المستوطنون مجرمون، قطاع طرق، همجيون نظمتهم المؤسستان الرسمية السياسية والأمنية في منظومة الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري العنصري وتستخدمهم كأدوات لتنفيذ خطة الضم تدريجيًا دون اضطرارها لإعلان قرارات رسمية بهذا الخصوص، فشذاذ الآفاق هؤلاء الذين يعتدون بالعنف والسلاح الناري على المواطنين الفلسطينيين أثناء سيرهم في طرقات بلدهم المحتل ليسوا إلا مجموعات خاصة – تبدو في هيئة أشخاص مدنيين– مدربين على تطبيق تعليمات المستويات العليا السياسية والأمنية  لإرهاب المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض. 

قبل خمس سنوات تقريبًا كتبنا في هذه الزاوية التالي: "تستخدم حكومات دولة الاحتلال الاستيطان اليهودي وسيلة لاستعراض قدرتها على الهيمنة على الشعب الفلسطيني، وإخضاع مشيئة العالم لمشيئتها كلما استطاعت"... فهدف حكومات الاحتلال الإسرائيلي كان ومازال السيطرة على أرض فلسطين التاريخية والطبيعية مرتكزة على عقيدة الاستيطان السياسية المصبوبة في قالب ديني، عقيدة شيطانية  تعتمدها حكومات دولة الاحتلال كمرجعية لإثبات مصداقيتها عند الجمهور الإسرائيلي المتطرف خصوصًا، وتستخدم (مجرمي الحرب) بلباس مدني ظنًا بإمكانية الالتفاف على الرأي العام العالمي، والتملص من المحاكم الدولية، والتهرب من مواجهة الشرعية الدولية، رغم  إدراك رؤوس المؤسستين السياسية والأمنية أن أفعال المستوطنين مصنفة جرائم حرب في القانون الدولي  ليس بسبب جرائمهم الدموية بحق المواطنين الفلسطينيين، وإنما لمشاركتهم في جريمة التغيير الديمغرافي الذي تسير عليه حكومات منظومة الاحتلال تحت مسمى الاستيطان اليهودي. 

يلجأ نتنياهو لاستخدام ميليشياته الإرهابية (المستوطنين) في الاتجاهات الأربعة، لفتح ثغرات تساعده من فك الحصار السياسي الذي يطوقه، وكلما تعقدت رؤيته في تحديد مصيره الشخصي، فهذه النسخة المصغرة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستعدة لفعل أي أمر حتى لو كانت نتائجه سفك الدماء على الطرقات المحتلة بين المدن الفلسطينية، فالأهم بالنسبة له الاستحواذ على أصوات انتخابية، وأصوات نواب أحزاب المستوطنين تمكنه من الاستمرار بالهروب من القضاء الإسرائيلي، وليتمكن من تعيين أشخاص تابعين له في هذه السلطة يبرئونه من التهم التي ستقوده إلى المحاكمة فور سقوطه في الانتخابات القادمة في شهر آذار المقبل. 

يستخدم نتنياهو مجموعات النخبة من ميليشيا المستوطنين الإرهابيين لإدراكه حجم مفعول جرائمهم وتداعياتها ومدى قدرتها على تحقيق أهدافه، فهو الرقم واحد في منظومة الاحتلال ويعلم جيدًا أن ما يفعله  السلاح الأفظع  تدميراً وفتكاً بمشروع الاستقرار والسلام  في المنطقة. 

 فنتنياهو يعلم أن صبر الشعب الفلسطيني سيتوقف فجأة عندما يصبح امتهان كرامته، وسفك دماء الأطفال والنساء والآباء الآمنين على الطرقات بمثابة الوجبات الغذائية لذئابه المستوطنين المجرمين المنفردين أو المنظمين وتقاد من غرف أركان خاصة عسكرية وسياسية مشتركة. 

نعتقد بوجود فرصة مواتية للدبلوماسية الفلسطينية في هذه اللحظات بالذات لإطلاع العالم على جرائم منظومة الاحتلال الإسرائيلي المنفذة بواسطة مجموعات (ميليشيا نتنياهو) في أراضي دولة فلسطين المحتلة، فمجلس الأمن الدولي الذي ترأسه الشقيقة تونس خلال شهر كانون الثاني/ يناير الحالي سيعقد جلسة الثلاثاء المقبل خاصة بالقضية الفلسطينية، وسيطرح فيها ملف المستوطنات الذي يجمع العالم على اعتباره أهم عقبة على طريق السلام والحل العادل، ونعتقد أن ملف جرائم (المستوطنين اليهود الإرهابيين) الأخيرة بحق عائلات فلسطينية على الطرقات سيكون حاضرا أمام الدول الأعضاء الكبرى أولًا والمكنونة للمجلس ثانيًا وحكومات دول العالم ثالثًا، ونحن على يقين بجهوزية قيادتنا  السياسية لطرح هذا الملف لإنذار العالم بحجم الخطر الذي سينجم عن إغفال هذا الجنس والشكل من الإرهاب، وضعف إرادة المجتمع الدولي على مواجهته ومحاربته أيضًا ومحاسبة المسؤولين عنه المعروفين والمعلومين لكل أجهزة أمن الدول الكبرى والصغرى على حد سواء. 

بات واضحًا أن قيادة منظومة الاحتلال قد سمحت لنتنياهو المهووس بالتطرف، والعنصرية بخلق ميليشيا موازية له تخضع لتوجهاته وتمرير رغباته الشخصية، ونحن على يقين بأن شخصيات وازنة في جيش الاحتلال معنية بهذا التساوق والانخراط به لحسابات ذات صلة بالمكاسب السياسية التي ستحقق بعد التقاعد وولوج الدرب إلى سدة الحكومة ومقاعد الكنيست بعد تجارب رؤساء حكومات منظومة الاحتلال السابقين الذين تقلدوا أعلى المناصب في الجيش قبل وصولهم إلى رأس الهرم السياسي، كـبيني غانتس حاليا، وإيهود باراك، واسحاق رابين وغيرهم الكثير. 

لاحظنا اختراق فيروس الإرهاب للمؤسسات الأمنية في الولايات المتحدة الأميركية حيث تم القبض على 12 جنديًا من الحرس الوطني ارتبطوا بعلاقات مع المجموعات المسلحة المؤيدة لدونالد ترامب، والقي القبض على جندي أميركي في أفغانستان ساعد طالبان في تنفيذ هجوم على زملائه، أما هنا في كيان منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري فإن جيش الاحتلال بات مصابا بفيروس الإرهاب اليهودي الذي يرغم قادته الميدانيين والكبار في الأركان وفي مواقع متقدمة على إخفاء الحقائق وطمر رؤوسهم وتيسير سبل قطاع الطرق المجرمين المستوطنين وهم في طريقهم لفعل الجريمة.. إنه زمن سقوط أقنعة  الديمقراطية عن العنصريين والمستكبرين الظالمين.