من خلال المفاجأة الكبرى، والمباغتة الكاملة، التي حققتها عملية عاصفة الحزم بقيادة السعودية وحليفاتها العربية من دول مجلس التعاون الخليجي وبقية الدول العربية، والتأييد الكامل لهذه العملية المستمرة في القمة العربية السادسة والعشرين التي عقدت في شرم الشيخ، والتأييد الواسع على المستوى الاقليمي "تركيا وباكستان" ورد الفعل الايراني المتحفظ، والتأييد الدولي الواسع في وسائل الاعلام، اتضح أننا في المنطقة العربية، كل دولة على حدة، وكلنا مع بعضنا كنظام اقليمي عربي، اكتشفنا بأننا في حاجة ماسة الى عاصفة حزم، للخروج من النمط السائد منذ سنوات في تفاعلنا مع مشاكلنا العربية، ومدى مسؤليتنا الأولى عن حسم هذه المشاكل وليس القائها على كاهل اي طرف اقليمي أو دولي غيرنا لان تلك المشاكل الملحة التي هربنا منها، وأوكلناها الى غيرنا، لم تحل ولا واحدة منها بطريقة نهائية ومفيدة، بل ظلت جرحا مفتوحا ونزيفا مستمرا وخسائر فادحة في مكانتنا ودورنا في العالم، وقدرتنا على الوفاء بقوة واخلاص لقضايانا الكبرى.
وبما أننا دول في منطقة واحدة، واهل هذه المنطقة الواحدة، فإن كل ما يجري يؤثر علينا جميعا، وفي بعض الاحيان يؤثر علينا الى حد الشلل الكامل، عندما تكون اسرائيل خنجرا في قلبنا، القوة المهيمنة، فإن ادعاء السلامة يكون ادعاء وهميا! وعندما تكون ليبيا على ما هي عليه فان امن الدول العربية في آسيا وافريقيا يكون امنا مخترقا ومهددا، وعندما تأتي جماعة صغيرة جدا مثل حزب «انصار الله» في اليمن، يستطيعون بتحالفات طائفية، وشيطانية، فإن البحر الاحمر يتحول الى بحيرة مضطربة بالنيران وتصبح دول الخليج العربي مهددة، وتصبح مفاتيح قناة السويس في يد المجهول !!! وعندما يستمر الوضع الراهن على حاله في سوريا، فإن سوريا الدولة المؤسسة والقوية في النظام الاقليمي العربي تصبح غائبة، ويظل لبنان الذي هو جزء صغير من خارطة "سايكس بيكو" بلا رئيس – كما هو الوضع الآن – ومهددا بالتفتيت الى ما هو اصغر !!! وعندما يستمر الانقسام الفلسطيني على حاله ويتم استئجاره هنا وهناك، فإن القضية الفلسطينية تهبط من موقع التحدي الى موقع مهان تماما، واذكر أنه بعد هزيمة حزيران عام 1967، كان الناس في بلادنا يسخرون بمرارة من مقولة ان الدولة سقطت لكن النظام لم يسقط، وهذا اعتبر انتصارا! اليوم الذي لا يسقط ليس النظام وانما حزب فقط، مجموعة طائفية صغيرة، بل لقد خرج من ايران من يبشر مأساويا، أن لديكم ايها العرب احزاباً وحركات اهم من دولكم، فلماذا انتم غاضبون؟
كلنا بحاجة الى عاصفة الحزم، لنعيد التأكيد على الحقائق الأساسية، لكي نبادر نحن اولا لمواجهة مشاكلنا، لكي نقلع نحن اولا اشواكنا بأيدينا، لكي نتخلص من هذه الظاهرة المقيتة بأن يأتي حزب أو اي جماعة تحت غطاء ديني او طائفي، ويصادر قرارنا ومصيرنا ومستقبلنا، ودون اية معايير على الإطلاق سوى استخدام السلاح غير الشرعي، أو الخضوع بالكامل للأجندات الخارجية، حوثيو أنصار الله في اليمن ليسوا الشعب اليمني، بل ليسوا هم اتباع المذهب الزيدي، انهم جزء من الجزء، فكيف يقولون عن انفسهم انهم الشعب? وعاصفة الحزم مهمة جدا لنا في النظام العربي، لانها تعيدنا الى الصواب، تعيدنا الى الحقائق المسروقة، تعيدنا الى دورنا بدل ان نظل في عهدة الآخرين.