حوّل طبيب الأسنان نجدت صقر خيمة النزوح في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، إلى عيادة لعلاج المرضى، وسط هدير طائرات الاحتلال الحربية والمسيّرة، مستخدمًا ما تبقى من معدات عيادته التي دمرها قصف الاحتلال المتواصل على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

يعلق الطبيب جميع شهاداته المهنية على الخيمة لطمأنة مرضاه، ومعداته حديثة وإن كانت موضوعة على لوح بلاستيكي على الرمال.

ويقول صقر (32 عامًا): أنه اضطر إلى التخلي عن مركزه الطبي في دوار النصيرات في وقت مبكر من العدوان بعد عدة غارات إسرائيلية أدت لأضرار جسيمة في عيادته، وقد أظهر طبيب الأسنان كيف أن الشظايا قد اخترقت باب جهازه اللوحي الحديد.

ولكن مع استمرار العدوان وانهيار النظام الصحي في غزة، عاد صقر لمحاولة استعادة ما في وسعه لمساعدة المواطنين الذين يأتون إليه شاكين من آلام الأسنان، لأن أغلب أطباء الأسنان سافروا خارج البلد والآخرون عياداتهم تضررت وليسوا قادرين على فتحها، فخطرت له فكرة خيمة الأسنان. ولتجسيد الفكرة "ذهب للمركز واستصلح كرسيًا من الكراسي ونقله بواسطة عربة (توك توك) إلى خيمة كان قد انشأها سابقًا واستصلح الأجهزة والمواد والأدوات.

ورغم أصوات القصف الإسرائيلي على مسافة غير بعيدة من عيادته البديلة في النصيرات، يحافظ صقر على برودة أعصابه، ويهدئ صبيًا صغيرًا يعالجه بينما يغطي هدير الطائرات المسيّرة على صوت حفارة الأسنان.

يوضح الطبيب أن "أكبر المعوقات التي تواجهني في الخيمة هي توفير الكهرباء والمياه ومواد الأسنان، فهي غير متوافرة للأسف وحتى لو توافرت تكون بأسعار خيالية غالية جدًا".

وتحذّر الأمم المتحدة من أن النظام الصحي في غزة على وشك الانهيار، إذ لم يعمل أي من مستشفيات القطاع بكامل طاقته خلال الشهرين الماضيين.

كما استهدف الاحتلال الإسرائيلي المستشفيات ومحيطها بالحصار والقصف والاقتحامات، علمًا أنها أصبحت ملجأ لآلاف النازحين الذين دمرت منازلهم أو أجبروا على النزوح بحثا عن أماكن أكثر أمنًا.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية، السبت، أن نحو تسعة آلاف مريض في القطاع المحاصر بحاجة إلى الإجلاء لتلقي رعاية طارئة.

وقال المدير العام للمنظمة الأممية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس على منصة إكس "مع عشرة مستشفيات فقط تعمل بالحد الأدنى في مجمل غزة، لا يزال آلاف المرضى محرومين من الرعاية الصحية". وقبل العدوان كانت غزة تعدّ 36 مستشفى، وفق أرقام منظمة الصحة العالمية.

وأفادت مصادر طبية، بأنه يوجد 107 من المرضى المحاصرين في مجمع الشفاء الطبي، الذين تم تجميعهم في مبنى تنمية القوى البشرية في ظروف غير إنسانية دون ماء وكهرباء ودواء، بعد مرور أسبوعين على اقتحام قوات الاحتلال للمجمع.

وأضافت أن من بين المرضى الـ107 المتواجدين في الشفاء 30 من المقعدين، إضافة إلى وجود 60 من الطواقم الطبية، وقد منع الاحتلال كل المحاولات لإجلاء هؤلاء المرضى من خلال المؤسسات الدولية، وحياة هؤلاء المرضى في خطر محدق.

وفي حصيلة غير نهائية، بلغ عدد الشهداء في قطاع غزة 32705 ألفًا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى 75190 ألف جريحٍ، منذ بدء العدوان، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.