دعا رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين عيسى قراقع وفد المحكمة الجنائية الدولية الذي يزور فلسطين ومكون من مدعين تابعين لها، الى الاسراع في فتح تحقيقات حول جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ترتكبها سلطات الاحتلال بحق الاسرى بالسجون في ظل حالة تصعيد اسرائيلية غير مسبوقة بحق الاسرى وعلى ضوء استشهاد الاسير ياسر حمدونة نتيجة الاهمال الطبي .

وطالب قراقع في بيان له اليوم السبت، وفد المحكمة بزيارة للسجون ومراكز التحقيق والمحاكم العسكرية الاسرائيلية.

وقال "ان حكومة الاحتلال تخالف وتنتهك ميثاق روما للمحكمة الجنائية واتفاقيات جنيف والقانون الدولي الانساني، في تعاملها مع الاسرى في سجون الاحتلال، وترتقي مخالفات اسرائيل الى مستوى جرائم الحرب، وان هذه الجرائم تتوافق مع حالة التحريض المتطرفة من قبل الحكومة الاسرائيلية على الاسرى وهيمنة الخطاب العنصري والعدائي على السياسة الاسرائيلية، وفي ظل وضع الممارسات الاسرائيلية التعسفية بحق الاسرى في اطار التشريع والقانون.

واضاف "ان القيادة الفلسطينية ومؤسسات حقوق الانسان سلمت وفد المحكمة الكثير من المعلومات والتقارير عن جرائم اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وان على وفد المحكمة والمدعي العام ان يبدأوا بفتح تحقيقات في قضايا ارتكبت فيها جرائم ومخالفات واضحة ومحددة، لأن هذه الجرائم ما زالت مستمرة.

واوضح قراقع ان حكومة الاحتلال لا تضع في قوانينها الخاصة اية عقوبات ضد ارتكاب جرائم الحرب من قبل جنودها ومستوطنيها، وان معظم الشكاوي المرفوعة الى الجهاز القضائي الاسرائيلي من قبل الفلسطينيين قد تم اغلاقها.

ولخص قراقع اهم الجرائم والمخالفات التي تجري بحق الاسرى وهي:

 

حملات الاعتقال الواسعة ضد المدنيين:

لقد اعتقلت سلطات الاحتلال منذ بداية عام 2016 اكثر من 5000 حالة اعتقال وان 99% من الاعتقالات التي تقوم بها سلطات الاحتلال تشمل السكان المدنيين ودون تمييز ومن كافة شرائح وفئات المجتمع الفلسطيني ودون مراعاة حقوق السكان في الاراضي المحتلة كسكان محميين وفق اتفاقيات جنيف الرابعة.

وباتت الاعتقالات الوسيلة الاكثر قمعا وقهرا وخرابا للمجتمع الفلسطيني، وان هناك تلازما قاسيا بين الاعتقالات والتعذيب والتدمير والعقوبات الفردية والجماعية والتي تشمل هدم منازل ، احتجاز جثامين الشهداء، اقامات منزلية، ابعاد، فرض غرامات مالية، حرمان من السفر وغيرها.

وتستهدف حملات الاعتقال ودون تمييز تهجير السكان الفلسطينيين واحباطهم وطردهم والتخلي عن حقوقهم في وطنهم وتعميق وتكريس الاحتلال في حياة الشعب الفلسطيني.

 

الاعتقال الاداري التعسفي:

لقد وسعت دولة الاحتلال في استخدامها للاعتقال الإداري، دون تهمة أو محاكمة، كبديل سهل عن الاجراءات الجنائية، وتحت ما يسمى "الملف السري" الذي لا يسمح للمعتقل أو لمحاميه بالاطلاع عليهن واصدرت منذ العام 1967 أكثر من (50) ألف قرار بالاعتقال الإداري "ما بين قرار جديد أو تجديد الاعتقال الإداري"، منها مايزيد عن (26) ألف قرار منذ العام 2000، مما جعله وسيلة للعقاب الجماعي وهذا يُعتبر جريمة حرب من منظور القانون الدولي، وفي السنوات الأخيرة صعدت من اللجوء لاستخدامه بشكل لافت بنسبة تزيد عن 50% عن العام الماضي، ونسبة تصل الى 100% عن العام 2014، مما رفع عدد المعتقلين الإداريين في السجون الى نحو سبعمئة وخمسين معتقل اداري، وأن 60% منهم قد جدد لهم الاعتقال الإداري لأكثر من مرة.

