الخطاب الشامل للرئيس أبو مازن أمام المجلس الثوري حدَّد التوجهات السياسية للحركة بكل جرأة ووضوح وهذه التوجهات تتلخّص بالنقاط الجوهرية التالية:
أ- الوقف الشامل للاستيطان في كافة الاراضي المحتلة العام 1967 بما فيها القدس شرط مُلزم لانطلاق المفاوضات المباشرة، مع التركيز على موضوعي الحدود والأمن، ومعالجة قضايا الوضع النهائي الأخرى.
ب-الاستمرار في التشاور مع لجنة المتابعة العربية والجامعة العربية والتنسيق المتواصل مع الأشقاء العرب، وهذا الأمر مرتبط بقرار فلسطيني على أعلى مستوى.
ج-إنَّ الشعب الفلسطيني الساعي إلى السلام لن يتهاون في حقوقه الوطنية الثابتة.
د-إنَّ الشعب الفلسطيني يمتلك العديد من الخيارات التي يمكنه استخدامها عندما تتعطل المفاوضات.
هـ-المصالحة الوطنية، واستعادة وحدة الشعب والوطن ونظامه السياسي، وتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الحزبية يعزِّز فرص الانتصار الوطني.
و- لن نسمح بإنهيار أمن المواطنين الفلسطينيين والسلطة الوطنية، ونرفض المحاولات التي أقدمت عليها حماس لزعزعة الاستقرار في الضفة.
لايكفي أن نثمَّن مواقف الرئيس وانما المطلوب أن نكون معه جنباً الى جنب في الميدان
هذه القضايا التي تشكل جوهر الخطة السياسية الراهنة وهي في غاية الأهمية، ولذلك نحتاج إلى توفير القدرات الفاعلة والمؤثرة في جسم الحركة، والتي بإمكانها أن تشكل رافعةً حقيقية للانتقال من الجانب النظري إلى الجانب العملي، وأن تكون هناك عملية انخراط جدية ومتكاملة لتشكيل جبهة فلسطينية متماسكة عمودها الفقري الموقف الفتحاوي المصمم على أخذ دوره المطلوب بجدية مطلقة، وإذا ما حقق الموقف الفتحاوي قفزة جديدة مدروسة في التهيُّؤ للمواجهة يكون بالإمكان الدخول في مواجهات جدية ضد الاحتلال في مختلف المجالات. ولذلك لا يكفي أن يقول المجلس الثوري بأنه يثمِّن الجهود والتحركات التي يقوم بها الرئيس أبو مازن لحماية المشروع الوطني الفلسطيني، والتمسك بالثوابت، ورفضه للضغوطات الاميركية والاسرائيلية، وإنما المطلوب مشاركة حركية أشمل، وأعمق، وأصلب في المعركة التي يخوضها الرئيس أبو مازن ضد الاحتلال، ونحن نستطيع القول بأن هناك مشاركة فاعلة عندما تكون كافة المفوضيات الحركية في حالة استنفار تام، وانسجام تام، بعيداً عن أية تناقضات داخلية، أو خلافات مفتعلة. إذا ما تجاوزنا كأطر حركية الخلافات، وإذا ما أعددنا العدة، وحسمنا أمرنا بأننا جنود في حركة فتح لتنفيذ برنامجها وأهدافها، عندئذ نقول للرئيس أبو مازن نحن جنود معك، جنباً إلى جنب، همُّنا أن تكبُرَ فتح، وأن تكون على مستوى التحدي الذي كرَّسه الرئيس ابو مازن، وآن الأوان وفاء للرئيس أبو مازن الذي يخوض معركة مصيرية لحماية حقوق شعبه، وتجسيد وحدة الوطن والشعب الداخلية أن نكون جميعاً على الجبهة الأمامية جنوداً مخلصين، وأن نرفض البقاء على مقاعد المتفرِّجين والمصفِّقين، وأن نحمي جبهتنا الداخلية من الانتهازيين، والمتسلِّقين، والعابثين، فحركة فتح حركة التاريخ الفلسطيني والشعب الفلسطيني، ولا يجسِّدها ويحمي مسيرتها إلاّ العظماء.
إنَّ البند الثاني الذي يدعو اللجنة الرباعية إلى الاضطلاع بمسؤولياتها كاملة، والبند الثالث الذي يثمِّن الجهد العربي الداعم والمساند للموقف الفلسطيني، والبند السادس حيث يحيي المجلس دور منظمة المؤتمر الاسلامي على جهودها تجاه القدس، هذه جميعها مهمة، ولكنَّ الأهم من ذلك الخطوات العملية لانجاز المصالحة الوطنية، وتحقيق الوحدة الوطنية، ابتداءً من تماسك الوضع الفلسطيني الداخلي، وقوة الحضور الكلي لمكونات الشعب الفلسطيني سياسياً، واجتماعياً، وإعلامياً، وعودة المؤسسات التشريعية إلى عملها الجامع، وسلامة الأداء القيادي الجماعي من منطلق الأداء الفلسطيني بعيداً عن حالة الارتهان للتأثيرات الاقليمية الخارجية. وإذا ما توافرت هذه المقومات انتفت حالة الانقسام السوداء، وينتقل العالم في تعامله معنا ومع قضايانا الوطنية، وحقوقنا المشروعة على أرضية الاحترام والالتزام، وليس على أرضية تحسين الوضع المعيشي والانساني، فمناشدة القوى المؤثرة في العالم دولياً، وعربياً، وإسلامياً هو أمرٌ مهمٌّ، ولكنَّ الأهمَّ ألف مرة هو أن نخاطبهم ونحن نقف على أرضية وطنية في ظل برنامج سياسي موحَّد، وسلطة واحدة، وأن لا نترك الساحة الفلسطينية مفتوحة ومشرَّعة لمن يريد الاستثمار. فالعالم يحترمُ القوي، ولا ينظر إلى الضعفاء، لأنّ العلاقات اليوم تقوم على المصالح المتبادلة إجمالاً وليس على العدالة والقانون.
