هرمت الحاجة خديجة عوض ولم تلن عزيمتها حين تنطلق صباحًا قبل أن تجف قطرات الندى عن نباتات الشومر البرية التي تزين جبال سلفيت، تعد لمن يجمعها ركيزة مهمة من ركائز الاقتصاد الأسري حيث يصل سعر الكيلو منه إلى نحو ثلاثين دولارًا رغم المشاق الجمة التي تكابدها الحاجة خديجة والعديد من المواطنين خلال عملية قطافه التي تبدأ مع انتصاف شهر أيلول.

ورغم المخاطر الكبيرة كما تقول الحاجة خديجة، فالأفاعي والخنازير البرية باتت تهدد حياة ممتهني قطف الشومر البري، إلا أنَّ الحاجة خديجة سعيدة تقوم بعملها رغم الصعاب التي ترافق موسم الشومر ولا تكل عن الخروج يوميًّا لتتمتع بجمال الطبيعة.

وكأي تقليد خطه الأجداد، ما زال الحاج أبو حسام العريض "85 عامًا" مصراً على التمسك بكل تفاصيل هذا الموسم ابتداءً من قطفه صباحًا وانتهاءً بطحنه، رافقناه في وادي المطوي أحد أهم  المحميات المائية في سلفيت التي تعد قبلة الباحثين عن هذا النبات حيث يستطيع الشخص أن يجمع حوالي كيلو ونصف الكيلو فقط من أجراس الشومر، كما يقول الحاج العريض: وزنها خفيف ويتم تجفيفها لعدة أيام، ثمَّ فركها واستخلاص البذور الصغيرة الصافية منها، فتجمع بعد ذلك وتغربل مرة أخرى لبيعها نظيفة.

ويُستخدم الشومر البلدي في صناعة الحلويات كالكعك، وكشراب ساخن طيب المذاق، ويُعد من الأعشاب الطبية المعالجة لكثير من الأمراض.

ويقول الحاج أبو حسام إن الشومر البري من النباتات التي يواظب على قطفها سنوياً منذ أن كان طفلاً إلى جانب العديد من النباتات البرية التي تنعم بها طبيعة سلفيت السخية بما تحويه من خيرات تسند أبناءها في معيشتهم وتكون لهم غذاء ودواء على حد سواء.

وعرف القدماء الشومر البري، وزَرَعه الرومان، جاء ذكر الشومر في كتب الطبخ والطب، كذلك جاء ذكر الشومر في السجلات الزراعية الاسبانية المؤرخة. ولعب الإمبراطور شارلمان دورًا مهماً في نشر زراعة الشومر ودخوله وسط أوروبا حيث كان يعجب بزراعة الشومر في حدائق الإمبراطورية.

يمكن مضغ نبات الشومر الطازج بعد وجبات الطعام لتسهيل عملية الهضم والتخلص من رائحة الفم، حيث يوجد في مكونات زيت الشومر الطازج مواد طيارة، تعمل على تحفيز المعدة لتفرز مواد هاضمة، وهذا يحد من الالتهابات في المعدة، و يساعد على امتصاص المواد الغذائية بشكل جيد.

وله خصائص طرد الغازات من الجسم وتنظيف الأمعاء، كما يعمل على تأمين حركة مستمرة للأمعاء التي تمنع حدوث إمساك.

كما يحتوي الشومر على مجموعة من الأحماض الأمينية، ويعتبر الحديد أحد مكونات هيموجلوبين الدم، ويعمل الهستيدين على تحفيز إنتاج الهيموجلوبين ومكونات أخرى للدم.

ويساعد في الحد من المغص الكلوي، ويعمل على تهدئته، وله تأثير كبير في شفائه.

كما يحتوي الشومر الطازج على مواد وزيوت طيارة لها خصائص طرد البلغم والتخلص منه ولذلك يعتبر مفيداً جداً لعلاج السعال والتهاب واحتقان القصبات الهوائية، فهو يدخل في تصنيع أدوية السعال مع اليانسون.