بعد 73 سنة من زرعها على أرضنا، وفي قلب الوطن العربي، تسقط كل مواد التجميل عن وجه إسرائيل وتظهر أمام العالم كله، كم هي دولة فاشية عنصرية، وهي التي حاولت كل الوقت أن  تظهر نفسها أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، لتنتهي دولة عرقية، متعصبة، رجعية، لم تستطع تجاوز الحقبة الاستعمارية التي جاءت بها.

بالمقابل وبعد 73 سنة من النكبة يؤكد الشعب الفلسطيني أنه شعب لا يمكن هزيمته، أو كسر إرادته، وهو أسقط  كل المقولات الصهيونية، التي تتلخص بمقولة "الكبار يموتون والصغار ينسون"، واليوم تفاجأت إسرائيل أن الجيل الفلسطيني الجديد، لا يقل تمسكًا بأرض وطنه من الآباء والأجداد، ويتمتع بوعي أعمق، جيل موحد، وقادر على ابتكار أساليبه النضالية الخاصة به.

لم يكن مفاجئًا لنا على الأقل، أقصد الشعب الفلسطيني، أن تتطور إسرائيل هكذا لتبلغ هذا المستوى من الفاشية، دولة  فصل عنصري، فهي تأسست انطلاقًا من فكرة عنصرية، وقامت على إنقاض شعب آخر بعد أن نفذت بحقه أبشع  عملية تطهير عرقي شهدها التاريخ الحديث. لم يكن مفاجئًا لنا لان العنصرية وسياسة التطهير العرقي لم تتوقف يومًا وعلى امتداد جغرافيا فلسطين التاريخية، سواء في المناطق التي احتلتها إسرائيل عام 1948، او في تلك التي  احتلتها إسرائيل عام 1967.

الجديد هو أن العالم بدأ يرى حقيقة إسرائيل الفاشية والعنصرية بوضوح، لقد رأى ان إسرائيل  تحولت الى دولة تشبه الدول الفاشية التي ظهرت في أوروبا في ثلاثينيات القرن العشرين، لقد كررت إسرائيل أمام أعين العالم "ليلة الكرستال"، وهي الليلة التي أحرق ودمر خلالها أفراد  الحزب النازي في المانيا متاجر وممتلكات اليهود، وذلك عندما تركت المجموعات المتطرفة الفاشية تدمر ممتلكات الفلسطينيين في اللد ويافا وحيفا وعكا، حتى أصحاب المشروع الصهيوني في الغرب للمرة الأولى تسمعهم يقولون "ليست هذه إسرائيل  التي كنا نريد".

بعد 73 سنة إسرائيل هي من يشعر بالهزيمة وليس الشعب الفلسطيني، هزمتها طبيعتها العنصرية التي تتحول اليوم الى ظاهرة  فاشية. هي مهزومة لأنها فشلت في كسر إرادة  الشعب الفلسطيني، قبل ايام  كانت تعيش إسرائيل حالة نشوة بأنها استطاعت تركيع العرب، وخلال اسبوعين إعاد الشعب الفلسطيني إسرائيل الى مربع الصراع الأول. صحيح ان هزيمة إسرائيل  النهائية لا تزال بعيدة  بعض الشيء، لكن مؤشرات هذه الهزيمة واضحة للعيان.

المهم أن يراكم الشعب الفلسطيني نضالاته بطريقة صحيحة ويبني عليها ويطور. كل مراحل نضالية كان لها ظروفها. وخلالها كان الشعب الفلسطيني يصمد ويكافح ويبدع أساليب نضالية. أن أخطر شيء يمكن أن نقع به هو أن يعتقد كل جيل أن التاريخ  يبدأ من عنده. منذ  اكثر  من مئة عام والشعب الفلسطيني يكافح  ويواجه المشروع الصهيوني، كان يصيب احيانا ويخطئ في أخرى لكنه حافظ على المسار، وفي كل مرحلة كان يقدم التضحيات والشهداء، وهو مستمر  في مسيرة  النضال ولم تنكسر إرادته يومًا وسينتصر.