في البند الرابع هناك قضية جوهرية وهي رفض ما يسمى "بالدولة اليهودية"، ورفض قيام أي دولة عنصرية قائمة على الديانة، عملاً بالقانون الدولي ومواثيق حقوق الانسان". ونحن بالتأكيد لا يمكننا إلاّ أن نرفض هذه التسمية التي تشكل عدواناً حقيقياً على حقوق شعبنا في الاراضي المحتلة العام 1948، وأيضاً على حق شعبنا بالعودة إلى أرضه، وهي تؤشر إلى الاصرار على العبث بواقعنا، وبمصير شعبنا، وتدمير مقومات وجودنا الوطني. وعندما تصل حكومة نتنياهو إلى هذا المستوى من الغطرسة، والتجاهل الكامل للقرارات الدولية، والرقص القبيح على ركام جماجم شعبنا، وعلى أنقاض المآسي التي حلَّت بأهلنا، وطرح قضية الاعتراف بيهودية الدولة، ومحاولة تسويقها إلى جانب فرض قسم الولاء لإسرائيل على كل من يحمل الجنسية الاسرائيلية، وممارسة سياسة التهجير القسري، وسحب البطاقات من المقدسيين، والتضييق على أهلنا في الاراضي المحتلة العام ،1948 هذا كله يأتي في إطار مشروع متكامل إقتلاعي لأبناء الارض، والموضوع ليس مجرد "مزحة إعلامية" إنه طعنة خنجر عنصري مسموم في جسد القضية الفلسطينية. والرد يجب أن يكون بمستوى خطورة هذا المشروع الجهنّمي، فالرئيس أبو مازن في ذكرى استشهاد الرمز ياسر عرفات كان واضحاً في رفض هذا الطرح جملة وتفصيلاً، ولذلك فإنَّ المتوقَّع من المجلس الثوري إضافة إلى الرفض هو اعتماد خطة مواجهة فلسطينية، وإيجاد حالة تفاعلية تستفيد من هذا الاعلان الاسرائيلي العنصري الذي يؤدي إلى نسف مجموعة من القرارات الدولية التي تعترف بحق اللاجئين بالعودة.
ما أقصده حقيقة أن حكومة إسرائيل العنصرية تعرف ماذا تريد، ولا تقفز قفزة في الهواء، مستفيدة من حالة الانقسام الفلسطيني، فهل حين رفضنا هذه المقولة العنصرية اعتمدنا مشروعاً سياسياً متكاملاً على كافة الصعد لمواجهة هذا الخطر الداهم، أو أنَّ الرفض كان مجرد طفرة ،وكفى الله المؤمنين القتال. فهل مؤسسات (م.ت.ف)، ومفوضيات حركة فتح، والسفارات في العالم، والوزارات في السلطة، والأطر التنظيمية على اختلافها في الداخل والشتات قامت بواجب فضح المشروع الصهيوني، وتعرية حكومة نتنياهو المختبئة خلف ساتر من الاوهام، والخداع، والتضليل، فالأمر يحتاج إلى وقفة موضوعية تتميَّز بالجرأة، والحنكة السياسية، وحسن استخدام الطاقات والقدرات المتوافرة لدينا.
أهمية الرئيس ابو مازن أنه ينفّذ قرارات المؤسسات التشريعية الفلسطينية
في البند الرابع نفسه يشدد المجلس الثوري في بيانه "على المساندة الكاملة لموقف الرئيس برفضه للدولة ذات الحدود المؤقتة". الأهم هو أنَّ الرئيس أبو مازن ينفذ قرارات المجلس المركزي، واللجنة التنفيذية، واللجنة المركزية لحركة فتح، ولا ينفذ قراراً شخصياً، وهذا دليل إئتمان من الرئيس ابو مازن على قرارات المؤسسات الشرعية الفلسطينية، فهو يتميّز بالمصداقية، والواقعية، ولذلك انا أرى ان نحيي الرئيس ابو مازن كقائد لشعبه على إلتزامه بتنفيذ قرارات القيادة الفلسطينية، وحرصه على المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، ورفضه للمساومة على الثوابت الوطنية، وصبره على الحملات التحريضية والتجريحية من الابعدين والاقربين. أقصد مما قلته أن نعطي الرئيس ابو مازن حقه الطبيعي انه ليس مجرد قائد، وإنما هو يمثل هذا الشعب الفلسطيني، ومؤسساته الشرعية، وطموحاته الوطنية.
