من المهم الاطلاع على الموقف الاسرائيلي من المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، فلا يجوز أن نكتفي بالقول أنه مع أو ضد لأن الشارع الاسرائيلي السياسي والاجتماعي والحزبي، وكذلك الكتاب والصحفيون الاسرائيليون يتوزعون على الطيف الواسع من الأحزاب والتنظيمات والآراء والمواقف بحيث نرى مواقف متفاوتة بين الذي يعتبر الاتفاق فرصة للسلام، ومن يرفضه ومن متوقع أو راغب في فشله أو يسعى لذلك الى مترقب للحدث يحلل وينظر خاصة وان خطوات الرئيس أبومازن قد أتت أكلها دبلومسيا عربيا ووعالميا وها هي تنجح داخليا.

 يقول السياسي الاسرائيلي المعروف (يوسي بيلين) أنه ( في الوضع الذي نشأ من الأفضل لنا ان تعترف حماس بمحمود عباس رئيسا للسلطة وأن تُمكّنه من اجراء تفاوض سياسي مع "اسرائيل: يؤتى به في نهاية الامر لاستفتاء الشعب) مضيفا حول اتفاق المصالحة (لا يجب علينا ان نحتضن الاتفاق الجديد، فلسنا نعلم ما يكفي عنه لتأييده، لكننا لا نعلم ايضا ما يكفي بنفس القدر لرفضه.)

 و يقول الكاتب أوري مسغاف في يديعوت (الحقيقة هي أنه في المصالحة الفلسطينية تكمن روافع هائلة. للتقدم السياسي الحقيقي، لاقامة كيان سياسي موحد يكون ممكنا أيضا مطالبته بمسؤولية عامة) على عكس ادعاءات نتنياهو "والجوقة" الذي وٌصف فيما سبق من قبل الكتاب والسياسيين الاسرائيليين (بالمتملص) وها هو ثانية يتملص ويتهرب ويجد العذر لعدم التقدم على درب السلام.

وفيما يدعو الكاتب ايتان هابر في يديعوت الى الحديث مع حماس وعدم تفويت الفرصة ، يورد الكاتب جدعون ليفي بعد أن يدين الجوقة حول رئيس الوزراء الاسرائيلي أنه ( يجب ان نمنح الامر"اتفاق المصالحة" أملا.)

ويتقدم الكاتب المعروف تسفي برئيل في هآرتس ليقول ان امام (اسرائيل) فرصة نادرة ليس (بأن تدرك ان جزئي الشعب الفلسطيني هما كيان واحد فحسب بل ان تصحح الأخطاء التي قامت بها في 2006. يجب عليها ان تُصرف الامور مع كل حكومة فلسطينية حتى لو شارك فيها ناس حماس.)

فيما كانت جريدة هآرتس أيضا قد انتقدت نتياهو بقسوةمشيرة لضرورة (ان تكون خطبة بيبي أمام مجلس النواب الامريكي تحت شعار يقول ان اسرائيل مستعدة لتعريض نفسها للخطر من اجل احراز سلام، كل هذا عن فرض انه يجب على الفلسطينيين ايضا الاجتهاد وان يكونوا شركاء في المخاطرة.)

ومقررة-أي أسرة تحرير هآرتس- أنه (ليست المصالحة بين حماس وفتح اجراء سلبيا بالضرورة، اذا كان الفلسطينيون يتجهون الى تسوية. فهي تفتح منفذا لمبادرة اوباما الى احلال نظام هنا مع تثبيط الارهاب)

وفي الاتجاه الآخر فان الروافض من الاسرائيليين  منهم من يصل الى اعتبار الاتفاق مصيبة على (اسرائيل) فها هو الكاتب مردخاي كيدار الذي يطلق على الاتفاق  اسم زواج "مؤقت" كزواج المتعة المؤقت عند الشيعة ، وذلك في مقالته  في (اسرائيل اليوم) اليمينية وحيث يقرأ في موقف وعقل الرئيس أبومازن ليستنتج عنه أن ما حصل جاء في سياق أنه (من الأفضل لأبي مازن ان يخسر الدولة لحماس من ان يُعرض باعتباره خائنا. يجب عليه أن يبلغ ايلول مع هدوء مصنوع في ساحته الخلفية، وهو يحاول شراء هذا الهدوء لهذا الاتفاق.)

مضيفا ذات الكاتب أيضا عن حماس قائلا (في الآن نفسه يقف قادة حماس ويتطلعون الى رؤية كيف يحتضن العالم أبو مازن ويتجاهلهم برغم ان لهم في غزة دولة كاملة.) وبعد تحريض وتحشيد للسلبيات و تحليل طويل يعتبر فيه أن لا أمل في الاتفاق بين حماس و (م.ت.ف) لأنهما مختلفتان كليا ؟!

