ضباط ضد التطرف

اللواءآفي زمير، رئيس شعبة القوى البشرية المنصرف، يدعو الى وقف الانجراف في الجيشالاسرائيلي في اتجاه التطرف الديني. في وثيقة بعث بها الى رئيس الاركان والىالألوية، نشر عاموس هرئيل مضمونها في "هآرتس" أمس، دعا زمير الى اعادةترتيب علاقات العلمانيين – المتدينين في الجيش.

فيشعبة القوى البشرية في الجيش الاسرائيلي يعيش بجيرة وبعداء سلاحان شاذان – التعليموالحاخامية العسكرية. لم يعد يوجد جيش في الغرب يحتفظ بسلاحين كهذين ولا يكتفيبخدمات العلم والتعليم من جهة وخدمات الدين من جهة اخرى، للمحتاجين لهذه الخدمات.معظم سنوات الجيش الاسرائيلي كان لهذين السلاحين داخل شعبة القوى البشرية شريكثالث – سلاح النساء. هذا السلاح اختفى، فكلما نضج الجيش ولم يعد ممكنا تبريرالابقاء على مبنى ضابطات سلاح النساء كممثلات عن النوع الاجتماعي. كبديل عن ضابطةسلاح النساء الرئيسة عُينت "مستشارة لشؤون النساء" لرئيس الاركان.

زمير،بعد أن امتنع عن اثارة الصخب الكبير في فترة ولايته، يعترف الآن بما يدعيه منذ زمنبعيد مراقبون خارجيون – ممن يساعدون ايضا في اطلاق الصدى في الداخل: في هذا المثلثفي الجيش الاسرائيلي، للتعليم، للحاخامية العسكرية وللنساء، يختفي الطابع الرسميللجيش. وكشف هرئيل النقاب عن أنه في وثيقة من نحو 30 صفحة نشرها زمير بين اعضاءهيئة الاركان، وعلى رأسهم الفريق بني غانتس، حذر من مغبة معاني التطرف الديني. فيبؤرة تحذيره النقاش في نزاع الصلاحيات بين ضباط التعليم والحاخامين العسكريينوالمس بمكانة الضابطات والجنديات بسبب الخضوع لمطالب الحاخامين بالحرص على الحشمة.

وثيقةالاستسلام للحاخامين صيغت في 2003 وتسمى "الاندماج المناسب". وهذه لاتتناسب واسمها: فهي تمس بالاندماج وهي ليست مناسبة. مستشارة رئيس الاركان لشؤونالنساء، العميدة جيلا كليفي – أمير، انتقدت بشدة الاكراه الديني المتطرف والمميزضد الجنديات في الخدمة الالزامية والضابطات في الخدمة الدائمة، والذي تثيرهالوثيقة.القيادة العسكرية تدعي مكافحة مصدر الصلاحيات المنافس، الحاخامين (وتتناقضمع نفسها في الزيارات مثل تلك التي أجراها العميد نتسان ألون للحاخام يوسيف شالوماليشيف). واجب رئيس الاركان غانتس أن يضع حدا للوضع المخجل الذي أثاره تحذير زمير.اذا لم يفعل ذلك – يجدر الالتماس الى محكمة العدل العليا ضد الأداء التعسفي وغيرالدستوري للجيش الاسرائيلي.

 

انتقام بدل خطة

هجوم اليمينالمكثف على اليسار يغرق الخطاب العام بطوفان معلومات تاريخية. يذكر محللو وسائلالاعلام أمر لجان تحقيق مكارثي في الولايات المتحدة، ومحاكمات ستالين الرئائية،ويبلغ محللون جريئون حتى ألمانيا.