في البند الخامس ورد ان المجلس الثوري "يؤكد أهمية المقاومة الشعبية، ويدعو الى تفعيلها، وتوفير الظروف لإنجاحها، ودعوة كل أبناء الحركة وجماهير شعبنا الفلسطيني الى الانخراط فيها..."
خيار المقاومة الشعبية مشروع وطني متكامل بوجه الاحتلال العنصري
إنَّ الدعوة الى تفعيل المقاومة الشعبية، وتوفير الظروف لإنجاحها، ودعوة الجميع للانخراط فيها، يعني انها شبيهة بإنتفاضة شعبية بعيدة عن الرصاص ،وعن المربع العسكري الذي تمّيزت به الانتفاضة الثانية، وهو أقرب الى الانتفاضة الاولى، ولكنه يختلف بأنّ هناك سلطه قائمة، وشرطة، وأجهزة أمنية، ومؤسسات.
فما الذي نريده نحن كحركة فتح من هذه الدعوة بالغة الأهمية، والتي أصبح بإمكاننا وصفها بأنها من الخيارات الواقعية والمنطقية المقبولة، التي بالإمكان أن تشكل حالة اجماع مشجّعة تحمل في أعماقها إمكانية التطوير والنضوج والقدرة على التعبير.
وطالما ان الاحتلال الاسرائيلي يصعِّد يومياً فيضاعف من الاستيطان والتهويد، ويغيّر معالم القدس واقصاها وباقي المعالم الدينية، ويعتبر القدس العاصمة الوطنية لإسرائيل، ويشِّرع مبدأ الاستفتاء الشعبي على أية اتفاقات سياسية تتعلق بعملية السلام أي بمعنى أوضح قطع الطريق على عملية السلام بكاملها، مقابل ذلك لا بد أن تكون حركة فتح واضحة كل الوضوح في خطتها وبرامجها، وجاهزة جهوزية كاملة في كل اطرها ومؤسساتها لتنفيذ الخطة المرسومة والمتفق عليها. ونحن نفترض أن هناك خطة كاملة متكاملة لدى القيادة طالما هي تدعو الى المقاومة الشعبية ، وضرورة تشكيل خلية قيادية ذات خبرة تمتلك القدرات والامكانيات، وتُحسن استخدام الاساليب والوسائل والادوات التي تخدم الاهداف المحددة. فالخلية القيادية المعينة اساسية، والخطة المطلوبة ضرورية، والادوات والاساليب والوسائل هي كما يقولون "عدة الشغل" هذه الأمور الثلاثة مترابطة، وغياب أي عامل من العوامل الثلاثة هو إعلان واضح للفشل.
في الجانب الميداني لا بد من الخطوات العملية الى جانب ما تقدم لإنضاج مفهوم المقاومة الشعبية، وهذا الامر يحتاج الى أعلى مستوى من المسؤولية لأجل تحّمل تبعات هذه المقاومة الشعبية التي هي في الواقع ليست نزهة، وانما هي طريق مليئة بالاشواك والصعاب، وتحتاج الى قدرة قيادية مميزّة للتعاطي اليومي مع المستجدات والتداعيات حتى لا نصل الى الحائط المسدود، وخيار المقاومة الشعبية لا يجوز أن يفشل لأنه الخيار الأكثر قبولاً وتقبلاًَ، وهو الذي نراهن عليه كحركة فتح في هذه المرحلة.
أما الخطوات العملية المقترحة لتفعيل هذا الخيار فإننا نقترح التالي:
أ- مع التثمين والتقدير لما يجري حالياً في بلعين ونعلين وغيرها الاّ أنّ المطلوب هو توسيع مساحة الإحتجاجات والمواجهات لتشمل مختلف المحافظات، حتى يشعر الاحتلال الاسرائيلي بأن إحتلاله مُكلفٌ له، وأَنّ لهذه الارض أصحابَها، وأَن قرار المقاومة الشعبية قرار شامل وجامع وهادف.
ب- المقاومة الشعبية يجب أن لا تكون محدودة في يوم معيَّن كيوم الجمعة فالزمنُ كلُّه مفتوحٌ لنا، وعلينا أن نستثمره لأنّ الزمن كالسيف إن لم تقطعه قطعك، ولا يجوز أن نسمح للاحتلال باستثمار الزمن بكل ساعاته ودقائقه ونحن نتفرَّج.
ج- المقاومة الشعبية يجب أن تدخل في صلب النسيج الاجتماعي للشعب الفلسطيني، وأن تعيش في قلب وعقل الحالة الوطنية الفلسطينية، وأن تتسع دائرة تأثيرها وانفتاحها على مختلف الشرائح الاجتماعية، وهذا يعني ضرورة إنخراط طلبة وأساتذة الجامعات، وتلامذة المدارس، والطواقم الطبية، والاتحادات العمالية، والفلاحية، والنقابات على اختلافها، وصولاً إلى المرأة الفلسطينية ومؤسساتها، فهذه الشرائح جميعها حتى الآن لم تشارك بشكل ملحوظ.
