بسام أبو الرب وصل المواطن عبد السلام عواد (50 عاما)، من بلدة عورتا جنوب نابلس، الى أرضه المحاذية لمستوطنة "ايتمار" المقامة على أراضي المواطنين، باكرا، وتتزاحم الأفكار في رأسه كيف سيكون حالها بعد غياب قسري عنها بسبب منع قوات الاحتلال الإسرائيلي له من الوصول إليها إلا في أيام محددة ومعدودة تتمثل في موسم قطف الزيتون.

اضطر عواد الذي يعمل مدرسا إلى تعطيل دوامه، حتى يتسنى له قطف ثمار الزيتون من أراضي العائلة، القريبة من المستوطنة المذكورة، وسار إليها برفقة أولاده وبعض الأصدقاء الذين تطوعوا لمساعدته، حتى ينهي القطف قبل انتهاء المدة التي سمح له الاحتلال بها، وإلا سيكون مضطرا لخسارة الموسم.

وصل عواد للأرض يحمل معدات القطف، لكنه وقف مذهولا، حيث لم يجد حبة زيتون واحدة على الأشجار التي يتجاوز عمرها مئات السنين، فقد تعرضت للقطع والسرقة والرش بمواد سامة من قبل المستوطنين.

يقول عواد "وصلنا مبكرا إلى الأراضي ومعنا كل ما يلزم من أجل إنجاز قطف الزيتون بأسرع وقت، ولكن كانت المفاجأة بأن أشجار الزيتون الرومي التي ورثناها عن أجدادنا وعمرها مئات السنين قد قطع بعضها وجرى رشها بمواد سامة، فلم نجد حبة زيتون واحدة عليها".

ويضيف : "تملك العائلة أكثر من 100 شجرة على مساحة تصل إلى ستة دونمات في محيط وداخل المستوطنة، ولا يسمح لنا بالدخول سوى مرة واحدة في العام، لنجد أن المستوطنين سرقوا المحصول وقطعوا الأشجار وسمموها، هناك مزارعين حرموا من هذه الأرض أكثر من 15 عاما".

وتابع عواد "هناك أرض أخرى محاذية لذات المستوطنة، نقوم بقطف الزيتون فيها وسط انتشار مكثف لجنود الاحتلال والمستوطنين في المنطقة، حتى أن طائرة المراقبة "الزنانة" تبقى تحوم فوق رؤوسنا طول الوقت، وهذا الأمر يتطلب منا أن نبقى على يقظة وحذر خوفا من هجوم مفاجئ للمستوطنين".

ويؤكد أنه قبل أشهر تعرضت إحدى أراضي العائلة بالقرب من أحد معسكرات الاحتلال للحرق، بفعل قنابل الغاز المسيل للدموع والصوت، وأتت النيران على نحو 300 شجرة زيتون، ما جعل موسم هذا العام في مهب الريح.

ويقول عواد "إن العائلة تعول كثيرا على موسم الزيتون لما له من اعتبارات وطنية، إضافة لكونه رافدا اقتصاديا، وتأكيدا على تمسك الفلسطيني بأرضه، حتى أولادي كانوا سعداء جدا بالوصول إلى هذه الأراضي، التي كان جدهم يحدثهم عنها".

ويضيف "كانت وصية والدي المكتوبة تؤكد على التمسك بالأرض والحفاظ عليها والاعتناء بها".

وكان أهالي بلدة عورتا اكتشفوا اليوم الأربعاء، قيام مستوطنين بقطع عشرات أشجار الزيتون من أراضي البلدة المقامة عليها مستوطنة "ايتمار"، ورش بعضها بمواد سامة، ما أدى إلى جفافها.

مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة غسان دغلس، يؤكد أنه منذ بداية انطلاق موسم الزيتون تم توثيق أكثر من 35 اعتداء من قبل المستوطنين، من قطع وسرقة وحرق، في أراضي نابلس وسلفيت وقلقيلية وشمال شرق رام الله.

ويقول دغلس "ان اعتداءات المستوطنين تزداد حدتها في هذا الموسم، وحتى أنهم نفذوها قبل بداية الموسم في بعض المناطق، كما جرى في أراض عورتا".

وحسب تقدير الخبراء فمن المتوقع ان تنتج فلسطين هذا العام نحو 16 طنا من زيت الزيتون أسوة بالعام الماضي، في حين يقدر متوسط استهلاك الفرد في فلسطين من الزيت سنويا نحو 3.1 كيلوغرام. وحسب الإحصائيات فان فلسطين يوجد فيها نحو 12.5 مليون شجرة زيتون، 10 ملايين منها مثمرة.