ليست المقارنات التي هي قاعدة وجودالخطاب الاجتماعي، ناجحة دائما. فلا تشابه بين الشخصيات التي حركت حملات الاسكاتفي القرن الماضي والشخصيات التي تبادر الى قوانين الاسلاف عندنا. فالخلفيةالتاريخية مختلفة، وقاعدة الاستيعاب الجماهيرية مختلفة ايضا. ان قوانين اسكاتاليسار في ألمانيا والاتحاد السوفييتي (ستالين حارب اليسار!) ولدت رعبا فظيعا.وحتى الولايات المتحدة أسكت الاسكات. فقد خضعت قلاع الحرية من "نيويوركتايمز" الى هوليوود بقوانين مكارثي.

تثير موجة القوانين التي تفرض عندنا فيكل جلسة للحكومة غضبا في اليسار بالاساس بالطبع لكنه لا يلحظ في صفوفه خوف. فمنالمفارقة ان الخوف يفصح عن نفسه في اليمين خاصة. وخوف اليمين هو أساس الهستيرياالتي ولدت قوانين الاسكات. ثمن مثل أمراء اليمين، دان مريدور وتساحي هنغبي وعوزيلنداو وتسيبي لفني وبني بيغن الذين تربوا على قسم البيتار "للادرن ضفتانواحدة لنا والاخرى ايضا"، من مثلهم يرى في دهش كيف يفقد الاستيطان في الضفةشرعيته.

بعد حرب الايام الستة كتب حاييم بئيركتابه "زمن النشيد" الذي وصف نهضة اليمين. قاد معتمرو القبعات المنسوجةالذين كانوا حتى ذلك الحين مرابطين على حِلّ الطعام، قادوا مع اليمين انقلابا سياسيا.وأعلنوا بصوت جهير "الارض المحررة لن تعاد". وقد بنوا عن ثقة بالجيشالاسرائيلي والِه اسرائيل الذي لا يحسب حسابا لغير اليهود، مجتمعا يفصل بين الراكبوحصانه، واعتقدوا أن القوة التي في ايديهم تضمن ان تبقى سيطرة المستوطنين علىالفلسطينيين الى الابد. فقد تبين لهم النقش في الحائط في الاونة الاخيرة فقط وبقوةمركزة.

ليس لليمين رد على القطيعة الدوليةالتي تلوح في الافق. فقادته يعلمون أن القطيعة أخضعت حكم الفصل العنصري في جنوبافريقية. كشف رد الجيش الاسرائيلي على القافلة البحرية الاولى عن ضعف القوة. وقدأصبح صد القافلة الثانية نصرا مهزوما لان التأخير في اليونان عظم أمر الحصار فيغزة. ان انتخاب براك اوباما رئيسا للولايات المتحدة، والثورة في ميادين المدنالعربية خاصة غيرا قواعد اللعب في الشرق الاوسط.

يعلم الساسة من اليمين انه لا يمكن سجنمليون ونصف من البشر في غزة زمنا طويلا. ولن يكون مئات رجال الشرطة الذين حالوادون الرحلة الجوية في مطار بن غوريون، كافين لصد مئات الالاف الذين سيحثهم الشوقالى الحرية نحو الجدار الذي يحاصرهم. إن استقلال الفلسطينيين حتمي سواءا حظواباعتراف الامم المتحدة في أيلول أم عوق الاجراء.

تواجه حكومة اسرائيل المسارات التيتهدد بقايا القسم البيتاري العاجز. ليس لليمين خطة ويجر قادته خائبو الامال وراءزخم التاريخ بيأس المطاردين. إن اجراءات وزراء الحكومة الارتدادية العفوية تترجمالى قوانين انتقام من اليسار.

لا ترمي هذه المطاردة الهستيرية الى صدالقطيعة مع المستوطنات فالنضال من أجل حقوق الفلسطينيين ينحصر في خارج البلاداصلا. وقبضة ليبرمان الغاضبة لا تبلغ الى هناك. ان مطاردة اليسار هي رد انعكاسيعلى شرور اليمين لانه مطارد. كان أفضل ان يخططوا الى أين يريدون ان يقودونا.

 

سنة الانتخابات بدأت

 (المضمون: الجوالعام في اسرائيل يدل على اقتراب موعد الانتخابات).

