إن مصطلح " الأسرى القدامى "  يطلق على قدامى الأسرى الفلسطينيين والعرب المعتقلينمنذ ما قبل اتفاق أوسلو في سبتمبر عام 1993 ، وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية في 4 آيار 1994 ، باعتبارهم قدامى الأسرى ،حيث أن أقل واحد منهم مضى على اعتقاله أربعة عشر عاماً ، فيما أقدمهم مضى على اعتقالهأكثر من ثلاثين عاماً ، وهؤلاء ليسوا من منطقة جغرافية واحدة ، بل من مناطق جغرافيةمختلفة ومنهم من مناطق تتخطى حدود فلسطين.

يطلق عليهم الفلسطينيون مصطلح عمداء الأسرى ، ( 232) اسيرا منهم  أمضوا أكثر من خمسة عشر عاماً، بينهم  ( 82 ) أسير مضى على اعتقالهم أكثرمن عشرين عاماً ،  ولم يسبق وأن سجلت تجاربالشعوب ، تجربة جماعية لأسرى سياسيين بهذا العدد وقد أمضوا بشكل جماعي أكثر من عشرينعاماً في الأسر ، ولا عن مجموعة من الأسرى وصل عددهم ( 10 أسرى ) أمضوا أكثر من ربعقرن في الأسر.

وصل عددهم إلى ( 358 ) أسير ، منهم ( 141 ) أسير من الضفة الغربية وأقدمهم وأقدم الأسرى عموماًهو سعيد وجيه العتبة ( 57 عاماً ) من نابلس ، وهو أعزب ومعتقل منذ 29/7/1977 ، و (139 ) أسير من قطاع غزة وأقدمهم الأسير سليم علي الكيال ( 56 عاماً ) من مدينة غزة، متزوج ولديه بنت ومعتقل منذ 30-5-1983 ، و ( 49 ) أسير من القدس وأقدمهم الأسير فؤادقاسم الرازم ( 49 عاماً ) أعزب ومعتقل منذ 30-1-1980 و ( 22 ) أسير من المناطق الفلسطينيةالتي أحتلت عام 1948 ، وأقدمهم وأكبرهم سناً هو الأسير سامي خالد يونس ، وهو متزوجومعتقل منذ 5-1-1983  وقد تجاوز السبعون عاماًمن عمره ، فيما بينهم ( 5 ) أسرى عرب وأقدمهم وعميدهم هوالأسير اللبناني / سمير ساميالقنطار ( 46 عاماً ) من قرية عبية في الجنوب اللبناني ، وهو أعزب ومعتقل منذ 22 نيسان1979 ، بالإضافة إلى  ( 4 أسرى ) سوريين منهضبة الجولان المحتلة وهم بشير سليمان المقت ( 42 عاماً ) وصدقي سليمان المقت ( 40عاماً ) ، وعاصم محمود والي ( 40 عاماً ) وستيان نمر والي ( 41 عاماً ) ، وجميعهم معتقلونمنذ أغسطس1985.

لهؤلاء الأسرى القدامى حكايات وقصص طويلة تحتاج لمجلداتولأشهر الكتاب والشعراء والمؤرخين لتدوينها ، وهم يعانون ضعف مما يعانيه الأسرى الآخرون، ولكل منهم قصصه وحكاياته ، فهم أفنوا زهرات شبابهم خلف القضبان ، وتعرضوا لصنوف مختلفةمن التعذيب وتنقلوا للعيش من سجن لآخر ومن زنزانة إلى أخرى ، وذاقوا مرارة العزل بأنواعهالمختلفة ، وعاصروا أجيال وأجيال ، فاستقبلوا آلاف الأسرى الجدد ، وودعوا أمثالهم ،ومنهم من أمضى من عمره في السجن أكثر مما أمضى خارجه ، وبينهم من ترك أبنائه أطفالاً، ليلتقي بهم ويعانقهم للمرة الأولى وهم أسرى مثله خلف القضبان كالأسير فخري البرغوثىالذي اجتمع بنجليه فى سجن عسقلان ليحتضنهم لأول مرة بعد اعتقال استمر سبعة وعشرين عاماً، والأمر نفسه بالنسبة للاسير أحمد أبو السعود الذي ترك أولاده الخمسة في السنوات الأولىمن عمرهم ليلتقي هو وأحد أبناءه بعد أكثر من عشرين عاماً في السجن بدلاً من أن يلتقيافي منزل العائلة كباقي الناس.

