عندما يعلم الشعب الفلسطيني وجميع منافسي حركة التحرير الوطني الفلسطيني في الانتخابات العامة عمومًا وللمجلس التشريعي حاليًا أن العملية الانتخابية التي نخوضها إيمانًا بمنهج الديمقراطية هي واحدة من معاركنا الوطنية الموجهة ضد منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري إسرائيل، حينها سيدرك الباحثون عن سبب إصرار الحركة إجراء هذه الانتخابات في القدس الشرقية كشرط للوصول إلى يوم الاقتراع.  
القدس عاصمة دولة فلسطين وأرض المقدسات، ورمز الهوية الوطنية الفلسطينية، ويرى كل فلسطيني وجوده مرتبطًا بوجودها مدينة وأرضًا فلسطينية عربية، ولا معنى لأي كيانية سياسية فلسطينية، دولة كانت أو نظامًا سياسيًا دون القدس فهي جوهر الصراع وهدفنا تحريرها، وإعادتها للسيادة الفلسطينية، أما كونها محور حقنا التاريخي والطبيعي في أرض وطننا فلسطين فهذا أمر لا نقاش ولا جدال فيه أبداً. فإذا كانت الانتخابات وسيلة وأداة ديمقراطية متغيرة من حيث قوانينها وشكلها وقوائمها ومرشحيها وأزمنتها وأماكنها، فإن القدس ثابت كوعي وضمير الشعب الفلسطيني الجمعي والفردي.. فالمتغير لا يمكن أن يكون إلا في خدمة الثابت.    
الانتخابات الفلسطينية في مركز القدس تثبت دعائم فلسطين في خريطة العالم والقانون الدولي، وتنتصر لقرارات المجتمع الدولي الذي اعتبرها أرضًا محتلة وتحديدًا في قرار مجلس الأمن 2334، أما الإخلاص والصدق في العمل الوطني السياسي والدبلوماسي والشعبي الميداني القائم على مبدأ الوفاء بالعهد والقسم فإنه يتطلب منها الانتصار لذاتنا وشخصيتنا الوطنية واستقلالية قرارنا الوطني، فنحن في صراع إرادات مع منظومة الاحتلال، ولن نسمح لمسلوبي الإرادة، المستخدمين لدى قوى إقليمية، وتحركهم غرائزهم السلطوية السادية بالإضرار بكرامتنا الوطنية، فلا انتخابات دون القدس، كما مبدأ لا دولة دون القدس، فهذه الانتخابات إرهاص مهم متقدم على طريق برلمان الدولة، فكيف سنوافق على إجرائها دون أن تجرى في عاصمتها الأبدية القدس ؟!..
نتحدى أن يعلن أحدهم بشكل صريح قبوله للانتخابات العامة دون القدس، رغم اعتيادنا على نكث التعهدات والاتفاقات، فهم يريدون الانتخابات دون القدس لأنهم يعتبرونها فرصة للتسلط وبسط نزعتهم الذاتية الفئوية الجهوية العصبوية، لذلك يشككون بموقف رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية محمود عباس أبو مازن الذي ربط إجراء الانتخابات العامة بمشاركة المقدسيين فيها في القدس ذاتها وليس في أي مكان آخر، فالرئيس صاحب الصلاحية في إصدار مراسيم الانتخابات والقرارات بقوة القانون المتعلقة بها، يملك من الرؤية والحق القانوني ما يؤهله لجعل الانتخابات في القدس ومشاركة المواطنين الفلسطينيين الصامدين فيها تحديدًا خلال هذه المرحلة من الصراع إنجازًا سياسيًا يثبت دعائم دولة فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في القدس باعتبارها أرضًا محتلة، ويؤكد الهوية الفلسطينية العربية للقدس، فنحن مازلنا نسمع صدى ما سمي صفقة ترامب، أما الذين أعطوه إشارات واضحة على قبولهم بدولة مؤقتة، ويخوضون الانتخابات في قائمة تحمل اسم (موعدنا القدس) ومعهم الذين يظنون أن الانتخابات حصان طروادة لضرب قلعة المشروع الوطني فقد خانتهم قدرتهم على المناورة، فأظهرت ألسنتهم نواياهم عندما بدأوا ببث ونشر رسائل غير مباشرة لاسترضاء منظومة نتنياهو ولكن عبر الترويج لمقولة أن سبب اشتراط الرئيس وحركة فتح إجراء الانتخابات في القدس لإجرائها في الوطن هو أن فتح ليست واثقة من النجاح بسبب خروج  البعض عليها وتشكيل قوائم موازية، وكأنهم مصرون على  خداع الشعب الفلسطيني وجمهور الناخبين قبل ابتداء الحملة الانتخابية، حتى أن قنوات فضائية ووسائل علام قد جارتهم فيما سموها تحليلات بينما هي في واقع الأمر سموم متحايلة هدفها تدمير خلايا الذاكرة التاريخية والحضرة والمستقبلية لهذا الشعب، فحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح قد قدمت قائمتها بهذا الاسم (حركة فتح) وحملت شعار العاصفة التاريخي الذي ما زال شعارها حتى اليوم وسيبقى حتى تجسيد الثورة حتى النصر، ما يعني أن لحركة فتح قائمة واحدة وأسماء المرشحين الرباعية والحركية الـ132 فيها واضحة، وأن أي قائمة ظهرت فيها أسماء لأشخاص  كانوا أعضاء في فتح حتى لحظة تقديمها لا علاقة لها بفتح، فمن قرر الغدر بالحركة في اللحظة الأخيرة، وظن أن مقاسه أكبر منها، فإنه لن يؤثر على شعبيتها، وإنما العكس هو الصحيح، فإن الارتجاجات في مثل هذه المحطات لا تؤثر في شجرة فتح العملاقة التي تظلل الشعب كله وتمتد جذورها لتبلغ كل مكان في أرض الوطن وتتجاوزه إلى كل مكان فيه فلسطيني وطني وعربي قومي وإنسان حر في هذا العالم، فجذع وفروع وأغصان هذه الشجرة التي تضيء أكثر كلما مستها نيران الخيانة والغدر والعدوان ستقوى، وتنبت عليها براعم جديدة، فيا ليتهم يعلمون أن شجرة فتح لا قدرة لأحد على قطعها مهما بلغت قوة مناشيره ومنشوراته، ولا تجف ولا تصبح خشبًا، ولا تستعمل ولا تستخدم في أي صناعة، لأن الشعب الفلسطيني ومعه الأمة العربية والأحرار التقدميون شجرة فتح.