ثمّ ساسةيتحدثون عن انتخابات في الخريف القادم، عشية الانتخابات في امريكا: وهؤلاء همالمتفائلون؛ وثمّ آخرون يتحدثون عن انتخابات في موعد أسبق، في الربيع. ومهما يكنالامر فان سنة الانتخابات بدأت.

هذا هو التقدير الغالب اليوم حول مائدةالحكومة وفي قيادة الاحزاب والموظفية الحكومية الرفيعة المستوى. وحينما يكون هذاهو التقدير يكون السلوك كذلك. نرى ذلك في كل قضية يعالجها الجهاز السياسي، منأسعار جبن الكوتج الى مشكلة السكن ثم الى التصويت في الكنيست. لم تعد توجد حكومةوكنيست وائتلاف ومعارضة. يوجد مخزون من مرشحين في الانتخابات التمهيدية فقط،سيفعلون كل شيء، كل شيء، كي ينتخبوا.

ان افيغدور ليبرمان هو على نحو عام أولوزير يثقب ثقبا في سفينة الائتلاف. يحل ان نفرض بحسب سلوكه أمس انه لن يخزي التراثهذه المرة أيضا. فقد أصر على أن يأتي باقتراح بانشاء لجنة في الكنيست تحقق معجمعيات اليسار بالتصويت عليه. وقد عرف سلفا انه سيخسر في التصويت لكن هذا لميردعه. بالعكس: كان الهدف احراج نتنياهو في نظر ناخبي اليمين. وكيف يضمن ليبرمان انيستوعب الجميع الرسالة جمع حفلا صحفيا صور فيه نتنياهو – دون أن يذكر اسمه بصراحة –على أنه سياسي ضعيف ومنضغط ومذعور من النقد في وسائل الاعلام والعالم.

ان ليبرمان صاحب نزوات: فكل واحد يفهملماذا يقفز لكنه لا يعلم هو نفسه أحيانا ان يفسر لماذا يكون ذلك في توقيت معينمخصوص. إن الاحراج الذي سببه لنتنياهو يمكن فهمه في سياق الانتخابات والحرب بينهوبين الليكود على أصوات اليمين.

لكن ليبرمان هو لاعب واحد فقط في جبهةواسعة. يرى رئيس شاس ايلي يشاي ما يحدث بين ليبرمان ونتنياهو، ويسأل نفسه لماذايحددان موعد الانتخابات بحسب راحتهما ولماذا لا أفعل أنا. قطع يشاي في السنةالاخيرة مسافة تثير العناية من اقصى اليمين الى مركز الخريطة السياسية. ان جمودالتفاوض والاضرار باسرائيل بعد التصويت في الامم المتحدة في ايلول تقلقه. والوضعالاجتماعي يقض مضجعه. وربما أيضا ظهور آريه درعي. كل ذلك يجعل ايلي يشاي عنصرا لايقل عن ليبرمان هوسا في اجراءات تقديم موعد الانتخابات.

يشعر الوزراء واعضاء الكنيست أيضابالتغيير في الجو. ان جميع الوزراء الذين غابوا أمس عن التصويت فعلوا ذلك خشية أنيورطوا أنفسهم: فلم يشأ وزراء الليكود التصويت اعتراضا على الاقتراح وان يعاقبهممنتسبو الليكود اليمينيون، لكنهم خافوا أن يصوتوا معترضين على نتنياهو فيعاقبهم.فمضوا الى بيوتهم لكثرة المخاوف. ومضى اعضاء الكنيست من شاس الى البيوت لانهم لميريدوه منح ليبرمان جائزة لكنهم لم يريدوا ايضا التصويت مع اليسار. بل فضل اعضاءالكنيست من البيت اليهودي أي من المفدال سابقا، الهرب.

خطب أربعة وخمسون نائبا في النقاش، لكنرئيس الحكومة فضل ان يسكت. وقد همس بكلمة "ضد" من بين شفتيه وكأنه ابتلعمهروس الفلفل.

