إذا سألنا أحدًا ما في هذا العالم: ماذا تعرفون عن العقلانية والواقعية في العلوم السياسية، والحكم ومنطق الحياة؟! سنجيبهم: لدينا كبار أساتذتها والمبدعين فيها. 

لدينا الرئيس الإنسان محمود عباس رائدها ليس عند الشعب الفلسطيني وحسب بل عند الأمة العربية وعلى مستوى قادة وزعماء العالم. 

لدينا قادة في حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، لم تؤثر المهمات الوطنية الرسمية التي كلفوا بها ليمثلوا إرادة الشعب في سلطاته الثلاث على نمط تفكيرهم (الثوري) والمقصود به هنا التغيير الجذري وإبداع  المناهج والخطط والوسائل والأدوات للانتقال من مربع إلى آخر متقدم، حيث يعملون على تهيئة المتطلبات والاستجابة لشروط التأقلم مع أحداث ووقائع واختراعات وثورة التكنولوجيا والمعلومات ووسائل التواصل والاتصال، فهذه كلها ستكون سلاحًا مضادًا ما لم يتخذها القائد والريادي سبيلًا لاختراق حواجز وعقبات الحياة، خاصة إذا كانت نسخة طبق الأصل من حياة الشعب الفلسطيني. 

عنوان المقال جملة قصيرة لكنها بحجم كتاب سمعناها أمس الأول، من رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد اشتية الذي أسعدني شخصيًا وأنا أشاهده وأسمعه يكرر أمام الزملاء الإعلاميين أثناء لقائه مع أمانة نقابة الصحفيين ومدراء الإذاعات المحلية أنه عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، ولعلنا نستلهم من تأكيده هذا ما نقصده في هذا المقام. 

نعرف عن الدكتور محمد اشتية المناضل القائد (أبو إبراهيم) أن دماغه بارك الله فيه موسوعة علمية، ويحظى بذاكرة وقدرة إبداعية اقتصادية وسياسية ومنهجية عالية جدًا نفاخر بقدراته أحسن رجالات الدول في العالم، لكنه في اجتماع أمس الأول مع زملاء في السلطة الرابعة (الصحافة) فاجأنا بقدرته الفائقة على العلاج بالصدمة، تاركًا شخصية الدكتور السياسي المعالج بالطرق التقليدية الباهتة المملة مطروحة أرضًا بالضربة القاضية. 

أنصت بتمعن، واستمع بعمق لكل الشكاوى والمشاكل وبعض مقترحات من  الزملاء الإعلاميين ثم ابتدأ بالإجابة في سياق التوجيه العلمي والمنطقي ووضع النقاط على الحروف، والخطوط الحمراء تحت كلمات تدعى سيف ذو حدين، ونعتقد هنا أننا لمسنا تجسيدًا للمهمة الأولى للحكومة في التعامل مع قضايا ومشاكل القطاع الخاص والتي تتقدم على موضوع الدعم المادي وحل المشاكل الإجرائية والإدارية والمالية. 

وضع الزملاء صورة إذاعاتهم الخاصة الصعبة في لغة الشكوى وطلب المساعدة أمام رئيس الحكومة لتخفيف أضرار وخسائر منها متراكم ومنها مستجدة بسبب جائحة كورونا، وضعف العائدات من الإعلانات بسبب انزلاقها نحو وسائل التواصل الاجتماعي وتحديدًا (الفيسبوك). 

إجابات الدكتور اشتية التي جاءت على شكل "العلاج بالصدمة" قبل أن يقرر إسماع  الزملاء الإعلاميين ما ستفعله الحكومة من أجل الحفاظ على الهواء والأثير كنضالنا لحماية أرض الوطن ومياهه وسمائه وحماية الإذاعات كمؤسسات وموجات وترددات "واستنهاضها حتى لا يخفت صوتها". 

المناضل الدكتور رئيس الوزراء قال: "إذا لم يكن لديكم القدرة على التأقلم مع المستجدات التقنية العصرية ستذهبون، والتكنولوجيا ستطحن كل من لم يقدر على التأقلم معها.. أرجوكم أعيدوا النظر بالمستجدات والمتغيرات التقنية فهذا ليس شأنًا حكوميًا.. انظروا للأمور بمنظور متقدم، فالمناشدات لا تفيد رغم إخلاصنا في محاولاتنا لمساعدتكم.. وختم هذه الفقرة بالتالي: "البزنس يجب أن يتأقلم وإلا سيموت"...لا تنتظروا أحدًا  ليطلب منكم، أو نطلب نحن منكم، وإنما اعرضوا عليه وعلينا حزم مشاريع.. اعملوا شراكات مع القطاع الخاص في العالم العربي، استفيدوا من التجارب في دول أخرى، ادرسوا إمكانية دمج إذاعات مع بعضها، استخدموا الإنترنت وسوقوا برامجكم، لقد أعلنا عام 2021 عامًا للرواية الفلسطينية فاستغلوها، عززوا الرواية الفلسطينية ونحن على استعداد لتمويل الحزم المقدمة.. الإعلام الرسمي يسوق الرواية الرسمية وعليكم استكمال المهمة، ليس لدينا رواية إسلامية ولا مسيحية عن فلسطين والرائجة هي الرواية اليهودية فقط!! 

ابحثوا مع كليات الإعلام في الجامعات عبر نقابتكم والجهات المختصة لتأخذ بعين الاعتبار واقع السوق الإعلامي... يمكن للإذاعات الخاسرة الاستفادة من صندوق الاستدامة علما أنه مخصص للمؤسسات الإنتاجية وليس لكم، لكن بالإمكان مخاطبة سلطة النقد حول إمكانية استفادة المؤسسات الإعلامية  المتضررة من الصندوق.. سندرس تيسير التراخيص، سنشكل لجنة لهذا الأمر من وزارة الإعلام ووزارة الاتصالات والحكومة والنقابة. 

مستعدون لمساعدتكم في الإجراءات والرسوم ولكن بعد مناقشتها في مجلس الوزراء وإقرار مذكرتكم للحكومة بهذا الخصوص. 

ربط الدكتور المناضل رئيس الوزراء اشتية حق الحصول على المعلومة بالمصلحة العليا للأمن القومي الفلسطيني وأمن المجتمع وسلامته إذ قال: "قانون حق الحصول على المعلومة يقع في صلب الأمن القومي والروح المعنوية للمواطنين والحصول على المعلومة مرتبط بخدمة هذه المعلومة للوطن".