 يخلص (مردخاي كيدار) الى (أن الاختلافات بين م.ت.ف وحماس في الأهداف وفي طرق احرازها – قائمة حتى اليوم. والفروق في التصورات العامة لم تتقلص خلال سني الانشقاق وكذلك ايضا الاتهامات والشتائم.)

حيث( سيظل ازدواج الحكم يقسم السلطة الفلسطينية برغم محاولات مضاءلة المعركة، وعندما يحين وقت تقاسم جلد الدب – ربما بعد الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية في يهودا والسامرة وغزة – ستطفو الاختلافات على السطح) مبشرا (؟!) ان الاتفاق سيفضي لدولتين كما هو الحال بين باكستان وبنغلاديش؟!

ويدعو الكاتب أليكس فيشمان في صحيفة يديعوت الى الحذر ومراقبة سلوك حماس والقسام، وسلوك الأجهزة الامنية في الضفة مؤثرا عدم قطع العلاقات، ومعتبرا أنهم في السلطة لا يعرفون حتى الآن كيف يبتلعون الضفدع؟!

(وذلك لان الواضح لهم هو انه اذا قامت على الاطلاق حكومة تكنوقراط كهذه، فان اسرائيل لن تتعاون مع أي وزير من حماس.)

بينما يقول السياسي والكاتب (دوف فايسغلاس) في افتتاحية يديعوت أحرونوت ان (اتفاق المصالحة بين حماس والسلطة الفلسطينية، اذا ما خرج الى حيز التنفيذ هو حدث سلبي للغاية في تاريخ النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، يضع قيد الشك امكانية ان تتحقق في أي وقت من الاوقات تسوية سلمية بين الشعبين. حتى لو هذرت حماس بـ 'الايات المقدسة' التي تطالب بها الرباعية، فلن يتغير جوهرها كعصبة وحشية واجرامية.)

مشيرا الى أن  (اسرائيل) هي السبب في المصالحة بأفعالها، ومنها تخليها عن المفاوضات الجادة، ومع ذلك رافضا –أي الكاتب-قطع الاموال ومحاربة السلطة لأن العالم ليس مع (اسرائيل) اليوم.

ويحلل كل من آفي يسسخروف وعاموس هرئيل في جريدة (هأرتس) الوضع في ظل أن الثورات العربية دفعت حماس للاتجاه للمصالحة ولكن تطبيقها سيصطدم بالمصاعب، ليقولا أن : (انتصار حماس في الانتخابات سيؤدي في حينه الى أزمة حقيقية مع اسرائيل، من شأنها أن تتدهور لاحقا الى مواجهة عسكرية. من جهة اخرى، اذا تغلبت فتح، من الصعب ان نرى كيف تتخلى حماس عما حققته وتسلم الى الخصم المرير السيطرة في قطاع غزة

بينما الكاتب (عوديد عيران) في (هآرتس) وبعد أن يحدد أن مجال المناورة في ظل المصالحة الفلسطينية يتقلص أمام الاسرائيليين يخلص الى دعوة نتنياهو بأن يقوم ب(خطوات محسوسة في المنطقة (ج)، "لأنها"ستساعد اوباما ونتنياهو على تجنيد كتلة اوروبية تشمل نحوا من خمسين دولة.)

مضيفا( إن كتلة كهذه ستضائل الفعل الاخلاقي – السياسي لقرار في الجمعية العامة للامم المتحدة وتسد الطريق الى مجلس الامن. إن المزاوجة بين أبو مازن ومشعل تمنح اسرائيل فرصة تحسين وضعها السياسي ولا سيما اذا لم تتناول وثيقة المصالحة شروط الرباعية (التخلي عن الارهاب وقبول اتفاقات الماضي والاعتراف باسرائيل).

ان الآراء الاسرائيلية المتفاوتة التي عرضناها وغيرها والمواقف الحكومية اليمينية المتشنجة تجعل من مساحة الحركة الفلسطينية بينها متاحة، كما ان صلابة وقدرة الرئيس أبومازن الذي حقق التقدم في السياسة الخارجية وفي تكريس المصالحة الداخلية يضع على أكتاف المتصالحين عبئا كبيرا

 فهذا الطريق أي طريق الحوار والديمقراطية والمصالحة والدولة المدنية والتعددية السياسية وتحديد العدو بوضوح يجب أن يكون من الآن محسوما ولا رجعة عنه لدى جميع الأطراف الموقعة حيث أن كل خلاف قادم –وربما تكون الاختلافات عند التطبيق كثيرة- يجب أن تحل بمزيد من الحوار دون قتل أو تشهير أو تخوين أو تكفير يجب أن يكون قد مضى عهده.

  والا تتحقق فينا تنبؤات بعض الكتاب العبريين فلا نتمكن من ابتلاع الضفدع ويكون ما قمنا به كما قال الكاتب العبري كيدار مجرد اتفاق مؤقت (زواج متعة) ينقضي حكما اثر الايلاج بعد ساعة ودون اعلان طلاق.