تقرير: زهران معالي

9 رصاصات اخترقت جسد الفتى محمد خضر الشيخ النحيل (17 عاما) من بلدة العيزرية شرق القدس، في الخامس عشر من آب/أغسطس عام 2019، قبل اعتقاله أمام باب السلسلة أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، وما تزال إحداها تشكل خطورة على حياته كونها استقرت قرب الشريان التاجي".

الفاجعة التي حلت بعائلة الشيخ حينذاك حينما تلقت نبأ إصابة نجلها محمد، واستشهاد رفيقه نسيم أبو رومي (15 عاما) برصاص شرطة الاحتلال الإسرائيلي، ما تزال تؤرقها، وسط مخاوف من تدهور وضعه الصحي بسبب سياسة الإهمال الطبي المتعمد بحقه.

والدة الفتى الأسير الشيخ عبير عودة الله، تحدثت عن ظروف اعتقاله، ووضعه الصحي، قائلة: "تركوه ينزف بعد أن أمطروه بالرصاص بكامل جسده، نقل بعدها لمستشفى "شعاري تسيديق" لمدة أسبوعين، ثم لعيادة "سجن الرملة" حيث مكث أربعة أشهر".

وتضيف: أن الاحتلال أجرى عدة عمليات لمحمد لإزالة الرصاص من جسده؛ لكن رصاصة واحدة قرب الشريان التاجي من قلبه بقيت ترافقه، وتشكل الخطر الأكبر على حياته.

ومحمد واحد من بين 140 طفلا يقبعون داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، موزعون في ثلاثة سجون مركزية "عوفر، ومجدو، والدامون"، وفق ما أوضح تقرير صدر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين، اليوم الاثنين؛ لمناسبة يوم الطفل الفلسطيني، الذي يصادف في الخامس من أبريل كل عام.

ويقبع الفتى الأسير محمد حاليا في سجن "عوفر"، ولكن الآلام ترافقه حيث تواصل سلطات الاحتلال الإهمال الطبي بحقه، فهو لا يزال يعاني من آلام حادة في المعدة، والبطن، والتقيؤ باستمرار، بسبب مضاعفات إصابته لحظة اعتقاله.

ومنذ اعتقاله لم تتمكن والدته من زيارته سوى مرتين، الأولى في 19 آذار 2020، والثانية في 29 أكتوبر الماضي، قبل أن يبلغها الصليب الأحمر بحرمان الاحتلال لها من زيارته، لأسباب أمنية.

ومنذ ذلك الحين، بقيت عدة مكالمات لثوانٍ محدودة تسمح بها إدارة السجون لمحمد بالتواصل مع والدته، هي السبيل الوحيد لطمأنة قلبها المكلوم على ولدها.

وتروي عودة الله بأن طفلها عانى من حالة نفسية صعبة بعد خروجه من عيادة سجن الرملة؛ إثر مشاهدته لعذابات وويلات الأسرى المرضى، فمنهم من قطعت أقدامه، وآخرون يعانون ويلات مرض السرطان، وأمراض أخرى مزمنة.

ووفق تقارير رسمية فقد بلغ عدد الفلسطينيين الذين تعرضوا للاعتقال منذ عام 1967 وحتى نهاية حزيران 2020 نحو مليون فلسطيني، أكثر من خمسين ألف حالة اعتقال سجلت في صفوف الأطفال الفلسطينيين (ما دون سن الـ 18 وفقًا للقوانين الدولية).

وتشير والدته إلى أن هذا الاعتقال هو الثالث لمحمد، فقد اعتقلته قوات الاحتلال لمدة أسبوع عندما كان بالصف السابع وعمره (13 عاما)، كما أعادوا اعتقاله لمدة ثمانية أشهر عندما كان عمره 15 عاما.

وتشير إلى أن أسبوعين فقط تفصل بين اعتقاله الثاني الذي أمضى فيه ثمانية أشهر في سجون الاحتلال، واعتقاله الثالث حاليا الذي يمضي فيه حكما بالسجن 10 سنوات.

وكان اعتقال محمد وفق والدته، السبب بحرمانه الدراسة بعد أن كان ترتيبه الثالث على طلاب صفه في مدرسة دار الأيتام في العيزرية، ولكن طموحه بالتفوق لم يتوقف، فهو يجتهد لإكمال مرحلة الثانوية العامة داخل السجن، والبكالوريوس خلال فترة اعتقاله.

في الـ27 من نيسان/ إبريل الجاري، سيكمل محمد عامه الثامن عشر، وذكرى ميلاده الثانية خلف القضبان، دون الاحتفال بالذكرى مع شقيقاته الأربع وأمه وأخيه شوكت، وفق ما توضح والدته.

وتطالب عودة الله المؤسسات الرسمية والحقوقية والدولية بإنقاذ الأسرى المرضى والضغط على حكومة الاحتلال للإفراج عنهم، وتوفير العلاج اللازم لهم كونهم يعيشون ظروفا صعبة.

ووفق هيئة شؤون الاسرى والمحررين، فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلية اعتقلت منذ العام 2000، أكثر من 16000 طفل فلسطيني قاصر دون سن 18 عاما، وأن أكثر من (85)% من هؤلاء تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب أو التنكيل الجسدي والنفسي على أيدي قوات الاحتلال والمحققين الإسرائيليين.

يشار إلى أن الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات قد أعلن في الخامس من نيسان عام 1995، وفي مؤتمر الطفل الفلسطيني الأول، التزامه باتفاقية حقوق الطفل الدولية، وخصص هذا التاريخ يوما للطفل الفلسطيني؛ علما بأن المصادقة الرسمية لدولة فلسطين على الاتفاقية كانت في 2 نيسان 2014.