اعتراف الرئيس الأمريكي ترمب بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل وعزمه نقل العاصمة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس مخالفة صريحة لكل الأعراف والقوانين الدولية.
رغم مرور 38 عاماً على قرار الاحتلال الإسرائيلي ضم الجزء الشرقي من مدينة القدس إليها عام 1980، والذي احتلته بعد حرب يونيو (حزيران) 1967 وإعلان المدينة عاصمة لها، إلا أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لا يعترف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، ويعتبر القدس الشرقية جزءاً من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
بتاريخ 29/11/1947م اتخذت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة قرار رقم: 181(2) الذي نص على إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيمها إلى دولتين مع الحفاظ على إتحاد اقتصادي بينهما وتحويل القدس بضواحيها إلى وحدة إقليمية مستقلة ذات وضع دولي خاص.
من هنا نرى بأن الحل الجذري للمشكلة الفلسطينية لا يكمن تحقيقه إلا على أساس قرار 181 الذي يمنح كلا شعبي فلسطين حق الوجود المستقل المتكافئ، إلا أن إسرائيل منذ قيامها حتى تاريخه تستمر بخرق أصول ميثاق هيئة الأمم المتحدة، الذي يطالب بالاعتراف بحق كل شعب في تقرير المصير والسيادة الوطنية والاستقلال، وعلاوة على ذلك استمرارها غير المبرر في احتلال أراضي الغير المجاورة لحدودها عن طريق شنها للحروب المتعاقبة، ففي عام 1967 اتخذ مجلس الأمن قرار رقم 242، الذي نص على سحب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها خلال حرب حزيران 1967 وضرورة إحلال سلام وطيد عادل في الشرق الأوسط، وبما أن الاحتلال الإسرائيلي بقي على الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية، قطاع غزة، والقدس الشرقية) فإن البت في مستقبلها بعد انسحاب القوات الإسرائيلية ليس مجرد مهمة إنسانية بل هي قضية ذات طابع دولي سياسي صرف ولها علاقة مباشرة بمسألة إحقاق الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وتبدي الأوساط الحاكمة الإسرائيلية "حرصها" بخاصة على القدس التي أعلنت إسرائيل قسمها الغربي بصورة غير مشروعة عاصمة لها منذ عام 1950، وكانت هذه الخطوة المخالفة للقانون قد رفضت بحزم من جانب المجتمع الدولي، وفي 7 يونيو 1967 احتلت "إسرائيل" مدينة القدس بأكملها، عقب عدوانها الذي بدأ في 5 يونيو من نفس العام، وفي أغسطس عام 1980 أقدمت "إسرائيل" على ضم القدس المحتلة، واعتبرتها عاصمتها الموحدة.
وإذا لاحظنا تاريخ الضم، ضم "إسرائيل" لمدينة القدس، وكذا تاريخ ما أقدم عليه الكنيست الإسرائيلي من تشريع القانون الأساسي، الذي فحواه: أن القدس عاصمة "إسرائيل"، حيث نصت المادة الأولى منه على أن: «القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة "إسرائيل"» (30 يوليو 1980)، وهو «القانون/التشريع» الذي قام على أساسه الضم، نقول: إذا لاحظنا هذا وذاك، يتبدى واضحاً أن "إسرائيل" وإن كانت، خلال سلامها مع مصر تخفي مطامعها في تكريس ضم القدس نهائياً وتوحيدها تحت السيادة الإسرائيلية؛ فإنها فيما يبدو لم تعد تجد حاجة لإخفاء شيء بعد التوقيع على المعاهدة «المصرية - الإسرائيلية» في26 مارس 1979.
واستناداً إلى قانون الكنيست المشار إليه، أصبحت "إسرائيل" تعتبر السيادة الكاملة على القدس حقاً لها، لا ينازعها فيه أحد، ضاربةً بعرض الحائط القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن، إما تحذيراً لها من مغبة اتخاذ قرار كهذا (القرار رقم 476)، أو استنكاراً للقرار الإسرائيلي واعتباره باطلاً وفقاً لـ «الشرعية الدولية» (القرار رقم 478).
والواقع، أن هذه لم تكن المرة الأولى التي تضرب فيها "إسرائيل" بعرض الحائط القرارات الدولية، إذ يمثل قرار "إسرائيل" باتخاذ القدس عاصمة أبدية لها، تحدياً صارخاً للشرعية الدولية وقراراتها. وفي مقدمتها: القرار رقم 250 لعام 1968، والقرار رقم 253 لعام 1968، الذي اعتبر جميع الإجراءات الإدارية والتشريعية التي قامت بها "إسرائيل"، بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك التي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير في الوضع القانوني للقدس، إجراءات باطلة.