وفي سابقة خطيرة تعتبر جريمة مركبة لجأن منتصف حزيران/يونيو الماضي الى تحويل الاسير الفلسطيني "بلال كايد" الى الاعتقال الإداري بعد انتهاء محكوميته البالغة أربعة عشر سنة ونصف، مما دفعه الى خوض الاضراب المفتوح عن الطعام لواحد وسبعين يوما متواصلة احتجاجا على ذلك.

 ان الاضرابات عن الطعام ضد الاعتقال الاداري تواصلت منذ عام 2011 فرديا وجماعيا ، وكان آخرها اضراب الاسرى الثلاثة محمد ومحمود البلبول ومالك القاضي  الذي استمر 80 يوما ، ولا زال اسيرين  يخوضان اضرابا عن الطعام ضد اعتقالهم الاداري وهم : احمد ابو فارة وانس شديد.

 

اعتقال القاصرين:

ان دولة الاحتلال لم تميز في اعتقالاتها ولم تفرق في انتهاكاتها وجرائمها وإجراءاتها التعسفية، فاعتقلت الأطفال والفتيات والأمهات وغيرهم من فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني، لكن الملف كان الارتفاع اللافت في استهداف الأطفال الفلسطينيين وممن تقل أعمارهم عن الـ18 سنة، اذ سُجل منذ مطلع العام الجاري 2016 اعتقال قرابة (1000) ألف طفل قاصر تتراوح أعمارهم ما بين 11-18 سنة. وهذه تشكل زيادة كبيرة جدا تصل إلى مايزيد عن 80% عن ذات الفترة المستعرضة من العام الماضي 2015. والأخطر تحويل بعضهم للاعتقال الإداري، ومحاكمة البعض الآخر وفرض غرامات مالية باهظة عليهم ورفع سقف عقوبة السجن بحقهم استنادا لقوانين شرعها الكنيست الإسرائيلي بهدف الانتقام من هؤلاء الأطفال وتدمير واقعهم ومستقبلهم.

ولعل اللافت أيضا، هذا الاستهداف غير المبرر للمواطنين والزج بهم في السجون بتهمة نشر منشورات او صور لشهداء وأسرى، اعتبرتها تحريضية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث جرى اعتقال قرابة (75) خمسة وسبعين مواطنا ومواطنة من مجموع نحو (200) مئتي مواطن ومواطنة تم اعتقالهم لذات السبب منذ بدء "الهبة الجماهيرية" الفلسطينية في أكتوبر الماضي.

علاوة على فرض ما يُعرف بـ "الحبس المنزلي" والابعاد عن مدينة القدس لفترات محدودة (ذكورا واناثا)،مصحوبة بغرامات مالية باهظة. وذلك بهدف تقييد حرية الأشخاص كبديل عن السجن. ووصل عدد الاطفال المقدسيين الذين صدرت بحقهم احكام بالحبس المنزلي منذ مطلع العام الجاري الى ما يقارب (70) سبعين طفلا. ويقصد بـ "الحبس المنزلي" بفرض أحكام من قبل المحكمة تقضي بمكوث الطفل فترات محددة داخل بيته أو في بيت غير بيت الأسرة، وبتعهد أحد أفراد الأسرة، مما جعل بيوت المقدسيين الى سجون، وحوّل الآباء والأمهات إلى سجانين ومراقبين ومنع أبنائهم من الخروج من البيت حتى للعلاج أو الدراسة.!

 

الاعدام بدل الاعتقال:

ولعل ابرز مظاهر الاجرام الاسرائيلي الآخذة بالاتساع منذ اندلاع "الهبة الجماهيرية" تتجلى في سياسة الاعدامات الميدانية والتصفية الجسدية لعشرات المواطنين بدلا من الاعتقال، واللجوء للقتل العمد للمواطنين الفلسطينيين الأبرياء لمجرد الاشتباه ومن ثم تتذرع بالأسباب.

جنود الاحتلال اعدموا فلسطينيين بدم بارد ولمجرد الاشتباه، وتصرفوا كقضاة وجلادين في آن واحد، وان كثير من المشاهد التي صورت وبثت عبر وسائل الاعلام خاصة منذ شهر اكتوبر عام 2015 اظهرت ان الجنود الاسرائيليين اعدموا فلسطينيين لم يشكلوا خطرا عن حياتهم، وكان بالامكان تحييدهم والسيطرة عليهم واعتقالهم.