د- التصعيد اليومي في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي عبر المسيرات، والاعتصامات، والاحتجاجات، والاحتكاكات، والمواجهات يسهم في نمو روح المقاومة، وكسر حواجز الروتين والارباك، والتهيُّؤ للمرحلة القادمة التي أهمُّ سماتها انطلاقاً من فهم واقع الاحتلال العنصري هو البحث عن الخيارات المجدية والأكثر فاعلية في التصدي للقرارات العدوانية الاسرائيلية اليومية.
هـ- إنَّ عملية التصعيد اليومي، واستعادة حرارة الوعي الوطني بكل أبعاده ومقوماته سيشكل عملية انفتاح جديدة على جبهات مواجهة أكثر فاعلية، وهذا سيزيد من تماسك الشرائح الاجتماعية، وتفاعلها اليومي، وتقليص التناقضات والتباينات، وهذا سيؤدي بالتالي إلى تكوين قيادات ميدانية تفهم ماذا تريد، وتعرف كيف تقود، وتُحسن الجانب التعبوي الجماهيري.
و- التصعيد وتطوير نمط المواجهات في إطار المقاومة الشعبية لا شك أنه سينفتح على قضايا مؤثِّرة تحتاج إلى تجذير أكثر من ذي قبل مع العمل على تطويرها مستفيدين من طبيعة الاحتلال وأساليبه، وأيضاً من تقييمنا الموضوعي لما يجري. وفي هذا المجال تبرز عملية مقاطعة بضائع العدو، وتسويق الانتاج الوطني ، وهذه معركة بحد ذاتها تحتاج إلى جهد يومي تعبوي لتغيير الواقع الاجتماعي.
أيضاً لا بد من العودة إلى القرار الذي اتخذ سابقاً بمقاطعة منتوجات المستوطنات، ومقاطعة العمال للعمل في المستوطنات، وهذا بالطبع يتطلب الاعداد الجيد والمدروس لمثل هذه المقاطعة بحيث يكون الخاسر هو الاحتلال، وأن لا يكون هناك مردود سلبي على الساحة الفلسطينية، فمقاطعة المنتوجات يفترض أن تكون مُنتجات وطنية بديلة جيدة. ومقاطعة العمال للعمل في المستوطنات يستوجب تأمين العمل البديل للعمال، أو تأمين الدعم المالي الكافي لأسرهم حتى لا تكون المقاطعة سبباً في تدمير المستوى الاقتصادي للأسرة، وهذا الموضوع هو مسؤولية القيادة والمؤسسات التي تستطيع من خلال تواصلها مع الدول الصديقة، ومع المؤسسات أن تؤمن المساعدات المالية لإنجاح هذا المشروع الجوهري.
ز- وفي حال استمرار الاستيطان والتهويد، والاجراءات القمعية والتعسُّفية من قبل سلطات الاحتلال، فإنَّ مسيرة المقاومة الشعبية التي تكون قد امتلكت مقومات الصمود والمواجهة والاستمرار من خلال الأداء اليومي، سيكون بإمكانها الوصول إلى مراحل متقدمة من المواجهة الشعبية، وخاصة العصيان المدني ضمن الضوابط التي تضعها القيادة الفلسطينية.
ح- بالتأكيد فإنَّ مثل هذا التصعيد في المقاومة الشعبية رداً على ممارسات الاحتلال العدوانية ستكون له تأثيرات سلبية و إيجابية، وستكون هناك تغييرات، ومع الزمن قد تصبح جذرية إذا أردنا الاستمرار بنهج المقاومة، فحالة الاستقرار الاجتماعي ستتأثر بسبب الاحتكاكات والمواجهات اليومية، وحالة التراخي المترافقة مع بعض التطلعات البرجوازية ستتقلَّص أيضاَ لصالح الحالة الوطنية الراهنة، والامتيازات أيضاً لن تظلَّ كما كانت، لأنَّ المقاومة الشعبية ستدخل كلَّ بيت فلسطيني، وستضع الجميع على المحك، وحالة المواجهة بالتأكيد ستدفع الاحتلال الاسرائيلي بالمقابل إلى اتخاذ الاجراءات القاسية، وإلى ممارسة الاجراءات التعسفية الضاغطة والمؤثرة على الحركة اليومية للانسان الفلسطيني. فخيار المقاومة الشعبية إذاً بالغ الأهمية لأنه يضع الجميع أمام خيار واحد وهو الاستعداد للمشاركة، والمواجهة، ودفع الثمن المطلوب دون تردد.
