بين الفينة والأخرى، كانت بوادر من الأمل تلوح في أفق اللجوء الفلسطيني في سوريا، بوجود مبادراتٍ للحل في المخيمات الفلسطينية وخاصةً اليرموك والحسينية، معلنةً قرب انتهاء الأزمة.
مخيم اليرموك الذي لا يزال يعاني الحصار منذ أكثر من سنتين وأربعة أشهر مع انقطاع تام في الكهرباء وانقطاع لمياه الشرب منذ سنة وشهرين تقريباً، يرزح حالياً تحت استعصاء أي انفراج ٍ موعود فكلما توجهت الوفود الفلسطينية لحوار مسلحي المعارضة السورية داخل المخيم لوضع  رتوش الاتفاق النهائي، تنقلب الأمور رأساً على عقب، وتلعب الأيادي الخفية، وليست بخفية لمن هو في الميدان هناك.
هناك يرزح أكثر من خمسة آلاف من السكان تحت وطأة القصف تارةً والاشتباكات تارةً أخرى والتفجيرات المفاجئة أيضاً، وفي ظروف ٍ صعبة للغاية، حيث شبح الموت يتهدد الجميع والناشطين الإغاثيين منهم.
 وإثرَ إدخال المساعدات الغذائية في آذار 2015 ودخول داعش لليرموك، عادت تتردى الأوضاع المعيشية التي كانت تحت خط الفقر سابقاً بسبب الحصار والأوضاع الميدانية العسكرية، وإن فقدان الأدوية وعدم تخديم مشفى فلسطين التابع للهلال الأحمر الفلسطيني، الباقي الوحيد من الخدمات الطبية، أدى إلى انتشار الأمراض كالتيفوئيد واليرقان وفقر الدم، حتى الجرحى كانوا ينتظرون التنسيق الأمني مع الجهات الحكومية السورية عن طريق منظمة التحرير الفلسطينية لإخراجهم وعلاجهم، هذا غير المخاطر الأمنية التي يتعرضون لها إذا كانوا مطلوبين أو متورطين في حمل السلاح مثلاً ضد الجيش السوري حسب تصريحات الجهات المختصة التابعة للحكومة السورية.
كذلك بالنسبة لفقدان مياه الشرب، فقد اضطر السكان المحاصرون لشرب مياه الآبار الارتوازية الملوثة، والتي عملت المؤسسات الإغاثية الفلسطينية على إعادة فتحها، مما أدى إلى أمراض معوية و كلوية تؤدي بالنهاية إلى أمراض مزمنة، بسبب استعمالهم للمياه الملوثة والتي لا تصلح إلا للاستعمال الخارجي حسب مصادر طبية داخل المخيم ،وهكذا بقي السكان يرزحون تحت ظروف قاهرة إلا من انفراجات تتأثر بسياسات معينة وتحركات أمنية على خلفية سياسية أو شخصية تتعلق بتجار الحرب المستفيدين بشكل لا يوصف من حصار المخيم.
ولاتزال العائلات الفلسطينية اللاجئة في مخيم اليرموك يعانون التشتت الاجتماعي، كباقي المخيمات المتضررة، حيث انسلخت العائلة الواحدة عن أصولها أكثر من ثلاثة أجزاء، وتشتت عن العائلة الأكبر المؤلفة من الأجداد والأعمام والأخوال، إما بفقدانهم موتاً تحت القصف والاشتباكات أو الهجرة غير الشرعية، كذلك معاناة الطلاب المحاصرين داخل المخيم، وحتى المخيمات المشابهة في الوضع، من حيث الانقطاع عن الدراسة، أما بالنسبة لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية فلا توجد متابعة لدراستهم إلا خارج المخيم وتحت إشراف الأونروا ومنظمة التحرير الفلسطينية، بعيداً عن أحضان عائلاتهم، والذين ينضمون إلى حصارهم من جديد بعد الإنتهاء من امتحانات نهاية السنة الدراسية.
أيضاً كانت هناك بشائر لأهالي مخيم الحسينية، عندما سمح للبعض بالعودة ضمن عدة شروط، وكان المخيم قد أفرغ من سكانه بعد إخراجهم على يد الجيش النظامي السوري من أجل القضاء على تواجد عناصرالمعارضة، وهكذا بقي فارغاً قرابة السنتين دون السماح لسكانه بالعودة لدواعي أمنية، كانت الحكومة السورية تعتبرها من الأولويات على عودة أهالي المخيم إليه، لكن عودة جزء قليل لا يتعدى بضع عائلات ممن هم من أهالي عناصر في جيش التحرير الفلسطيني، وحصراً من سكان مخيم الحسينية، حسب الشروط، ثم التوقف عن إدخال بقية الأهالي، والذي أعاد الإحباط للأهالي المهجرين داخل وخارج سوريا، وبالتحديد من فقدوا أبناءهم إلى مصيرٍ مجهول، وهذا شرط آخر ممن طال السكان الذين يقعون تحته، كي يتم منعهم من العودة للمخيم، وأيضاً  تم منع المستأجرين بعقود مؤقتة من العودة.