ان التصويت البائس على لجنة التحقيقعلامة واحدة فقط على اقتراب موسم الانتخابات. ويكشف عن علامات لا تقل شأنا فيمواقع يفترض أن تقرر الحكومة فيها. ان مشكلة السكن، التي تهدد لان تبعد عن الليكودناخبيه الشباب لا يمكن حلها سريعا. كل قرار ستتخذه الحكومة على دعم الشقق سيجديآخر الامر على عائلات حريدية فقط: فهي أكبر وأفقر ومع عدم وجود حل للطبقة الوسطىيطلق نتنياهو كل يوم تصريحات للصحف.

وهذا هو شأن اسعار منتوجات الحليبوعشرات الامور الاخرى.

استوعبت الموظفية العليا في الحكومةالرسالة: فمن استطاع ترك، ومن بقي خاب أمله. قامت حكومة نتنياهو (أو لم تقم) بماعليها. وهي في الطريق الى صندوق الاقتراع.

 

خطوة لانهاء التهديدالايراني

 (المضمون: يدعوالكاتب الادارة الامريكية الى محو منظمة مجاهدي خلق من قائمة الارهاب عند الادارةالامريكية ويرى هذا هو السبيل الى اسقاط النظام الايراني الحالي).

كيف يجب علىحكومات الغرب أن تواجه الجمهورية الاسلامية الايرانية التي تعرفها واشنطن بانها"أنشط راعيات الارهاب"؟

أعلن وزير دفاع الولايات المتحدة ليئونبانتي في الاونة الاخيرة قائلا: "نرى قدرا اكبر من السلاح يدخل من ايران الىالعراق وهو يضر بنا حقا". واضاف مايك مالن رئيس مقار القيادة المشتركة أن"ايران تؤيد مباشرة الجماعات الشيعية المتطرفة التي تقتل جنودنا".

تنقسم الردود الامريكية الى معسكرينرئيسين: المتشدد والدبلوماسي. الاول يرى طهران دولة لا تقويم لها ولهذا يرى انهيجب ان تجابه بالقوة؛ وبحسب هذا التوجه لن تحرز العقوبات والفيروسات والتهديدات الهدف،ولهذا لا مناص من استعمال خيار عسكري على القنبلة الايرانية. أما التوجهالدبلوماسي السياسي الذي يميز السياسة الامريكية على نحو عام فما يزال يتوقع منطهران الاستجابة لمحاولات التحادث السياسي.

إن ميدان القتال الرئيس للصراع بينالتوجهين الامريكيين يلخصه سؤال هل يجب ان تبقى أبرز مجموعة من المعارضة الايرانيةأعني مجاهد خلق، في قائمة الارهاب عند حكومة الولايات المتحدة. أتمحى أم لا تمحى؟هذا هو السؤال. فالمعسكر المتشدد يريد أن يمحوها من القائمة اما المعسكرالدبلوماسي فيعارض ذلك خشية أن يثير هذا الاجراء غضب القادة الايرانيين ويضربالجهود الدبلوماسية لتحسين العلاقات.

يزعم الطرف المشايع لمجاهدي خلق أنللمنظمة تاريخ تعاون مع واشنطن. من تقديم معلومات استخبارية كبيرة القيمة عنالبرنامج الذري الايراني الى قدرات قيادة تنظيمية ساعدت على اسقاط الشاه في 1979.سيمكن بمساعدتهم اسقاط نظام الحكم الحالي. يمكن أن نجد في قائمة مؤيدي محو المنظمةمن قائمة الارهاب موظفين امريكيين رفيعي المستوى منهم مستشار الامن القومي جيمسجونز وثلاثة من رؤساء الاركان (يو شيلتون، وريتشارد مايرز، وبيتر بايس)، وامين سرالامن الداخلي توم ريدج بل المدعي العام مايكل موبسي.