ط- المرحلة المتقدمة من مفاعيل المقاومة الشعبية وشموليتها لأوسع الشرائح الاجتماعية يتطلب موقفاً واضحاً من السلطة الوطنية تجاه هذه التطورات والتحولات في المجتمع الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال. السلطة الوطنية في مثل هذه الحالة معنية برعاية المقاومة الشعبية من الجانب الخدماتي، والوزارات يجب أن تكون على أهبة الاستعداد لتقديم الخدمات سواء من الجانب الصحي والعلاج والطوارئ، أم من الجانب الاجتماعي وإعالة الأسر الفقيرة، أم اعتماد الشهداء والجرحى والمعاقين الذين سيتعرضون إلى ردود فعل إجرامية من قبل الاحتلال، كذلك وزارة شؤون الأسرى والمعتقلين التي سيقع عليها الهم الأكبر في المتابعة والرعاية والمساعدة لذويهم، وفي هذا المجال تبرز أهمية وزارة الاعلام والدائرة السياسية التي من المفترض أن تحتضن فكرة المقاومة الشعبية بوجه الاحتلال، وإبراز دور المقاومة الهادف إلى طرد الاحتلال، وفضح الدور الاسرائيلي الاجرامي في تعاطيه مع المقاومين الفلسطينيين المدنيين. وهكذا يحصل التكامل بين دور السلطة الوطنية والمقاومة الشعبية الوطنية، ليشكلا بالتالي قلعة الصمود الفلسطيني بوجه الاحتلال العنصري.
ي- وإذا أردنا الوصول إلى الهدف المنشود من المقاومة الشعبية، وبناء قلعة الصمود الفلسطينية القادرة على المواجهة ينبغي على السلطة أن تدافع عن وجودها، وأن تتمسك بدورها المطلوب كونه لا يتنافى إطلاقاً مع مهمتها الأساسية وهي خدمة الشعب الفلسطيني في الداخل الواقع تحت الاحتلال. والعامل الثاني هو ضمان عدم حرف اتجاه المقاومة الشعبية باتجاه المربع العسكري أوتحويل المقاومة من مقاومة شعبية إلى مقاومة مسلَّحة، لأنَّ المقاومة المسلَّحة لها حسابات مختلفة جداً عن حسابات المقاومة الشعبية، والاحتلال الذي يميل إلى استخدام الرصاص دائماً، والقصف الصاروخي يتمنى أن يرى جبهة عسكرية وليس مقاومة شعبية حتى يجد المبررات لاستخدام أقصى حالات العنف، والقتل، والاجرام. هذا المحظور الذي نتحدث عنه يجب أن يكون محط احترام وتقدير لدى جميع الفصائل، والفصيل الذي يختلف في رؤيته مع خيار المقاومة الشعبية عليه أن لا يمارس خيارات تفجيرية أخرى غير مدروسة وغير متفق عليها مع المجموعة، لأنه في حال الاصرار على تنفيذ أجندته الخاصة سيعطِّل البرنامج الجماعي للآخرين، وسيقدم خدمة للاحتلال شئنا أم أبينا.
حركة فتح شجََّعت حركة حماس على المصالحة وحماس تمنَّعت
النقطة الحيوية والاستراتيجية التي تطرَّق إليها المجلس الثوري وهي التي وردت في البند رقم (8) "ضرورة إنجاز المصالحة الوطنية لإنهاء الانقلاب في قطاع غزة، وتداعياته وآثاره الكارثية..."
منذ حدث الانقلاب الدموي المشؤوم في شهر حزيران 2007 ورغم ما تكبدته حركة فتح بشكل خاص والساحة الفلسطينية بشكل عام من خسائر بشرية، ووطنية، وسياسية مدمِّرة لم يخلُ بيانٌ من البيانات التي صدرت عن أي مؤتمر أو أي اجتماع صغير أو كبير، أو أي جلسة حوار إلاّ وتضمن النص ذاته دعوة قيادة حركة حماس إلى إنهاء الانقلاب وانجاز المصالحة الوطنية، لأنّ استمرار الانقلاب الدموي لم يخدم ولن يخدم سوى الكيان الاسرائيلي العنصري. ورغم عديد البيانات إلاّ أنَّ حركة حماس لم تتراجع حتى الان عن مشروعها بدليل:
أ. لم تعتذر للشعب الفلسطيني ولا لحركة فتح عن قتل ما يزيد عن سبعماية كادر وجرح واعاقة المئات.
ب. لم تتوقف عن الاعتقالات اليومية وعلى أعلى مستوى قيادي سواء من الأخوة أم الاخوات، وممارسة التعذيب الجسدي والنفسي.
ج. تدمير وتعطيل المؤسسات التابعة للمنظمة، والفصائل، وكل مؤسسة إعلامية أو حقوقية، أو اجتماعية لا تلتزم بتعليمات أجهزتها الأمنية.
د. ممارسة الارهاب والقمع على الصعيد الاجتماعي والعشائري، واقتحام الاعراس والمناسبات التابعة لأبناء حركة فتح ومناصريهم، والتكسير والضرب والتنكيل.
ه. خنق الحياة السياسية الديموقراطية، وتعطيل حرية التعبير في قطاع غزة، وفرض حالة رعب على الفصائل والقوى التي لا تنسجم مع سياسة حركة حماس، بما في ذلك حرمان القيادات الحركية المركزية من المشاركة في المؤتمرات والاجتماعات الدورية.
