لأول مرة، سينتخب الشعب الفلسطيني ممثليه في المجلس التشريعي حسب نظام التمثيل النسبي الكامل في 22 أيار/ مايو المقبل.

وكان رئيس دولة فلسطين محمود عباس، قد أصدر في 2 أيلول/ سبتمبر 2007، القرار بقانون رقم (1) لسنة 2007 بشأن الانتخابات العامة، ويقضي بإلغاء قانون الانتخابات الفلسطيني رقم (9) 2005.

واعتمد القرار مبدأ التمثيل النسبي الكامل في انتخابات المجلس التشريعي "نظام القوائم" باعتبار فلسطين دائرة انتخابية واحدة، بدلاً من النظام المختلط المحدد في القانون رقم (9) والذي جرت بموجبه الانتخابات التشريعية في يناير / كانون الثاني 2006.

وسيجري الترشح في إطار قوائم انتخابية مغلقة على مستوى الوطن، كما وسيتم توزيع المقاعد على القوائم الانتخابية بطريقة نسبية وفق طريقة "سانت لوغي"، بحيث تحصل كل قائمة على عدد من المقاعد تتناسب وعدد الأصوات التي حصلت عليها على مستوى الوطن.

وبموجب ذلك، يخصص لكل قائمة انتخابية حازت على 1.5% (نسبة الحسم) أو أكثر من الأصوات الصحيحة للمقترعين؛ عدد من المقاعد يتناسب وعدد الأصوات التي حصلت عليها على مستوى الوطن، ويفوز بالمقاعد المخصصة لكل قائمة مرشحي تلك القوائم وفق ترتيبهم فيها.

وقال المدير التنفيذي للجنة الانتخابات المركزية هشام كحيل، إن فلسطين انضمت إلى الدول التي تشكل الغالبية العظمى في اعتماد نظام التمثيل النسبي في الانتخابات البرلمانية الذي وصفه بأنه الأرقى من بين النظم الانتخابية.

وأضاف أن "هذا النظام يمكن أغلبية الأحزاب السياسية على مقاعد المجلس التشريعي على مستوى الوطن وليس على مستوى مناطقي".

وأوضح كحيل أن هذا القانون كان معمول به جزئياً في انتخابات العام 2006، التي كانت تقوم على النظام المختلط (50% قوائم + 50% دوائر)، حيث كان الناخب في حينه يختار قائمة إلى جانب عدد من المرشحين بشكل فردي في حدود الدوائر الانتخابية التي تم تقسيمها بناء على عدد محدد من المقاعد وفق عدد السكان.

وشدد على أن النظام الذي ستجري به انتخابات المجلس التشريعي بعد عدة أشهر، لن يكون حكراً على الأحزاب السياسية، حيث يمكن لأي مجموعات مستقلة أن تشكل قوائم وتنافس فيها على المقاعد البرلمانية لمنافسة الأحزاب كبيرة كانت أم صغيرة.

وحول مسألة أن النظام لا يشترط توزيعاً جغرافياً عادلاً لمرشحي القوائم، بيّن المدير التنفيذي للجنة الانتخابات المركزية، "أن من يرغب بإعداد القوائم للمنافسة على مقاعد المجلس التشريعي يجب أن يراعي تمثيل الوطن وكافة الشرائح بشكل كامل.

وقال كحيل، إن تنظيم الانتخابات لأول مرة بعد خفض نسبة الحسم إلى 1.5% يتيح للأحزاب الصغيرة والقوائم المستقلة فرصة منافسة أكبر، ويسهل على المجموعات الأقل حظاً (التي تضم المستقلين والائتلافات الصغيرة) الحصول على مقاعد، مشيراً إلى أن الظلم يقع عند رفع نسبة الحسم، حيث كلما ازدادت أصبح من الأصعب الحصول على تمثيل في المجلس التشريعي.

من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي أحمد مجدلاني، إن التمثيل النسبي الكامل مبدأ متعارف عليه في غالبية الدول الديمقراطية التي تجري فيها انتخابات بشكل دوري.

وأضاف أن هذا النظام يتيح أوسع تعددية سياسية في المجلس النيابي المنتخب، وأيضاً يمنح الأحزاب والقوى الصغيرة إمكانية المشاركة في البرلمانات، وعلاوة على ذلك هو أكثر إنصافاً من النظام القائم على انتخابات الدوائر الفردية التي يغلب عليها عادة الطابع العشائري.

وأكد مجدلاني أن التمثيل النسبي الكامل يتيح إمكانية أكبر للتنمية السياسية، لأن التنافس سيكون على مبدأ برامجي حزبي سياسي، ما يخلق مناخا مواتيا للتنمية السياسية في فلسطين بديلا عن نمو النزعات المناطقية والعشائرية والفردية في آن معاً.

وحول نسبة الحسم التي انخفضت من 2% إلى 1.5%، أكد مجدلاني أن ذلك يتيح الفرصة لتعددية سياسة أوسع في البرلمان، كما أنه يأتي تبعاً لتضاعف أعداد الناخبين في فلسطين، حيث أن العدد الحالي الذي يصل إلى أكثر من 2 مليون و250 ألفاً سيعني ازدياد عدد الأصوات المطلوبة لاجتياز نسبة الحسم.

وأضاف: "فلسطين تعتبر نسبة التصويت فيها مرتفعة جداً، حيث شارك 79% في انتخابات 1996، و74% في انتخابات 2006، والتقديرات الأولية للمشاركة في الانتخابات في فلسطين، تشير إلى أنه من المتوقع أن ترتفع أيضاً خلال هذا العام نسبة المشاركة في الانتخابات، نتيجة أن 40% من الناخبين ويقدر عددهم بـ900 ألف ناخب وناخبة تتراوح أعمارهم من 17 - 28 عاماً؛ ستتاح لهم الفرصة للاقتراع لأول مرة في حياتهم.

وأشار إلى أن القائمة التي ستحصل على أكثر من 24 ألف صوت ستحصد مقعدين في المجلس التشريعي حسب طريقة "سانت لوغي"، إذا ما وصلت نسبة التصويت ستصل إلى 75%.

وتوقع الأمين العام لجبهة النضال أن يكون هناك تعددية أكبر في المجلس التشريعي المقبل، ولن تكون هناك قائمة واحدة قادرة على الحصول على أغلبية 66 مقعداً، في حال عدم التمكن من تشكيل قائمة ائتلافية مشتركة.

وقال: "أي قائمة حزبية من الصعب أن تحصل على أغلبية في المجلس التشريعي، وهذا يعني العودة إلى الائتلافات، وتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية قائم على الائتلاف في إطار منظمة التحرير، وهو أمر ليس جديداً علينا، ونحن لدينا تجربة طويلة بالعمل المشترك على القواعد الوطنية المشتركة والتفاهم والذي يحكمنا البرنامج الوطني المتفق عليه تحت مظلة منظمة التحرير من 1968 وحتى الآن".

وأوضح أن "المشاورات القائمة حالياً تبحث تشكيل قائمة واسعة من التيار الوطني الديمقراطي، الذي يجمع حركة فتح وعدد من فصائل منظمة التحرير، وأعتقد بقائمة بتمثيل ومشاركة واسعة وتمثيل متعدد من الممكن أن تصل إلى نسبة تتجاوز فيه النصف +1، وهذا أمر واقعي".

بدوره، أكد نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قيس عبد الكريم، أن التمثيل النسبي الكامل هو المفضل بالنسبة للجبهة، لأنه يعكس الوزن الحقيقي لكل القوى التي تقرر المشاركة في الانتخابات وتمثيلها في المجلس التشريعي أو الوطني.

وقال: "هذا النظام يتناسب مع تأثير الأحزاب والقوى ونفوذها بين صفوف الناخبين، ونحن بحاجة له خصوصاً في مرحلة التحرر الوطني التي تتطلب ائتلاف جميع القوى الوطنية ومشاركتها في صنع القرار، على قاعدة ما تحتله من وزن على الساحة السياسية الفلسطينية".

وأشار عبد الكريم إلى أن هذا النظام يمكن المستقلين من تشكيل قوائم لخوض الانتخابات ولا يشكل أي تهديد لها من قبل الأحزاب الكبيرة على الساحة الفلسطينية.

وبشأن نسبة الحسم التي تم التوافق على أن تحدد بـ1.5%، أوضح نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية، أن ذلك يتيح الفرصة لتمثيل أوسع للقوائم الحزبية أو المتسقلة التي يمكن أن تشارك في الانتخابات، حيث من من يحصل على أصوات تسمح له بأن يحصل على مقعد واحد عليه أن يكون ممثلاً، وأكد أن رفع النسبة يصب عادة في صالح الأحزاب الأكبر .

وقال: "التخفيض هو لمصلحة مشاركة أوسع للقوى، والمساحة التي تحتلها الأحزاب الكبيرة يقررها الناخبون، ولكن النظام الانتخابي يلعب دوراً، كلما جرى تخفيض نسبة الحسم كلما كان النظام أكثر عدالة في تمثيل الجميع".

من جانبه، أكد أمين عام حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، دعمه الكامل لإجراء الانتخابات وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل، لأنه أكثر عدالة. وقال: " نحن كلياً مع هذا المبدأ وطالبنا بذلك منذ العام ".

واعتبر البرغوثي أن التمثيل النسبي الكامل يشجع الناس على المشاركة في الحياة السياسية، ويدعم العمل السياسي الجماعي في فلسطين، ومن شأنه أن يخفف من حالة الاستقطاب القائمة بتشكيل مجلس تشريعي أكثر تنوعاً.

وشدد على أن هذا النظام يشجع على الخروج برؤىً وطنية شاملة، والابتعاد عن المناطقية والعشائرية في اختيار المرشحين، انطلاقاً من أن الوطن يشكل دائرة انتخابية واحدة.

وأعرب أمين عام حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية عن أمله في أن تراعي القوائم الانتخابية أن تكون تمثيلية واسعة وأن تشمل جميع المناطق قدر الإمكان، وأن تمثل كافة الاتجاهات والشرائح، وأن تتبنى برامج تهم كل الوطن وليست مخصصة لمناطق محددة.

وأضاف أن اعتماد 1.5% كنسبة حسم للحصول على المقاعد البرلمانية، من شأنه أن يتيح الفرصة للقوى غير الكبيرة بأن تكون ممثلة في المجلس التشريعي، وقال: "هي نسبة معقولة وعادلة، ويجب أن يكون هناك حد أدنى تجتازه القوائم المتنافسة لدخول معترك الحياة السياسية في فلسطين".

وحول التعديل على قانون الانتخابات المتعلق بتمثيل المرأة في القوائم الانتخابية، أوضحت وزيرة شؤون المرأة أمال حمد، أن نسبة مشاركة النساء بحسب النظام الانتخابي المختلط، الذي اعتمد في الانتخابات التشريعية عام 2006، كانت 12.5%، ولم تصل أي امرأة إلى مقاعد المجلس من خلال الدوائر، فيما فازت 17 امرأة بالانتخابات من خلال القوائم الانتخابية.

وقالت: بعد التعديل الأخير الذي أقره الرئيس محمود عباس، في الحادي عشر من شهر كانون الثاني/ يناير، على قرار بقانون رقم (1) لسنة 2021، بتعديل قرار بقانون رقم (1) لسنة 2007 بشأن الانتخابات العامة، وجاء في نصه حول المادة (5) الخاصة بتمثيل المراة: "يجب أن تتضمن كل قائمة من القوائم الانتخابية المرشحة للانتخابات حدا أدنى لتمثيل المرأة الفلسطينية لا يقل عن امرأة واحدة من بين كل من: 1- الاسماء الثلاثة الأولى في القائمة 2- كل أربعة أسماء تلي ذلك، متمنية أن تصل النسبة إلى 40%"، أصبحت نسبة مشاركة المرأة لا تقل عن 26%.

وأكدت حمد أن تعزيز المشاركة السياسية للنساء هي مسؤولية الاحزاب السياسية، معربة عن أملها بأن يكون طموح المرأة متناسبا مع حضورها في البرلمان، من حيث الكم الى جانب الدور الفعلي في تبني قضايا النساء في المؤسسة التشريعية، وفي مقدمتها إقرار قانون فلسطيني عصري لحماية النساء ويعزز قيم العدالة والمساواة، خاصة أن قوانين الأحوال الشخصية والعقوبات المعمول بها موضوعة قبل انشاء السلطة الوطنية الفلسطنية، داعية إلى ضرورة تنظيم الصفوف لضمان وصول نساء وشابات قادرات على التغيير الى المجلس التشريعي.

وتجدر الإشارة إلى أن آخر انتخابات تشريعية ورئاسية جرت في فلسطين كانت عام 2006، فيما عقدت آخر انتخابات للهيئات المحلية عام 2017.

وكان الرئيس عباس، أصدر في الـ15 من كانون الثاني/ يناير الجاري، مرسوما رئاسيا بشأن إجراء الانتخابات العامة على ثلاث مراحل.

وبموجب المرسوم ستجرى الانتخابات التشريعية بتاريخ 22/5/2021، والرئاسية بتاريخ 31/7/2021، على أن تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، ويتم استكمال المجلس الوطني في 31/8/2021، وفق النظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاهمات الوطنية، بحيث تجرى انتخابات المجلس الوطني حيثما أمكن.