لا يتطرق مؤيدو التوجه الدبلوماسي الىهذه المزايا ويزعمون أنه يجب على حكومة الولايات المتحدة الابقاء على التسجيل فيالقائمة اعتمادا على تهم بالارهاب. وهم يزعمون ان المسؤولين عن قتل ستة امريكيينفي السبعينيات (سواء كانت هذه المزاعم صحيحة أم لا)، موقعهم في قائمة منظماتالارهاب. غير أن التعليمات تقرر ان حادثة ارهابية تمت في السنتين الاخيرتين فقطتكون ذات صلة بجعل منظمة ما جهة ارهابية.

فماذا عن السنتين الاخيرتين؟ يشيرمؤيدو مجاهدي خلق إلى ثلاثة معطيات رئيسة في الولايات المتحدة تبين أن مجاهدي خلقبريئة من النشاط الارهابي منذ 2006 أو قبل ذلك. باختصار دعوى ابقاء المنظمة فيقائمة الارهاب لا أساس لها. وماذا عن النيات والغاية؟ منذ 2007 لم ترَ المحكمةالامريكية أن المنظمة ترمي الى نشاط قاتل. في 2008 محا البريطانيون المنظمة منقائمة الارهاب. وقام الاتحاد الاوروبي بالشيء نفسه بعد ذلك بسنة وكذلك الفرنسيونفي ايار 2011. والان أتى دور وزيرة الخارجية الامريكية لتقرر. تستطيع ادارة اوبامابتوقيع واحد بسيط أن تساعد الايرانيين على التحكم بمصيرهم وربما أن تنهي بذلكالسباق الذري المجنون.

 

لماذا لا يكون الاحتجاجُ علىالشيء نفسه؟

 (المضمون: ترىالكاتبة وهي من الطبقة الوسطى الاسرائيلية ان هذه الطبقة برغم عملها واجتهادها لاتملك وسيلة لشراء شقة جديدة في حين ان الوسطين الحريدي والعربي برغم فقرهما يملكانالوسيلة لذلك).

إن احتجاج الخيامهو احتجاج مهم لكن يؤسفني أن الاحتجاج هو "بقرب" الشيء لا على الشيءنفسه. لماذا يحصر اولئك المحتجون الاحتجاج في أسعار الاستئجار في تل أبيب وأنحاءالبلاد، في حين أن الشيء الرئيس هو حقيقة أن كل العبء والثقل في هذه الدولة يقععلى ظهر الطبقة الوسطى – أعني اولئك الشباب الذين أُعد فيهم ممن يكسبون اجورا غيرسيئة البتة ويعملون ويرتزقون بكرامة ويسهمون للمجتمع كل واحد بطريقته ومع ذلك كلهيعيشون في ظل السحب على المكشوف المهدد. وفريق منا وهم آباء سعداء لابناء، لاينجحون ايضا في انهاء الشهر. لا أستطيع أما وزوجي شراء شقة. ولم يشترِ احد مناصدقائنا المقربين شقة حتى الان برغم أن الحديث مرة اخرى عن أزواج شابة ترتزقبكرامة وفوق المتوسط. من منا، ممن لم يرث شقة عن والديه يستطيع أن يسمح لنفسهبشراء شقة من مقاول في أيامنا؟

يوجد وسطان فقط – اذا استثنينا الالفيةالعليا – يشتريان شققا لم يسبق ان وضعت عليها يد من مقاول ويشتريان بيوتا وكل ذلكمع دخل ضئيل جدا أو أن الطبقة الوسطى تدعمهما وأعني الوسط الحريدي والوسط العربي.كيف يستطيعان ولا نستطيع نحن؟ كيف يوجد حول القدس أحياء ضخمة، جديدة تماما يشتريفيها الشقق الاف الازواج من الحريديين لا يعمل أكثرهم وتدعمهم الدولة؟ هل الحديثعن شقق تشترى بأموال تبرعات المعهد الديني الذي يدرس فيه رب العائلة؟ هل الحديث عنافضالات أم احسانات ما أو اتفاقات ائتلافية احرزتها الاحزاب الحريدية لصالحالجمهور المتدين؟ هل الحديث عن اموال اتت من مال أسود نتاج عمل غير مصرح عنه؟ كيفيمكن أن نفسر حقيقة ان كل حي جديد في بيت شيمش وموديعين العليا وضواحي القدسوالجليل تغرقه ازواج من الحريديين يشترون شققا في حين لا نستطيع نحن؟