رغم هذه الممارسات الشاذة والغريبة عن الواقع الفلسطيني التي عطَّلت كافة المحاولات الجارية لتوحيد الصف الفلسطيني، وشكَّلت ثغره نازفة وخطيرة في الجسم الفلسطيني، واستفاد منها واستثمرها الكيان الاسرائيلي المحتل في عدوانه على كافة الاراضي الفلسطينية المحتلة ،إلاَّ أنَّ حركة فتح تحديداً لم تكن عقبة على طريق انجاز المصالحة الوطنية، وإنما تعاطت بمنتهى الايجابية لإزالة كافة المعوّقات والتبريرات التي تتذرع بها حركة حماس ومنها:
أ. التراجع عن كافة الشروط التي وضعتها القيادة عند حصول الانقلاب ومنها اعادة المؤسسات، ومحاكمة القتلة، والاعتذار للشعب الفلسطيني عما حصل، وإطلاق قيد المعتّقلين.
ب. واصلت السلطة الوطنية دفع مستحقات قطاع غزة من الرواتب ومن الموازنة حيث يدفع 58% من قيمة الموازنة العامة للقطاع.
ج. العمل الجاد عبر مؤسسات السلطة لتأمين احتياجات قطاع غزة من الطحين والمحروقات والكهرباء، وباقي المواد التموينية، واجراء الاتصالات المطلوبة والشاقة مع سلطات الاحتلال لتأمين دخولها.
د. أبدت حركة فتح الإيجابية المطلقة في الحوارات التي جرت في مصر على مدار تسعة شهور لتسهيل التوصل الى الوثيقة المصرية التي رفضتها حماس لأنها لا تلبي كافة مصالحها، متناسية أنها وثيقة مشتركة. حركة فتح وبتعليمات من الرئيس أبو مازن وقَّعت على الوثيقة رغم التحذيرات الاميركية والضغوطات الكبيرة، بينما رفضت حماس التوقيع واستمرت المأساة.
ه. وفي دمشق قدَّم الوفد الحركي مرونة بالغة على حساب حركة فتح وتمَّ حسم ثلاث نقاط طلبتها حماس وحسب رغبتها، لكنَّ قيادة حماس عرقلت النقطة الجوهرية وهي الموضوع الامني، وهذا مدخل لعرقلة الاتفاق ككل لأنه على ما يبدو ليس لها مصلحة بالإسراع في هذا الموضوع، والمطلوب المزيد من الابتزاز، والمزيد من التلكُّؤ على حساب المصالح الوطنية العلية للشعب الفلسطيني.
أمام هذه التوضيحات نتساءَل ما هو المخرج؟ وهل حركة حماس هي صاحبة الحل والربط؟ أم أنَّ هناك تأثيرات خارجية دولية وإقليمية؟ واذا سلَّمنا أنَّ هناك تأثيرات تعيق تراجع حماس عن رفضها المصالحة، فهل سيبقى الوضع الفلسطيني برمته مكبَّلاً واسيراً لرغبات ومصالح اطراف اخرى غير فلسطينية؟ وهل بقاء الوضع الفلسطيني على هذه الحالة يخدم أيَّ طرف اسلامي، أو عربي، أو صديق أو انه يخدم الكيان الاسرائيلي المعادي للأمة الاسلامية، والعربية، والشعب الفلسطيني؟ بالتأكيد الكيان الاسرائيلي العنصري هو الرابح الاول لأنه يواجه وضعاً فلسطينيا منقسما على ذاته، متصارعاً فيما بينه.
فهل ستكتفي حركة فتح في كل مرة بالتصريح ذاته الذي يحمل حسن النية والتمني على حماس بأن تتراجع عن موقفها استجابة للرغبة الفلسطينية الشعبية.
المنطق يقول بأنَّ الحرص على عدم انفجار الوضع الداخلي في قطاع غزة وباقي الساحات الفلسطينية أمرٌ بالغ الأهمية، لكن لا بد من تطوير الموقف من حالة التمني والترجي الى حالة عملية ضاغطة اكثر على قيادة حركة حماس كي تقتنع تماماً بأن قطاع غزة ليس ملكاً لها ولا حكراً عليها، وأن الشعب الفلسطيني يمهل ولكنَّه لا يهمل قضية جوهرية كالوحدة والمصالحة، ووحدة الوطن، وأنَّ القيادة الفلسطينية عقلانية وحريصة على الوحدة الوطنية، لكنَّ هذا الحرص من طرف واحد لا يعطي أية نتائج أيجابية، وبالعكس فإن حماس ستستفيد منه لتعزيز نهجها، وفرض المزيد من التعقيدات، ونشوء المخاطر الجمَّة التي تودي بالشعب الفلسطيني ومصالحه الوطنية العليا. وعندها سنندم جميعُنا كفلسطينيين على ما ستؤول إليه الامور.
