنَّا حتَّى فترة الثمانينيات نذهب مع أفراد العائلة إلى بلدتنا عبدس ونأكل من ثمارها.

وأعادت الذاكرة بالمواطن صافي في إحدى الزيارات التي كانت تقوم بها العائلة للبلدة، إنَّ عمه إسماعيل احضر حفنة من التراب من أرضهم للتأكيد على حبه وانتمائه لأرضه التي لا يمكن لأي قوة في الأرض إنَّ تمنعه من حقه في العودة إلى أرضه وبلدته الأصلية.

وتابع صافي: توّحد اليوم أبناء شعبنا تحت العلم الفلسطيني وحق العودة المقدس الذي لا يمكن لأي فلسطيني التنازل عنه"، لافتا إلى أن مشاركته جاءت أيضا رفضا لإعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وأكَّد أهمية المشاركة في مسيرات العودة التي تهدف إلى إعادة القضية الفلسطينية إلى أولويات المجتمع الدولي، مشددًا على عروبة مدينة القدس وأنَّها رغم كل المؤامرات سنبقى العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية.

وشدَّد صافي على أنَّ الخيام ستبقى شاهدة على معاناة الشَّعب الفلسطيني، الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي المتنكر لحقنا في الوجود على هذه الأرض".

وأوضح عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وعضو اللجنة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار عصام أبو دقة، إنَّ اليوم الجمعة يوم للإعداد ووضع كافة الترتيبات للمسيرة المليونية الكبرى التي ستنطلق الاثنين المقبل رفضًا للقرار الأميركي المعادي لشعبنا والقاضي بنقل السفارة الأميركية للقدس.

وتابع إنَّ مسيرة العودة جاءت للتأكيد على عروبة مدينة القدس وإرسال رسالة للمجتمع الدولي برفض القرار الأميركي الجائر وعدم اتخاذ أية خطوات تخالف قرارات الشرعية الدولية على تؤكد على إنَّ مدينة القدس محتلة.

وأكَّد إنَّ مسيرة العودة ستحافظ على طابعها السلمي لعدم إعطاء ذرائع للاحتلال لارتكاب المزيد من المجازر بحق شعبنا الأعزل، مشيرًا إلى إنَّ الاحتلال اتبع خلال الفترة الماضية سياسة القوة واستخدام كافة أنواع الأسلحة بحق مواطنين عزل.

وطالب أبو دقة، المجتمع الدولي بتطبيق قرارات الشرعية الدولية والتي تنص على حق شعبنا في العودة وتقرير المصير وفق القرار الأممي "194" ورفع الحصار الجائر عن القطاع.

ويحيي شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات في الخامس عشر من أيار من كل عام ذكرى النكبة التي ألمت به في العام 1948، وأدت إلى تهجير شعبنا من مدنه وقراه، واحتلال أكثر من 80% من فلسطين التاريخية، وتشريد نحو 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية، وقطاع غزة، والدول العربية المجاورة، فضلاً عن تهجير الآلاف من الفلسطينيين عن ديارهم، رغم بقائهم داخل نطاق الأراضي التي أخضعت لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك من أصل 1.4 مليون فلسطيني، كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 في 1300 قرية ومدينة فلسطينية.

وتشير البيانات الموثقة إلى أن الإسرائيليين سيطروا خلال مرحلة النكبة على 774 قرية ومدينة، حيث قاموا بتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية، كما اقترفت قوات الاحتلال أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين، أدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة، حيث انتهجت إسرائيل سياسة (أطلق النار لتقتل)، وعلى أثر هذه الأعمال فإنّ 50% من اللاجئين قد تمّ تهجيرهم قبل بدء حرب عام 1948.

وتصادف هذه الذكرى، هذا العام مع تحركات دولية لتصفية القضية الفلسطينية والتنازل عن حقوقه المشروعة، وتنفيذ الإدارة الأميركية قرارها المعادي لشعبنا والمتنكر لحقوقه بنقل سفارتها إلى القدس.

وأشارت إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية إلى أنَّ عدد الشهداء بلغ منذ الجمعة الأولى لمسيرة العودة في الثلاثين من آذار الماضي 47 شهيدًا وإصابة 8536 بجروح مختلفة واختناق بالغاز، وتم التعامل مع 4589 من الإصابات في المكان.