لا أستطيع عندما اسافر ايضا في شوارعالشمال والجنوب، بقرب بلدات عربية ان اتجاهل قلاع الرخام الفخمة والبيوت الارضيةالتي تشد الانتباه. ولست أتحدث عن القرى الثرية مع فئات السكان الزاهرة بل عن اكثرالقرى اهمالا حيث توجد فيها بطالة مرتفعة. حتى إنه توجد في مدينة مثل راهط احياءجديدة. من يشتري ومن أين المال؟ فهذان الوسطان يطلبان ضمان دخل شهريا.

أصبحت افكر لفرط اليأس أن ابدل ديني أوأعاود التوبة. أفرض ان هذان هما الامكانان الوحيدان اللذان سيمكنانني من شراء شقةجديدة لم توضع عليها يد من قبل، من مقاول أو بيت أرضي يبعث اللذة في دولة اسرائيلفي سنوات الالفين. وكالعادة الحلول عند إلوهيم والله.

 

الخيمة والسيرك

 (المضمون: يقترحالكاتب فيما يقترح على الشباب المحتجين في تل أبيب ان يغادروها الى القدس ليبنواحياتهم هناك ويقيدوا الحريديين فيها).

1. صحيح، هذهمشكلة حقا: هذا الاحتجاج آسر جدا. فثمّ شباب كثيرون فريق منهم بلا أقمصة ورأيتشخصا ما ايضا مع حاسوب منقول متصل بالكهرباء. وتقدم حانوت بيتزا قريبة اطباقالذيذة الرائحة وثمّ من المصورين أكثر من المتظاهرين، وكل ذلك ايضا ازاء المسرحومطر "الكانتينا". أحقا؟ هذا احتجاج أشبه بمخيم صيفي، ومن الرمزي تماماأن الخيم غرست بين شريطي الاسمنت على طول الجادة المظللة كما أن تل ابيب مغروسة فيمركز الدولة عمياء صماء عما يحدث حولها. ليست هذه خيمة احتجاج بل خيمة سيركاعلامي.

كل ذلك صحيح: ثمّ شباب مكشوفو الصدورلان تل أبيب مدينة شباب عراة، ويقام الاحتجاج في جادة البارون وازاء المسرحالشبعان لكن الرمزية كلها على حساب الغبي (او المتآمر) الذي اجاز ذلك. وصحيح أنهتوجد في المنطقة مطاعم فخمة رائعة الذوق لكن صدقوني انه اذا تناول الجالسون فيالخيم الطعام هناك فان ذلك يكون فقط في نهاية نوبة نادلية مرهقة. وتوجد حواسيبمحمولة وعدد وافر من الصحف لاننا في 2011 لا في العصر الحجري، وصدقوني أن من اختارالنظر في الاسلوب بالتهرب من النظر في المضمون سيكون لديه ما ينبه اليه عن احتجاجشيوخ مسنين ينتطقون الاكياس والرماد. ومن المحقق انه ليس "مثيرا جنسيا".

2. يقول القائلون ليكف الشباب عنالترفه ولينتقلوا الى الضواحي فهذه هي الحال في الاقتصاد. ويجيب"المرفهون" بان من حقهم أن يسكنوا المدينة التي ينتجون فيها اللذة التيتروجها. وواجب على المؤسسة أن تمكنهم من سكن قريب المتناول، وهذا مؤكد عندما تكونمبان كاملة تثرثر بالفرنسية مشحونة بالاشباح. الشباب ههنا مخطئون: فالاقتصاد قاسوعولمي وصدقوني انه التعبير الالطف عن طلب البقاء ايضا. إرجعوا الاف السنين الىالوراء لتروا انهم كانوا سيفترسونكم انتم لا محافظكم.