القرارات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي التابعة لهيئة الأمم المتحدة بشأن القدس "للذكر لا الحصر" هي:
1- قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 (د2) بتاريخ 29 تشرين الثاني 1947 .
2- قرر الجمعية العامة رقم 273 (د3) بتاريخ 11 أيار 1949، قبول إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة.
3- قرار الجمعية العامة رقم 303 (د4) بتاريخ 9 كانون الأول 1949، إعادة تأكيد وضع القدس تحت نظام دولي دائم.
4- قرار الجمعية العامة رقم 2253 (الدورة الاستثنائية الطارئة -5) بتاريخ 4 تموز 1967، دعوة إسرائيل إلى إلغاء التدابير المتخذة لتغيير وضع مدينة القدس والامتناع منها في المستقبل .
5- قرار الجمعية العامة رقم 2254 (الدورة الاستثنائية الطارئة -5) بتاريخ 14 تموز 1967، إبداء الأسف للتدبير التي اتخذتها إسرائيل لتغيير وضع مدينة القدس .
6- قرار الجمعية العامة رقم 2851 (د26) بتاريخ 20 كانون الأول 1971، مطالبةً إسرائيل بأن تلغي جميع الإجراءات لضم أو استيطان الأراضي المحتلة، والطلب من اللّجنة الخاصة الاستمرار في عملها .
7- قرار الجمعية العامة رقم 2949 (د27)بتاريخ 8 كانون الأول 1972، التعبير عن القلق الشديد لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، ومناشدة الدول جميعًا ألا تعترف بالتغييرات التي قامت بها إسرائيل في الأراضي العربية المحتلة وأن تتجنب أعمالاً بما في ذلك المعونة التي يمكن أن تشكل اعترافًا بذلك الاحتلال .
8- قرار الجمعية العامة رقم 35/207 بتاريخ 16كانون الأول 1980، إدانة العدوان الإسرائيلي على لبنان والشعب الفلسطيني بشدة، والتأكد من جديد على الرفض الشديد لقرار إسرائيل بضم القدس .
9- قرار الجمعية العامة رقم A/ES-10/L.22 بتاريخ 21 كانون الأول 2017، الذي يطالب الجميع بعدم تغيير طابع مدينة القدس الشريف أو مركزها أو تركيبتها الديمغرافية، ويؤكد أن أي قرار ينص على ذلك هو لاغ وباطل وليس له أي أثر قانوني، ما اعتبر صفعة لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
10- قرار مجلس الأمن رقم 250 (1968) بتاريخ 27 نيسان 1968، دعوة إسرائيل عن الامتناع عن إقامة العرض العسكري في القدس .
11- قرار مجلس الأمن رقم 251 (1968) بتاريخ 2 أيار 1968، إبداء الأسف العميق على إقامة العرض العسكري في القدس .
12- قرار مجلس الأمن رقم 252 (1968) بتاريخ 21 أيار 1968، دعوة إسرائيل إلى إلغاء جميع إجراءاتها لتغيير وضع القدس .
13- قرار مجلس الأمن رقم 267 (1969) بتاريخ 3 تموز 1969، دعوة إسرائيل مجدداً إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس .
14- قرار مجلس الأمن رقم 271 (1969) بتاريخ 15 أيلول 1969، إدانة إسرائيل لتدنيس المسجد الأقصى، ودعوتها إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس.
15- قرار مجلس الأمن رقم 298 (1971) بتاريخ 25 أيلول 1971، الأسف لعدم احترام إسرائيل لقرارات الأمم المتحدة الخاصة بإجراءاتها لتغيير وضع القدس .
16- قرار رقم 465 (1980) بتاريخ 1 آذار 1980، مطالبة إسرائيل بتفكيك المستوطنات والتوقف عن التخطيط للمستوطنات وبنائها في الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس.
17- قرار رقم 476 (1980) بتاريخ 30 حزيران 1980، إعلان بطلان الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل لتغيير طابع القدس.
18- قرار مجلس الأمن 478 (1980) بتاريخ 20 آب 1980، عدم الاعتراف بـ "القانون الأساسي" بشأن القدس ودعوة الدول إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية منها.
19- قرار رقم 2334 (2016) بتاريخ 23/12/2016 عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967م.