كشف تقرير أعده الصحفي رون بن يشاي ، المحلل الأمني والعسكري ليديعوت أحرونوت العبرية ، حول وضع حكومة نتنياهو ، لإستراتيجية أمنية سياسية تتلخص صياغتها في كيفية إدارة الصراع مع الشعب العربي الفلسطيني ، تحول دون قيام دولة فلسطينية مستقلة على أرض فلسطين ، وتم تكليف جيش الإحتلال وأجهزة المخابرات لتنفيذ هذه السياسة ومتابعتها .

سياسة حكومة نتنياهو الإستعمارية التوسعية ، رغم وسائل التضليل التي تتبعها ، كي لا تظهر أمام الأميركيين والأوروبيين ، على أنها عدوانية عنصرية متطرفة ، لا تحاول المباهاة بما تفعله في فلسطين سواء في مناطق 48 من سياسة تمييز عنصري ، أو في مناطق 67 من سياسات إحتلالية توسعية ، ولكنها لا تستطيع إخفاء ما تفعله على الأرض ، فالأحداث والوقائع هي التي تتحدث عن نفسها ، بالضم القسري ، وتوسيع الإستيطان في قلب الضفة ، وتهويد القدس ، وأسرلة الغور ، وها هي تكشف بوضوح عن نواياها بوضع الإجراءات العملية لإدارة الصراع لسنوات مقبلة ، وليس العمل على حله ، وهي تتبع ذلك كما تكشف إفتتاحية هأرتس يوم 29/9/2014 بقولها حرفياً " لدى نتنياهو سياسة يتقدم بها إلى الأمام بلا كلل ، وغايتها تعميق وتخليد السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية ( الفلسطينية ) وتتجسد هذه السياسة عبر ثلاثة سبل هي :

1- التملص من مفاوضات مفصلة على مستقبل المناطق ( المحتلة ) .

2- تسريع البناء في المستوطنات ومصادرة الأراض في صالحها .

3- طرد الفلسطينيين من المناطق حـ  إلى جيوب السلطة الفلسطينية ، والنتيجة هي الضم التدريجي للضفة ، في ظل تخليد الصراع ومنع حقوق المواطن الكاملة عن الفلسطينيين " هذا نص حرفي من صحيفة هأرتس وإفتتاحيتها ، ولا أعتقد أن ثمة وضوحاً ، يمكن أن يفسر سياسة حكومة نتنياهو ، ويكشف أثار إجراءاتها وأبعادها .

دوافع حكومة نتنياهو لإنجاز هذه السياسة وإجراءاتها تكمن بالعوامل التالية وهي :  

أولاً : أنها تعبر عن موقفها الأيديولوجي التوسعي الإستعماري العنصري الإستيطاني على أرض فلسطين ، بإعتبارها وطن الإسرائيليين الذين لن يتخلوا عنه ، مهما ترافق ذلك من سياسات مدمرة للشعب العربي الفلسطيني ، الذي لا يحسب له حساباً ، ولا قيمة له لدى صانعي القرار الإسرائيلي ويتم التعامل مع الفلسطينيين بمعايير أمنية عسكرية ، وأدوات رادعة قمعية لهم ولتطلعاتهم الوطنية  .

ثانياً : إن معطيات الواقع الفلسطيني والعربي والدولي ، ليست مؤثرة بالمدى الكافي لجعل الموضوع الفلسطيني مقلقاً لصانعي السياسة والأمن الإسرائيليين ، فالوضع الفلسطيني يعاني نزيفاً بسبب الإنقسام ونتائجه ويؤدي إلى مزيد من الضعف وبعثرة الجهد وشيوع الإرباك وتغييب الأولويات ، مثلما يواجه أوضاعأً إقتصادية صعبة تستنزف حياته وإستقراره وتفقده حالة الإستقرار والطمأنينة وتجعله يومياً أسير الحاجة والفقر والمديونية وتبقيه في حالة التبعية للإقتصاد الإسرائيلي القوي المتفوق ، وهي حصيلة منهجية تم وصول الأدارة الفلسطينية إليها ، مرغمة ، لأنها لا تملك سلطتها وحرية قرارها ، في ظل شح الموارد ، وبُخل الأشقاء وترددهم ، وأعباء تراكمية جارية وفقدان النمو والتطور الطبيعي أو الإستثنائي في ظل الإحتلال والعجز الذاتي نتيجة غياب الإمكانات والموارد وفقدان حرية القرار .

والأولوية لصانعي القرار العربي ، مواجهة أحزاب التيار الإسلامي الخمسة بشكل متفاوت بين حزب وأخر وهم : 1- الإخوان المسلمين ، 2- ولاية الفقيه  الإيراني ، 3- القاعدة ، 4- تنظيم الدولة الإسلامية داعش ، 5- حزب التحرير الإسلامي ، وتبعات ذلك يؤدي إلى  إستنزاف الجهد والموارد ، ولا يقل الإهتمام الدولي عن الإهتمام العربي بالأحداث الجارية في سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر وغيرها ، عما يجري في فلسطين ، فالقرار الأميركي يسعى إلى تجميد الإجراءات الفلسطينية في مواجهة السياسة الإحتلالية الإسرائيلية ، ووضع القضية الفلسطينية برمتها في ثلاجة الحفظ ، حتى يتم معالجة الإرهاب وعنف تنظيمات التيار الإسلامي ، على حساب أي قضية أخرى ، وفي طليعتها قضية حرية فلسطين وعودة اللاجئين إلى ديارهم وإستعادة ممتلكاتهم على أرض وطنهم ، فهذه مؤجلة وليست لها الأولوية ، وفق الحسابات العربية والدولية .