قبل أيام، توقفت بقوة أمام التصريح الذي أدلى به الجنرال بني غانتس وزير الجيش الإسرائيلي الذي قال فيه (إنه هو ومئات من الاسرائيليين يمكن ان يجدوا أنفسهم أمام القضاء الدولي بسبب قرار محكمة الجنايات الدولية)، وهو تصريح غير مسبوق في تاريخ دولة اسرائيل، منذ نشوئها وتسببها بالمأساة الفلسطينية قبل أكثر من سبعين عاماً، فقد ظلت محمية من الوقوف أمام القضاء الدولى طيلة ذلك الزمن كله، رغم ما ارتكبته من جرائم صارخة وصادمة ضد القانون الدولي، بداية بطرد الشعب الفلسطيني من وطنه، واغتصاب أرضه وممتلكاته جميعًا تحت قانون الحديد والنار بدءاً بالمجزرة الأولى في دير ياسين ومجزرة كفر قاسم، وانتهاء بآخر أعمال القتل مثل حرق المسجد الاقصى، ومجزرة الحرم الإبراهيمي والاستيطان التي تسابق فيها الزمن هذه الأيام.

والنقاش يجرى في إسرائيل بشكل ساخن جداً حول دولة الابارتهايد التي تنحدر اليها دولة اسرائيل، حتى أن الصحف الإسرائيلية التي فتحت صفحاتها لهذا النقاش قالت إن إسرائيل المرعوبة جداً من رؤية صورتها الحقيقية، تحاول أن تكسر المرآة حتى لا ترى صورتها السوداء!

محكمة الجنايات الدولية بقرارها الشجاع الذي أعلنته قبل أيام فاجأت إسرائيل، التي تعودت إن شكوى بمنأى عن أي نوع من المساءلة، واستمرت تستعيض عن ذلك بالرقص في أعراس التطبيع المجاني، ولعل هذه الأعراس الشاذة تهدأ الآن، ولو قليلاً فقد يكون أمامنا عرس جديد، حين نرى جنرالات إسرائيل يتقاطرون أمام محكمة الجنايات الدولية، ولذلك فنحن فلسطينياً يجب أن نتعهد أمام الله وأمام شعبنا بأن لا يحدث من أيدينا أي شيء يشوش على هذا المشهد العظيم.

أضع يدي على قلبي، خوفاً من هذا الاسهال العجيب الذي اتفقت عليه قريحة كثيرين هذه الأيام بخصوص الانتخابات، والقوائم، وأعضاء هذه القوائم، وأنا أتابع تنظيرات واقتراحات عجيبة من امكانيات توالد الكثير من هذه الاقتراحات وهذه القوائم، حتى فتح بتاريخها الذي قامت خلاله بدوزنة الوضع الفلسطيني يسودها نوع من انفلات القطيع بدلاً من مناعة القطيع، فالكل يريد قائمة على هواه وكأن هذا الشعب لا يعرف كل الحقائق والأوجاع، لكني واثق كل الثقة انه حين يشرق الصبح سيتوقف الكلام المباح، وتظل فتح هي خلاصة وعينا وهي خلاصة تجربتنا التي تبشرنا رغم الصعوبات بانبلاج الصباح.