هكذا فان فكرة الانتقال خاصة ليستسيئة. اليكم ايها الشباب الاعزاء خطة من كلمتين بالضبط ستهز أركان العرش: انتقلواالى القدس. انتظموا بالفيس بوك في نواة شباب طلائعيين رهيبين يقربون من مائة الفشخص، وانهضوا من تل ابيب العزيزة وانتقلوا. انشئوا هناك اعمالكم الشابة الشاغبة،واجعلوا أصحاب بيوتكم الطماعين يفلسون، وجففوا تل أبيب واغنياءها ذوي الملل،ثقافيا. احيوا النواة العلمانية المقموعة في العاصمة، وصوتوا هناك وقفوا الحريديينفي اماكنهم.

هذا بالطبع اقتراح غير عملي. فهو مصحوبباحتجاج حقيقي من النوع الذي يتذكره التاريخ.

3. مخيف ومرعب ومفرح ما يحدث هنا. فبينان احتجاج جبن الكوتج كان النحنحة فقط قبل السعال (قانون القطيعة الاحمق المثيرللنزاع) الذي سبق من جهته الصرخة (احتجاج السكن) التي تسبق الثورة. هل ترونالامواج التي أخذت تعلو هناك في دار الحكومة؟ لا تنظرون احيانا امامكم ووراءكم الى الشمال والجنوب حيث أصبحيرفع العلم المصبوغ بدم المواطن؟ هل تدركون ان الصبر العظيم للطبقة الوسطى أخذينفد، واننا نواجه خطرا كبيرا اذا لم يحدث هنا تحول عظيم اساسي؟

هل تسمعون طبول الثورة؟ انها قريبة حقاكما تبدو بعيدة. اجلبوها الينا. لا تجعلونا نتحول الى هناك.

 

الحلف الاسرائيلي

 (المضمون: يرى الكاتب ان الالفية العلياالاسرائيلية نقضت حلفا اسرائيليا تاريخيا كان يقوم على التكافل الاجتماعيوالاقتصادي وان عليها الان أن تعيد رأب الصدع واعادة التكافل قبل ثورة تأكل الاخضرواليابس -  المصدر).

كان بيننا حلف. لم يعرف قط كذلك ولميصغ قط كذلك. لكنه قال ما يلي على التقريب: إن هذا المكان هو مكان حياة وموت. نحنشعب حياة وموت. لهذا يجب علينا التكاثل. نحن متكاثلون في الخير والشر. لن يكون هناشخص بلا سقف. ولن يكون هنا شخص بلا مكان عمل. ولن يكون هنا شخص لا يحظى بالتعليموالصحة وأمن التقاعد.

لن نستعمل هنا الشيوعية بصيغتهاالسوفييتية. بل لا تصح هنا الاشتراكية الاسكندنافية المثالية. لكننا لن نمكناسرائيل من ان تصبح سدوم امريكية حيث كل واحد يهتم بنفسه وبمصيره. في أرض الميعادهذه سيحافظ على العدل الاجتماعي الاساسي. وفي هذه البلاد المتصارعة المستقطبة،سيتم الحفاظ على فرق يقبله التفكير بين الغني والفقير. ستكون موارد الدولةالمشتركة للجميع. وستخدم أجهزة الدولة للجميع. في دولة يطلب الى الفرد فيها أنيخاطر بنفسه من أجل المجموع. سيكون المجموع مدينا للفرد. لن يكون الوطن القومياليهودي وطن ظلم. لن يسلب الفقراء ولن يدوس المضطهدين. ولن يمكن الاقوياء منافتراس الضعفاء وان يفعلوا بهم ما شاءوا.