حركة فتح مضطرة امام عنجهية حركة حماس، وسلوكها العبثي أَن تنشط باتجاه دور ميداني فاعل بعيد عن الانفجار العسكري يعيد الامور الى نصابها في اسرع وقت،طالما ان الاسباب، والمسببات، والخلفيات، والتداعيات اصبحت كلها معروفة. وهناك اجماع فلسطيني على ضرورة انهاء حالة الانقسام، بمعنى اوضح يجب تخليص العنق الفلسطيني من مخالب حركة حماس حتى تعود الحياة السياسية الفلسطينية لالتقاط انفاس الديموقراطية. فاستمرار حالة الخنق سيؤدي الى الاختناق الكامل للحالة الفلسطينية المترنِّحة تحت كابوس الاحتلال اليومي. انا لا اريد ان افرض على القيادة انماطاً معينة، وافكاراً محددة لان قيادة الحركة اكثر الماماً ومعرفة، لكنني مقتنع بأنَّ هناك خططاً وبرامج ميدانية، وسياسية، واعلامية، وتنظيمية يمكن تفعيلها، والاستفادة من التجارب السابقة لمعرفة اين اخطأنا واين اصبنا، لكن في المحصلة لا يجوز ان نبقى جميعاً كواقع فلسطيني رهينة بيد قيادة حركة حماس، والتسامح مع هذا الواقع المؤلم لم يعد مجديا ًلأن الخسائر الوطنية كبيرة. بالتأكيد لا شيء يتحقق مجاناً، فهناك تضحيات مطلوبة، وجهود مكثَّفة لا بد من توافرها، والطرق مفتوحة لممارسة الخيارات المدروسة للضغط على حماس كي تُسلِّم في النهاية أنها لا تستطيع الاستمرار في خطف الوحدة الوطنية.
والحوار بعد هذه التجربة المريرة مع حماس يجب أن يأخذ شكلاً آخر، وأن لا يظل فقط بين حركة حماس وحركة فتح، وانما بين كافة فصائل م.ت.ف وحركة حماس، لأنَّ المشكلة مع مجموع فصائل المنظمة وليس فقط مع حركة فتح، فالجميع دفع الثمن أيضاً إلى جانب حركة فتح، وهذه خطوة ضاغطة على حركة حماس لأنها تشكل إجماعاً فلسطينياً وطنياً بوجه إنقلاب حركة حماس في قطاع غزة، ومحاولاتها الخارجة على القانون في الضفة الغربية.
أيضاً يجب أن ننتقل إلى مرحلة كسر التطبيع مع واقع الانقسام ،وهذا يتطلب بالطبع الخطوات والاجراءات المدروسة لدفع حماس إلى إعادة حساباتها، ومن هذه الاجراءات التي يجب التشديد عليها:
أ. الخطاب السياسي مع حركة حماس يجب أن يكون اكثر موضوعية أن يسمّي الواقع كما هو. صحيح أنَّ حركة حماس جزء من الشعب الفلسطيني، ولكن لا يجوز ان نخفي بأنها قامت بتكريس انقسام الوطن، وانقسام الشعب، وعطَّلت الحياة الديموقراطية الفلسطينية، وهذا يجب أن يظهر في خطابنا، وتقييمنا، وقراراتنا، والسنوات الماضية أثبتت أن طريقة التعاطي مع الانقلاب والانقسام كرَّست واقع الانقسام، ولم تزحزح حماس عن مواقفها.
ب. لم نقم بالدور المطلوب في فضح وكشف ممارسات واجراءات حركة حماس بالشكل المطلوب، والفضل الاول كان يعود إلى مبادرات الجمعيات الحقوقية والمؤسسات الانسانية التي بادرت وأسهمت بمواقف فردية ومحدودة، ولكنني أرى أن الضرورة تستوجب الدعوة إلى عقد مؤتمر خاص للجمعيات والمؤسسات الانسانية والحقوقية وإعطاء المؤتمر الاهتمام والرعاية لمحاكمة ما يجري في القطاع، وتسويق النتائج دولياً وعربياً وفلسطينياً، ودفع الهيئات المعنية الى اتخاذ قرارات مُلزمة، أو وضع رقابة جدية مُشرَّعة تستطيع محاصرة السلوك الانقسامي، وفضحه، ووضع ما يجري هناك تحت المجهر.
ج. لماذا لا يكون هناك اعتصامات دورية في مختلف المحافظات لكوادر فتح والفصائل والانصار، والمطالبة بوقف الاعتقالات، والاجراءت التعسفية، ووقف سياسة القمع التي عطّلت الحياة السياسية، ونشرت حالة من الرعب والشلل الاجتماعي. ولا شك أنَّ مثل هذا الاعتصام سيجلب اجراءات انتقامية من شرطة قيادة حماس، وتحصل مشادات ومواجهات، ومهما كانت النتائج فإنَّ ذلك يُعتبر شكلاً من أشكال الكفاح الوطني ضد كل من يعرقل مسيرة الشعب الفلسطيني، وكل من يريد اختطاف قطاع غزة لصالح مشروع خاص به.
د. لماذا لا تكون هناك خطة اعلامية تصعيدية تشارك فيها الساحات والأقاليم خارج قطاع غزة والمنتشرة في الضفة الغربية وفي لبنان، وسوريا، والاردن ومصر، وباقي الدول العربية والأجنبية، وفي وقت منظم ومتفق عليه لإثارة الموضوع دولياً عبر الاعلام وكشف سياسات القمع، والإعتقالات السياسية، ومصادرة الحريات الشخصية للأفراد، والمجموعات، والهيئات، وعمليات الخطف والتعذيب دون مساءَلة.