كذلك لمخيم السبينة حصة من منع سكانه من العودة منذ سنتين تقريباً وقد بلغت مساحة التدمير فيه، بين الكلي والجزئي معظم المخيم. وكذلك مخيم حندرات قضاء مدينة حلب الذي أفرغ من سكانه بعد سيطرة المعارضة السورية عليه وهم للآن لا يستطيعون العودة إليه منذ أكثر من سنتين بينما مخيم النيرب، لا يزال سكانه اللاجئون الفلسطينيون يعيشون فيه، بالإضافة إلى حالات نزوحٍ سابقة، بسبب الظروف الأمنية التي عكست البطالة مما أدى لهجرة جزء من الشباب إلى تركيا بسبب الضائقة المالية ومنها إلى أوروبا، وقد بلغ عدد من هاجر خارج سوريا، وحسب مصادر غير رسمية، حتى الآن ثلث عدد اللاجئين الفلسطينيين من سوريا من فلسطيني سوريا الذين كان معظمهم يقطنون في مخيم اليرموك وخان الشيح كعائلات ميسورة بالإضافة لعائلات من مخيمات أخرى.
مخيم خان الشيح الذي بقي لفترة طويلة بعيداً عن النار، بسبب عدم دخول أي طرف من أطراف الصراع السوري، ضمن الجغرافيا الخاصة به، لكنه منذ شهور انزلق عنوةً تحت النار، حيث طاله القصف بالبراميل كونه قريب من المزارع التي تمترست بها كتائب المعارضة السورية، وهو محاصر من ثلاث محاور إلا من طريق واحدة، تفضي إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، ويتم استهداف هذه الطريق بالأسلحة الثقيلة أغلب الأوقات.
وبحكم أوضاع الحرب في سوريا، فقدت الحياة المدنية في معظم أنحاء سورية، وخاصة في مناطق النزاع ومنها التجمعات الفلسطينية والمخيمات، ومنها مخيم جرمانا الذي يفتقد كباقي المخيمات إلى الخدمات البلدية ومنها الصرف الصحي الذي يمنع السكان من الحركة والتنقل هذا فضلاً عن الأمراض التي يمكن أن تنجم عن ذلك.
كذلك تتواصل مشكلة الانقطاع المستمر والمتكرر الكهرباء والمياه، مما زاد الضغط السكاني الذي شكلته هجرة اللاجئين الفلسطينيين إلى مخيم جرمانا من المخيمات المتضررة، كونه كان سابقا من الأماكن الهادئة والمستتبة أمنيا من بين باقي المخيمات، وهو من الأماكن التي بقيت بعيدة عن التأثر بالأحداث لفترة طويلة.
وتتزايد الأوضاع المعشية سوءاً في معظم المخيمات بسبب انقطاع سوق العمل في معظم المناطق المتأثرة بالحرب السورية ، وبسبب شح المساعدات القادمة من الأونروا والتي طبقت خطة التقشف في الأقاليم الخمسة في تموز 2015 .
وقد سجلت مصادرغير رسمية عدد ضحايا الحرب في سوريا، حيث بلغ قرابة 4000 فلسطيني لاجئ.
بالإضافة إلى أكثر من 1000 لاجئ فلسطيني، تحت الاعتقال في السجون السورية وقد حاول مراراً الوفد الفلسطيني طرح قضيتهم للإفراج عنهم وكان الرد من الحكومة السورية انه سيتم إطلاق سراح من هو ليس متورطاً بالالتحاق بصفوف المعارضة السورية أو ممن حملوا السلاح في وجه الجيش السوري، وقد تم إطلاق سراح عدد قليل منهم بينما تم تسليم جثث لمعتقلين إلى ذويهم. ولا يزال مصير قرابة 900 فلسطيني مجهولا كما وثقت جهات حقوقية .
أما بالنسبة للظروف العامة المحيطة برقعة تواجد اللجوء الفلسطيني الذي انتشر في بعض الدول العربية والأجنبية، إثر الحرب السورية، فهي ظروف غير مشجعة على الجزم بأنها حامية لكيان هؤلاء اللاجئين أو لقضيتهم، بدءاً من العرب الذين كانوا أول من تنكروا لعروبتهم، بالإجراءات التي مارسوها على حدودهم ضد اللاجئين الفلسطينيين، وهذا ما انعكس جلياً في ساحة الميدان الحقيقية، حيث لم يحرك العرب ساكناً لما يحدث من تقسيم للقدس، والجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع، حيث طغت الأولوية العربية للداخل القطري على القضية المركزية الفلسطينية، وهذا ما فسـَّـر تحويل الفلسطيني شماعة يعلق الجميع عليها كل الاتهامات بارتكاب عملياتٍ إرهابية في بعض الدول العربية، كي يمعنوا في التنصل المطلق من كل ما يمت بصلة لفلسطين وشعبها.
إن قضية اللاجئين الفلسطينيين في هذه المرحلة الحساسة، سيتم حلها ضمن الحل النهائي للتسوية الفلسطينية، لذلك يتأخر النظر فيها تحت وطأة وقف الدعم المادي والإغاثي لهم خاصةً للاجئين في سوريا ومن هجروا منها، حيث تساهم دول المهجر أيضاً في تفكيك النسيج الاجتماعي والوطني لهم، وفق فتح قنوات تقع تحت تسمية الإنسانية والوطن البديل.
ورغم كل الصعوبات والعثرات، لكنها المرحلة الأكثر قرباً لحل القضية الفلسطينية حسب حركة التاريخ، فجدلية الحل تتناسب عكساً مع الظرف الأصعب، والمنطقة العربية تسير إلى حلّ عام، ينعكس في الإرادة الدولية الظاهرة في التدخلات العسكرية والسياسية.