جرى نقض الحلف الاسرائيلي قبل ربع قرن.فقد سمعت الالفية العليا في اسرائيل ان الشيوعية سقطت وان الاشتراكية اخفقت وانالخصخصة هي الموضة العالمية. ولذلك انقضت على الاجهزة العامة وافرغتها من المضمون.ولذلك انقضت على الموارد العامة وحازت لنفسها كثيرا منها. وقد نقضت عرى الاشتراكيةالديمقراطية الاسرائيلية، بلا تخطيط ولا تفكير عميق من غير أن تستبدل بها سوقا حرةحقيقية.

ان النظام الاقتصادي الاجتماعي الجديدالذي انشيء كان قائما على مبدئين أعليين: التنافس في الحد الاقصى نحو أسفل،والتنافس في الحد الادنى نحو أعلى. فأجرة منخفضة للعامل وربح كبير لصاحب المال.واعتماد صفر للاجير، واعتماد خيالي لصاحب اتحاد الشركات. وحرب لا هوادة فيهاللاتحاد المهني وتعظيم لاتحاد الشركات. وهكذا أصبحت البلاد في غضون زمن قصير أرضالنهب. لم تصبح الرأسمالية الاسرائيلية الجديدة رأسمالية شعبية ولا رأسماليةليبرالية، بل رأسمالية خنزيرية. فقد اضطهدت العمال وقضت على الطبقة الوسطى وسلبتالشباب الامل.

ان ما يحدث هذا الصيف في جادة روتشيلدومدن التطوير وفي الشبكات الاجتماعية ليس احتجاج جبن الكوتج ولا احتجاج السكن فقطبل هو ثورة مضادة. فبعد ان نقضت الالفية العليا حلفها مع الالفيات الاخرى الـ 999ثارت الـ 999 على الالفية العليا. هذه الظاهرة خطرة بمعنى ما. فهي مصابةبالغوغائية والحماسة والكراهية. وهي لا تفرق بين المال المدهش والمال العفن. وهيتتجاهل القوانين الاساسية للاقتصاد الحديث. لكن الظاهرة بمعنى آخر عادلة ومباركة.فلاول مرة منذ ربع قرن ينشأ تهديد حقيقي للرأسمالية الخنزيرية. ولاول مرة منذ سقطتالاشتراكة، يطلب الى الرأسماليين ان يقدموا كشف حساب حقيقيا. أخذ كبار البلاديتصببون عرقا آخر الامر. وأدركوا آخر الامر ايضا أن ثمّ حد لقوتهم وثمنا لعجرفتهم.بدأ يتصدع النظام التركيزي السالب الذي حكمنا زمنا طويلا.

الساعة مشحونة وحساسة. وهي توجب الحذروالنضج والنزاهة وحسن التقدير. لا يحل أن ننسى ان الاقتصاد الاسرائيلي اقتصاد رائعمع كل ذلك. ولا يحل ان ننسى انه حدث في السنين الاخيرة في البلاد معجزة اقتصاديةحقيقية ولا يحل ان نصم اصحاب المشروعات وارباب الصناعة الذين قاموا هنا بعمل مدهشوقادوا اسرائيل الى انجازات لا مثيل لها. لكنه لا يمكن في الان نفسه ان نتجاهل صوتالاحتجاج الذي يرتفع من الميادين والشوارع والشبكات الاجتماعية. ولا يمكن بعد اننسلم برفع الاسعار وتوسيع الفروق والتخلي عن الضعفاء. ولا يمكن أن نقبل تحطيمالقطاع العام، وضعضعة العدل الاجتماعي وضياع التكاثل.

من الواجب ان نقر ههنا نظاما اجتماعيامختلفا يؤلف بين النمو الاقتصادي والتكافل. ولكن من أجل فعل ذلك يجب على الاقوياءوالاشداء ان يستيقظوا من الغفوة الاخلاقية التي غرقوا فيها قبل سنين طويلة. ان تلكالالفية العليا التي نقضت الحلف الاسرائيلي هي التي يجب عليها الان أن تجدده.