وتبين لنا ان عدد من الشهداء تركوا ساعات طويلة ينزفون حتى اسشتهدوا دون تقديم العلاج لهم او نقلهم الى المستشفيات.

 

الاهمال الطبي:

وقد تصاعد عدد الاسرى المرضى في سجون الاحتلال بين اعوام 2014 -2015 وخلال اندلاع الهبة الشعبية في شهر تشرين الثاني 2015 واعتقل العشرات من الجرحى والمصابين بالرصاص خلال ذلك ، إذ يوجد 1800 حالة مرضية بالسجون من بينها 120 حالة مصابة بامراض خطيرة كالسرطان والقلب والفشل الكلوي والاعاقات والشلل وغيرها من الامراض.

ومنذ عام 2010 سقط 10 شهداء من الاسرى بسبب اصابتهم بأمراض صعبة داخل السجون وعدم تقديم العلاج لهم وهم ميسرة ابو حمدية ، وحسن ترابي ، واشرف ابو ذريع وزهير لبادة ، وزكريا عيسى ، وفادي الدربي، وجعفر عوض، وغسان الريماوي، ونعيم شوامرة وياسر حمدونة.

الجرائم الاسرائيلية والمخالفات الجسيمة بحقهم وضعتها حكومة الاحتلال في إطار القانون من خلال تشريع قوانين تعسفية ضد الاسرى لتصبح الجرائم والممارسات الاسرائيلية تحت غطاء القانون، ومنها قانون رفع الاحكام بحق الاسرى الاطفال، وقانون اعتقال الاطفال من عمر 12 عاما، وقانون التغذية القسرية بحق الاسرى المضربين، وقانون اعفاء رجال المخابرات من توثيق التعذيب وغيرها من القوانين الجائرة.

 

التعذيب:

التعذيب والمعاملة المهينة يعتبر سياسة دائمة ومستمرة بحق الاسرى ويبدأ منذ لحظة اعتقالهم، ويحظى التعذيب بغطاء قانوني من قبل الهيئات القضائية الاسرائيلية والمحققون يحظون بحصانة قانونية، وقد سجل ارتفاع حاد في ممارسة التعذيب منذ حزيران 2014 حيث تضاعف عدد الشكاوي ضد محققي الشاباك بنسبة 400% في عام 2014 عما كان عليه في عام 2012، و200% عما كان عليه في 2013.

ولم تقم سلطات الاحتلال بإجراء اي تحقيق جنائي بشأن ممارسات التعذيب بل ان أغلبية الشكاوي بهذا الصدد قد تم اغلاقها.

 

نقل المعتقلين الى سجون داخل اراضي الدولة المحتلة:

يشرعن القانون العسكري الاسرائيلي وانظمة الطواريء نقل المعتقلين والاسرى الفلسطينيين الى داخل اراضي الدولة المحتلة (اسرائيل) كما يسمح القانون العسكري بإجراء محاكمات اعتقال عسكرية داخل نقوذ الدولة المحتلة وليس حصرا بالمناطق المحتلة نفسها، ويقبع الاسرى والسجناء الفلسطينيين في سجون داخل منطقة الدولة المحتلة عدا عن نسبة ضئيلة تتواجد في سجن عوفر وهو السجن الوحيد الموجود على اراضي فلسطين المحتلة. ان نقل الاسرى داخل حدود الدولة المحتلة يشكل انتهاكا فظا للقانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان.

ووجود الاسرى في سجون داخل حدود دولة اسرائيل المحتلة ادى الى ارتكاب انتهاكات عديدة من ابرزها حق المعتقلين بنيل تمثيل قانوني لائق والمرافعة وسط اجراءات عادلة ونزيهة ومنصفة فالتداول القضائي داخل اسرائيل يلزم المحامي الفلسطيني طلب تصريح دخول لحضور الجلسة ولزيارة الاسير وتحضيره للمرافعة القانونية، هذا في ظل منع العديد من الفلسطينيين من الدخول الى اسرائيل تحت حجة اسباب امنية.

كما يخلق هذا الوضع صعوبات كثيرة امام اهالي الاسرى بزيارة ابنائهم او حضور المحاكمات، خاصة ان عدد كبير من عائلات الاسرى منعت من زيارة ابنائها.