هـ. لماذا لا تشكل محاكم اعلامية تقوم بمقاضاة من ارتكب الجرائم علناً، ومن مارس القمع والرعب والقتل المتعمد بحق الكوادر، أو ذويهم، أو معارضيهم، أو من يخالفهم الرأي، أو لأسباب شخصية، ومقومات عقد مثل هذه المحاكم موجودة بالتفصيل سواء بالنسبة لمن ارتكب الجريمة، أو بالنسبة للضحية، أو بالنسبة للشهود، أو المعلومات التفصيلية المتعلقة بالمكان والزمان، والحوار الذي دار. إن عقد مثل هذه المحاكم وبشكل دوري، وعلناً سيسهم في كشف حقيقة ما يجري على أرض قطاع غزة، وبذلك نقطع الطريق على إعلام حركة حماس وقنواتها القائم على التضليل والتزييف، والتلاعب بالعواطف، والتخوين والتشكيك، والطعن بشرعية القيادة لإسقاطها.
في البند الثامن ذاته يشيد المجلس الثوري "بمبادرة الأخ الرئيس بتشكيل لجنة وطنية للتكافل وصندوق الرئيس للطلبة الفلسطينيين في لبنان ...."
لا شك أن شعبنا الفلسطيني في لبنان يقدِّم شديد الامتنان لسيادة الرئيس أبو مازن على اهتمامه بالفلسطينيين في لبنان سواء الحالات الاجتماعية أم الطلاب الجامعيين , وهذه خطوة مسؤولة ستساعد على تخفيف الاعباء عن كاهل الأهالي الذين يعانون من عدم حصولهم على الحقوق المدنية والاجتماعية .
ولا بد أن نشكر أيضا ً الاعلامي الفلسطيني ماهر الشلبي المكلف من سيادة الرئيس , والذي استطاع من خلال برنامج ( أرزة وزيتونة ) أن يكشف معاناة الفلسطينيين في لبنان مما شجع على نجاح مشروع الطالب , ومشروع التكافل الاجتماعي .
كنت أتمنى أن يضاف إلى هذا البند إشارة حول ضرورة الاسراع في إعمار مخيم نهر البارد , والمطالبة بإزالة العوائق القائمة , والتمني على الدول العربية التي تعهدت بدفع الاموال لإعادة إعمار مخيم نهر البارد بالوفاء بما وعدت به أسوة بالمملكة العربية السعودية . وهذه الدول العربية التي لم تدفع مطلوب منها الآن مئتا مليون دولار , ولم يصل منها شيء.
كما كنا نتمنى التأكيد على أنه سيتم دعم صندوق الضمان الصحي الفلسطيني ليشمل برعايته الفلسطينيين في لبنان خاصة أن هناك تقليصاً في خدمات الانروا أدى إِلى حالة مأساوية على الصعيد المادي لدى الأسر المنكوبة بسبب مصاريف العلاج الباهظة . كما كنا نتمنى أن تكون هناك مناشدة لتخفيف الاجراءات الأمنية حول المخيمات كي تعيش المخيمات اوضاعها المعيشية والاجتماعية العادية.
أما موضوع القدس الذي ورد في بنود هي رقم ( 3) ورقم (5) ورقم (6) فقد تضمنت هذه البنود شرحاً لما يجري من تهويد , واستيطان , وتهجير في مدينة القدس وأحيائها , ودعوة العرب والمسلمين إلى مجابهة الاعتداءات والحفاظ على عروبتها , والقيام بمشاريع تتكفل بذلك , وهناك رفض لكافة المحاولات الاسرائيلية العدوانية .
وهذا كله شيء جميل إعتدنا عليه سابقاً , لكن الواقع المر والخطير كما يفترض توجيه السؤال إلى القمة العربية حول الخمسماية مليون دولار التي وعدت بدفعها من أجل حماية القدس . أيضاً طالما هناك خطر حقيقي على القدس فإن المطلوب من قيادة الحركة أن تعلن عن انعقاد مؤتمر دولي او عربي سواء باسم م.ت.ف أو باسم السلطة الوطنية أو أي مسمى أخر , ويكون هذا الامر قد خضع للدراسة من أجل وضع الجميع أمام مسؤولياتهم , فلا يكفي أن نشكر , وان نرفض , وأن ندين, لكنَّ الأمر يتطلب من حركة فتح تحديداً أن تجترح خطوات عملية إبداعية تجيَّش العالم لنصرة القدس التي فقدنا جزءاً كبيراً منها، والخطر مازال داهماً. نحيي جهود الأخوة في المجلس الثوري لكنَّ أبناء فتح وأنصارها يتطلعون دائماً إلى الدور الأكثر تكاملاً وفاعلية .
لأن هذه الجلسة الدورية ( الخامسة) محط أنظار الجميع , ويجب أن تلبي طموحات الحالمين باستعادة حركة فتح لدورها الريادي .
بيان المجلس الثوري أكد على نقاط مهمة، لكنَّ طموحات أبناء حركة فتح وأنصارها أن لا تظل النقاط والبنود مجرد شعارات وانما تكون عناوين لبرامج وخطط تفصيلية قابلة للتنفيذ، مع الاستعداد الدائم لمحاسبة اللجان المسؤولة عن التنفيذ في الدورة القادمة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها