قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله، إن تثبيت المواطن الفلسطيني على أرضه، في القدس والأغوار وسائر المناطق المسماة (ج)، والمناطق المهددة من الجدار والاستيطان، ومن مخاطر الضم والتوسع، هو أولوية وطنية كبرى، كون الاحتلال الإسرائيلي يطبق سيطرته على هذه الأراضي ومصادرها، ويستهدف منازل المواطنين وخيمهم وممتلكاتهم، ويصادر أرضهم وموارد رزقهم، ويضع العراقيل أمام جهود البناء والتنمية، ويحاول منع المؤسسات الحكومية من الاستجابة الفاعلة لاحتياجات الشعب، بل ويهدم ويدمر حتى بعض المشاريع التي تنفذها الحكومة.

جاء ذلك خلال كلمته في حفل إطلاق مشاريع الدورة الثالثة في برنامج دعم صمود وتنمية المجتمع في المناطق المسماة (ج) والقدس الشرقية، اليوم الاثنين، في مقام النبي موسى في اريحا، بحضور محافظ محافظة اريحا والاغوار ماجد الفتياني، والممثل الخاص لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فرود مورينج، والقنصل السويدي لدى فلسطين السيدة آن صوفي نيلسون، وممثل النمسا أندريا ناسي، وعدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية، ومحافظ محافظة القدس ووزيرها عدنان الحسيني، ووزير الأوقاف يوسف ادعيس، ووزير الحكم المحلي نايف ابو خلف، ووزير الزراعة والشؤون الاجتماعية شوقي العيسة، وعدد من المسؤولين والشخصيات الاعتبارية.

وشدد رئيس الوزراء على أن الجهد الوطني ينصب على مسارين متلازمين، تعمل القيادة وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، في المسار الأول على تدويل قضية شعبنا وضمان إنهاء الاحتلال الإسرائيليِّ عن أرض فلسطين والانتصار لحقوق شعبها المشروعة، فيما تركز الحكومة في المسار الثاني على تكريس الوقائع الإيجابية، وإحداث تغيير نوعي في المناطق المسماة (ج) والقدس الشرقية المحتلة.

 وأشار إلى أنه تم الاعتماد على إطار استراتيجي شامل موجه للتدخلات التنموية والأولويات الحكومية القطاعية، ليس فقط لتعزيز صمود شعبنا في القدس وفي المناطق المسماة (ج) بما فيها الأغوار، بل لحماية هذه الأراضي من المصادرة والهدم، وتعزيز مكانتها وهويتها كجزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن دولة فلسطين التي ستقوم بسواعد أبنائها وعلى كامل أراضيها.

وقال: 'جئنا اليوم مع شركائنا الدوليين والمحليين لإطلاق تسعة عشر مشروعا رائدا، تقدر قيمتها ب 5.2 مليون دولار أميركي، وتأتي ضمن برنامج الصمود والتنمية (CRDP) الذي تم تأسيسه عام 2012 بمبادرة من مملكة السويد الصديقة، وبدعم كل من المملكة المتحدة والنرويج  والنمسا، للارتقاء بمستوى حياة أبناء شعبنا في القدس الشرقية، وفي المناطق المسماة (ج) بما فيها الأغوار، ولحماية الأرض والهوية الفلسطينية من محاولات التهجير والاقتلاع والمصادرة'.

وأضاف رئيس الوزراء: 'أن هذه المشاريع التي تتوزع على قطاعات مختلفة وحيوية كالتعليم والصحة والثقافة وبناء القدرات إضافة إلى تطوير البنية التحتية وتأهيلها لضمان الوصول إلى الموارد الطبيعية، تعتبر جزءاً أساسياً من تنفيذ الإطار الوطني الاستراتيجي للسياسات والتدخلات الإنمائية للأعوام 2014-2016، والتي بتنفيذها نؤكد أننا على هذه الأرض باقون، وبأننا سنعمل اليوم وغدا، على البناء والتنمية، وتنفيذ المشاريع الإنمائية، وتنمية قدرة مواطني دولتنا على الصمود والبقاء وصنع الحياة والتغيير على أرض وطنهم'.

وتابع: 'نجتمع اليوم مع أصدقائنا من الدول والجهات المانحة، الذين يساهموا معنا في تحويل المناطق المسماة (ج) والقدس الشرقية المحتلة، إلى ورشة عمل كبرى، ننفذ فيها المشاريع التنموية، ونضع أسس دولتنا المستقلة، فالمشاريع التي ستطلق هي نتاج جهود كبيرة وشراكة استراتيجية وبناءة مع حكومات السويد والنرويج والنمسا، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهي دليل صارخ على تنامي الوعي الدولي إزاء هوية ومكانة هذه الأراضي'.

  ودعا رئيس الوزراء دول العالم للمشاركة في الاستثمار بهذه المناطق المهددة، وتمكين سكانها من العيش بحرية وكرامة عليها كباقي شعوب الأرض، منوها إلى أن العديد من التقارير الدولية أشارت إلى أهمية المناطق المسماة (ج) باعتبارها مناطق حيوية وضرورية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة.

وجدد تأكيده على أن عمل الحكومة وجهود المانحين في الاستثمار والتنمية في القدس الشرقية والمناطق المهمشة والمسماة (ج)، هو انتصار لحقوق الشعب المشروعة في البقاء والبناء، وهو رسالة للعالم أجمع بضرورة التدخل الفاعل والملموس لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها المتواصلة، وإلزامها بالتقيد بقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، والتوقف عن ممارسة سياسة العقوبات الجماعية ضد أبناء الشعب والإفراج الفوري عن أمواله، ووقف الأنشطة الاستيطانية، خاصة في القدس ومحيطها، ورفع الحصار الظالم والخانق عن قطاع غزة، وفتح كافة المعابر.

وشدد الحمد الله على أن القدس الشرقية وجميع المناطق المهمشة والمهددة، هي أرض جميعها لنا، وهي ليست أراض متنازع عليها، ولن تكون إلا في صلب دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 وهي قلبها النابض بالحياة والأمل.

بدورها قال القنصل العام للسويد آن صوفيا نيلسون: 'إنه ومنذ بداية شهر سبتمبر من العام 2012، قامت (CRDP) بتمويل 49 مشروعا في مختلف المناطق المهمشة والمناطق 'ج' والقدس الشرقية، بقيمة اجمالية تبلغ 11 مليون دولار اميركي'، مؤكدة أن المشاريع الممولة خلال الدورة الثالثة لـ (CRDP) ستستهدف عددا من القطاعات لا سيما تمكين الاقتصاد والرعاية الاجتماعية والتعليم، بالإضافة إلى قطاعي المياه والزراعة.

من جهته أكد ممثل النمسا اندريا ناسي أن تنفيذ برنامج (CRDP) جاء بعد جهود من قبل مجموعة كبيرة من الشركاء، بما يشمل التجمعات الفلسطينية والمؤسسات الأساسية والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، والهيئات المحلية الحكومية، مشيرا إلى أن الشركاء والقائمين على تشغيل وتطبيق البرنامج مصممون على تسهيل الانتقال من عملية التدخلات الانسانية نحو التنمية.

 من جانبه قال الممثل الخاص لبرنامج الامم المتحدة الانمائي فرود مورنيغ: 'إن المواطنين في المناطق 'ج' والقدس الشرقية يواجهون ظروفا معيشية رهيبة، وأن UNDP فخورة كونها جزء من هذا البرنامج المهم، لما في ذلك من تحسين لسبل العيش للفلسطينيين في المناطق 'ج' والقدس الشرقية، الأمر الذي يشكل حجر زاوية لطموح الفلسطينيين بمستقبل تزداد فيه امكانيات وفرص التنمية'.