مـولـده

ولد الشهيد القائد/ ماجد أبو شرار في قرية دورا قضاء الخليل عام 1936، وقد عاش طفولته بين القمم الشمّاء التي تشتهر بها منطقة الخليل بما تمثله من صلابة وشموخ، وبين عناقيد العنب وغابات التين والزيتون، ترعرع ماجد وأنهى مرحلة الإبتدائية في مدرسة قريته، وهو الأخ الأكبر لسبعة من الأبناء الذكور الذين رزق بهم والدهم الشيخ محمد عبد القادر أبو شرار، ومعهم ثلاث عشرة أختاً.

والـده
كان يعمل والده فنياً للاسلكي في حكومة الإنتداب البريطاني حتى إذا كانت حرب 1947/1948 إلتحق بجيش الجهاد المقدّس بقيادة الشهيد عبد القادر الحسيني ضابطاً في جهاز الإشارة.

وعندما حلّت الهزيمة بالجيوش العربية صيف 1948 آثر مرافقة الجيش المصري الذي إنسحب إلى قطاع غزة مع كل أفراد أسرته على أمل أن يعاود ذلك الجيش بإعتباره العمود الفقري للجيش العربي الكرّة من جديد في محاربة الكيان الصهيوني الذي بدا يفرض وجوده على الأراضي الفلسطينية المغتصبة.

لكن الرجل بقي في غزة وإستقال من الخدمة العسكرية عندما رأى الجمود على جبهات القتال وألقت الهدنة الدائمة بظلالها الكئيبة على حدود فلسطين المغتصبة، وإستفاد أبو ماجد من دبلوم الحقوق الذي كان يحمله، فعمل مسجلاً للمحكمة المركزية بغزة ثم قاضياً، ثم تقاعد وعمل محامياً أمام المحاكم الشرعية حتى وفاته عام 1996 بمدينة غزة.

دراسـتـه
وفي غزة، درس ماجد المرحلة الثانوية، وفيها تبلورت معالم حياته الفكرية والسياسية ثم إلتحق عام 1954 بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية ومنها تخرج عام 1958م حيث إلتحق بأمه وإخوانه الذين كانوا قد عادوا - من أجل الحفاظ على أملاكهم - إلى قريتهم دورا قضاء الخليل/ جنوب الضفة الغربية، بينما بقي الوالد مع زوجته الثانية وأنجالها في قطاع غزة.

تـطـوّر وعـيـه الـوطـنـي
في الأردن، عَمِلَ ماجد مدرّساً في مدرسة ( عي ) قضاء الكرك ثم أصبح مديراً لها وتعاقد مع ثري سعودي فسافر إلى الدمّام ليعمل محرراً في صحيفته اليومية ( الأيام ) سنة 1959م. وكان ماجد في غاية السعادة حين وجد نفسه يمتلك الوسيلة العصرية للتعبير من خلالها عن أفكاره السياسية والوطنية، وفي أواخر عام 1962 إلتحق بحركة ( فتح )، حيث كان التنظيم يشق طريقه بين شباب فلسطين العاملين في تلك المنطقة التي عرفت رموزاً نضالية متميّزة في قيادة فتح أمثال المهندسين الشهيدين/ عبد الفتاح حمود وكمال عدوان والأخوة أحمد قريع وسليمان أبو كرش والشهيد صبحي أبو كرش ومحمد على الأعرج والحاج مطلق القدوة وغيرهم .

تـفـرّغـه فـي الإعـلام
في صيف 1968 تفرّغ ماجد أبو شرار للعمل في صفوف الحركة بعمّان في جهاز الإعلام الذي كان يُشرف عليه مفوّض الإعلام آنذاك المهندس كمال عدوان، وأصبح ماجد رئيساً لتحرير صحيفة ( فتح ) اليومية، ثم مديراً لمركز الإعلام، وبعد إستشهاد كمال عدوان أصبح ماجد مسؤولاً عن الإعلام المركزي ثم الإعلام الموحّد، وكما إختاره إخوانه أميناً لسر المجلس الثوري في المؤتمر الثالث للحركة.

مـاجـد والـتـوجـيـه الـسـيـاسـي
لقد كان ماجد من أبرز من إستلموا موقع المفوّض السياسي العام، إذ شغل هذا الموقع في الفترة ما بين 1973 - 1978، وساهم في دعم تأسيس مدرسة الكوادر الثورية في قوّات العاصفة عام 1969 عندما كان يشغل موقع مسؤول الإعلام المركزي، كما ساهم في تطوير مدرسة الكوادر أثناء تولّيه لمهامه كمفوّض سياسي عام.

مـاجـد رجـل الـمـواقـف
مثّل ماجد قيمة فكرية ونضالية وإنسانية وأدبية، وعُرف عنه كفاءة في التنظيم وقدرة فائقة على العطاء والإخلاص في الإنتماء، وقد أُختير عام 1980 ليكون عضواً في اللجنة المركزية لحركة ( فتح )، وكانت لماجد مواقف حازمة في وجه الأفكار الإنشقاقية التي كانت تجول بخلد بعض رموز اليسار في صفوف حركة ( فتح ) فلا أحد منهم يستطيع المزاودة عليه فهو ذو باع طويلة في ميدان الفكر، وكان سبباً رئيسياً في فتح الكثير من الأبواب المغلقة في الدول الإشتراكية أمام الثورة والحركة.

ومن هنا لم يستطع أصحاب الفكر الإنشقاقي أن يقوم بإرتكاب تلك الخطيئة الكبرى - المحاولة الإنشقاقية عن فتح تمّت في سنة 1983 - إلا بعد رحيل صمّام الأمان ماجد أبو شرار.

مـاجـد الـمُـفـكّـر والـكـاتـب
ماجد كفاءة إعلامية نادرة، كما هو قاصٍ وأديب، ولقد صدرت له مجموعة قصصية بأسم ( الخبز المر ) كان قد نشرها تباعاً في مطلع الستينيات في مجلة ( الأفق ) المقدسية، ثم لم يعطه العمل الثوري فسحة من الوقت ليواصل الكتابة في هذا المجال.

وكان ماجد ساخراً في كتاباته السياسية في زاويته ( جداً ) بصحيفة ( فتح )، حيث إشتهر بمقالاته: صحفي أمين جداً، واحد غزاوي جداً،  شخصية وقحة جداً، وواحد منحرف جداً.

إسـتـشـهـاده
لم يستطع ( الكيان الصهيوني ) أن يتحتمّل أفكار ماجد والتي يجود بها قلمه السيّال كما لم تحتمل من قبل كتابات غسان كنفاني وكمال ناصر وكمال عدوان.

فدبّر له عملاء الموساد شراكاً قاتلة كان ذلك في صبيحة يوم 09/10/1981، حيث إنفجرت تحت سريره قنبلة في أحد فنادق روما أثناء مشاركته في فعاليات مؤتمر عالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، فصعدت روحه إلى بارئها، ونقل جثمانه إلى بيروت ليدفن في مقابر الشهداء، وهكذا إنتهت رحلة الجوّال الذي إنطلق من ( دورا ) إلى غزة إلى مصر الكنانة إلى السعودية إلى الأردن، إلى دمشق وبيروت، ومنها عبر الآفاق إلى معظم عواصم العالم من هافانا في أقصى الغرب إلى بكّين في أقصى الشرق