منهم من كبر أبنائه وتزوجوا ، واكتفى لأن يرسل لهم ببعضالكلمات كهدية بمناسبة زفافهم بدلاً من أن يحضر حفل الزفاف بنفسه ، ومنهم من فقد والديهأو احداهما ، دون أن يُسمح لهُ بأن يُلقي ولو حتى نظرة الوداع الأخير عليهما قبل الدفن، وبعضهم محروم من زيارة الأهل منذ سنوات ، و الكثير منهم لم  يرَ أحبة وأصدقاءله منذ لحظة اعتقاله ، بل ونسى صورهم وملامح جيرانه وحتى أقربائه.. إلخ

يعيش الاسرى القدامى كباقي الأسرى، فلا اعتبار لكبرسنهم أو لعدد السنين الطويلة التي أمضوها وآثارها السلبية عليهم من جراء ظروف السجونالتى هي أصلاً لا تتناسب وأبسط الحياة البشرية وتفتقر لأدنى الحقوق الإنسانية ، و إلىوسائل الرعاية الصحية، وهم يعيشون مع باقي الأسرى في ذات الظروف الإعتقالية القاسيةويتعرضون لما يتعرض له الأسرى من معاملة غير إنسانية واستفزازات يومية وقمع متواصلومداهمة غرفهم بشكل مفاجئ ليلاً ونهاراً واجراء تفتيشات استفزازية ، وفي أحياناً كثيرةولأتفه الأسباب تقدم الإدارة على عزل بعضهم في زنازين انفرادية ، كما وتجري تنقلاتمستمرة لهم خشية من تأثيراتهم على الأسرى ولإحداث ارباكات وعدم خلق اجواء استقرار داخلالسجون ، ما يعني شخصية مركبة ومعاناة للأهل ، حيث عليهم التنقل معهم متحملين اشكالمختلفة من العذاب والمعاناة .

ان أوضاعهم الصحية مقلقة للغاية ، اذ ان الغالبية العظمىمنهم تعاني من أمراض مختلفة وبدرجات متفاوتة ، في ظل سياسة الإهمال الطبي المتعمد ،ما يفاقم أمراضهم ويؤدي الى استفحالها ، ويعرض حياتهم للخطر ، ومنهم من يعاني من أمراضخطيرة تستدعي عمليات عاجلة ، ولكن نادراً ما يتم نقل أحدهم إلى ما يسمى مستشفى سجنالرملة ، في ظل نقص العلاج الضروري وعدم السماح بادخاله من الخارج وهذا مخالف لكل الإتفاقياتالدولية التي تلزم الدول الحاجزة على توفير العيادات المناسبة والعلاج والأدوية الضرورية، وجزء منهم إلتحقوا بقافلة شهداء الحركة الأسيرة ، بعد ان ساءت وتدهورت اوضاعهم الصحية، ورفض سلطات الإحتلال الإفراج عنهم رغم مرور سنوات طوال على اعتقالهم مثل الأسير محمدحسن ابوهدوان من القدس، والذى استشهد فى مستشفى اساف هروفيه الاسرائيلى بتاريخ4-11-2004 ،  بعد أمضى 19 عاماً في الأسر، وأيضاًالأسير يوسف دياب العرعير من غزة والذي استشهد في سجن الرملة بتاريخ 20-6-1998 

اما الموقف الإسرائيلي منهم ، فإن حكومات الإحتلال المتعاقبةلا زالت متمسكة بشروطها ومعاييرها المجحفة الظالمة ، حيث تصف هؤلاء القدامى ( بالأياديالملطخة بالدماء ) ، وبالتالي ترفض إطلاق سراحهم ، وبالتالي تم استبعادهم من الإفراجاتالتي أعقبت اتفاق أوسلو والإتفاقيات الأخرى ، ومن كافة الدفعات التي أطلق سراحها خلال إنتفاضة الأقصى، ليس هذا فحسب بل عمليةالتبادل مع حزب الله في يناير 2004 لم تتضمن هي الأخرى أيٍ من هؤلاء الأسرى القدامىأيضاً.

وبالنسبة للإتفاقيات الموقعة ما بين الحكومة الإسرائيليةمن جانب ومنظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية من جانب آخر ، فإن اتفاق أوسلووالإتفاقيات اللاحقة لم تتضمن نصاً واضحاً يكفل الإفراج عنهم ، سوى اتفاقية شرم الشيخالموقعة بتاريخ 4 سبتمبر 1999 ، التي عالجت جزءاً من الخلل وتضمنت نصاً واضحاً يكفلالإفراج عن كافة الأسرى القدامى حيث ورد النص التالي : ( ان الحكومة الاسرائيلية ستفرجعن المعتقلين الفلسطينيين الذين ارتكبوا مخالفاتهم قبل 13 ايلول 1993 ، والذين اعتقلواقبل 4 أيار 1994 ( أي قبل إعلان المبادئ وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية ) ،حيث أنحكومة الإحتلال وبموجب ذلك أطلقت سراح المئات منهم ، فيما لا تزال تحتجز المئات منهموترفض اطلاق سراحهم بالرغم من مرور أكثر من ثماني سنوات على تلك الإتفاقية