تقرير: عنان شحادة 

كل الظروف القاسية لم تقف حائلا أمام طموح المخترع الشاب جمال شختور الذي خاض معترك الحياة بكافة قساوتها، وتمكن من تمثيل فلسطين في محافل عربية. 

قصة نجاح كبيرة سجلها شختور (26 عاما) الذي ترك مقاعد الدراسة وهو في الصف العاشر، عندما دخل في العام 2016 مجال الاختراع من خلال كرسي متحرك لذوي الاحتياجات الخاصة، ثم حقيبة تنفس. الظروف الاقتصادية الصعبة هي التي فرضت على شختور الذي يسكن في حي الفواغرة القديم وسط مدينة بيت لحم ترك مقاعد الدراسة لمساعدة عائلته ماديا، إذ انخرط في سوق العمل، كمراسل في أحد البنوك في الفترة الصباحية، وبعدها كعامل في محل بيع وصيانة الأجهزة الخلوية.

"تحسنت ظروفنا نوعا ما، فقررت أن التحق بدراسة خاصة لتقديم امتحان الثانوية العامة، بعد انقطاع دام خمس سنوات، وبالفعل استطعت اجتياز المرحلة بنجاح في العام 2017" قال شختور لـ"وفا".

وأضاف: "إن فترة دراسته كانت قاسية؛ بحكم عمله لفترتين حتى منتصف الليل، ولا وقت لديه لمراجعة دروسه، فكان يستغل الفترات التي لا يوجد فيها عمل، ويقوم بمتابعة دروسه".

طموح شختور فاقت كل التوقعات عندما أبدع في اختراعه الأول المتمثل بكرسي متحرك لذوي الاحتياجات الخاصة في العام 2016، قبل دخوله الى الجامعة، الفكرة تولدت لديه عندما لجأ له أحد أصدقائه وهو طالب في العلاج الطبيعي، من اجل حل مشكلة لمعاناة أصحاب الاحتياجات خلال جلوسهم فترات طويلة، تعمل لهم تقرحات وتخثر في الدم، كون لديه اهتمامات في مجال الإلكترونيات، كما قال. 

وأوضح، ان الكرسي الذي اطلق عيه اسمSmart Electric Wheelchair)  ) ميزاته هي ان تجعل الشخص المعاق بمساعدة هذا الكرسي كأنه واقف، كذلك إمكانية ان يتناول حاجياته على ارتفاع مترين، إضافة الى منحه فرصة القيام بمهام عمله اليومي، مثل: الدهان، والحلاقة، وتمديد كهرباء، والتحرك في مناطق محصورة.

وتابع: بعدما تبين ان هذا الكرسي يوجد مثيل له في العالم، قمت بإجراء إضافات أخرى جديدة، تمثلت بعدم اضطرار الشخص الاستعانة بأحد أثناء ذهابه للنوم، حيث يرتفع الكرسي إلى مستوى سريره الأصلي، فينتقل اليه بكل سهولة. 

واشار إلى أن "الإضافة الثانية كانت عملية شحن الكرسي من خلال هاتف خلوي يعطى له أوامر، فيذهب وحده الى زاوية الشحن الخاصة، ويكون هناك جهاز بارز من خلال نقاط تلامس، وفي الكرسي أيضا له مدخلان بارزان للشحن، فيقوم بالتلامس وتحدث عملية الشحن".

وأوضح أن مشاكل قد واجهها في إيجاد القطع المناسبة حتى انه اضطر الى تدوير القديمة منها، ولكنه استطيع أن يجهز الكرسي بالكامل وحده.

وقال، "التحقت في العام 2018 بجامعة البوليتكنيك في مدينة الخليل، تخصص الأتمتة الصناعية، وبالمساعدة التي قدمت لي هناك، استطعت إجراء بعض التحسينات على جهازي الكرسي المتحرك والتنفس". 

وأردف، "في العام 2019 مثلت فلسطين في البحرين عن اختراع الكرسي ونلت أفضل مخترع فلسطيني، وسنحت لي الفرصة في تبني المشروع من قبل غرفة تجارة وصناعة البحرين، وأيضا من شركة صخر للكمبيوتر هناك، إلا أنني آثرت العودة للوطن لاستكمال دراستي الجامعية، خاصة ان بعد الفصول الدراسية قد أجبرت على تأجيلها من أجل تمثيل فلسطين".

وتابع: أوائل العام 2020 كانت هناك محاولات حثيثة لتمثيل بلدي في الخارج، ولكن بسبب جائحة كورونا لم أستطع السفر".

اما اختراعه الثاني فكان حقيبة التنفس وقصتها بدأت بحكم تطوعه مع الإغاثة الطبية في تقديم الإسعافات للمصابين خلال المواجهات مع قوات الاحتلال، فكانت الانطلاقة العام 2016. 

ونوه إلى أن انقاذ المصابين من الغازات السامة التي يطلقها جنود الاحتلال خلال المواجهات هي التي دفعته لابتكار جهاز DMRP""، بقوله "عندما كنا نهرع لإسعاف شخص من وسط الغازات السامة نقوم بارتداء الأقنعة العادية، ولا نستطيع استخدام أسطوانة الأوكسجين، بسبب اطلاق النار، وخطورة حدوث انفجار جراء ذلك، إضافة  الى اننا لا نستطيع ان نضع القناع التقليدي على وجه المصاب، لأنه لحظة وضعه تدخل الغازات السامة، وتحشر كمية داخله، ما يؤدي الى تدهور حالته بشكل أكبر، مشيرا الى ان هذه المعضلة لا تقتصر على بلد معين، بل يواجهها جميع رجال الإنقاذ، منهم الدفاع المدني، ووحدة الإنقاذ في الجيوش، ووحدات الإنقاذ في المؤسسات التطوعية.. الخ.

وقال شختور حول هذا الاختراع "الجهاز مزود بقناعين: أحدهما لرجل الإنقاذ، والآخر للمصاب، وتكون الحقيبة مزودة مسبقا في موسع الشعب الهوائية، حيث تقوم بأخذ جميع الغازات السامة والمفيدة وترشيحها ثم ضخ الغازات المفيدة فقط عبر القناعين، عن طريق مرشحات خاصة. 

وأضاف: ان الحقيبة تمتاز بأنها غير مضغوطة أي انها غير قابلة للانفجار عند تعرضها للأعيرة النارية او الضغط، وعند دخول رجل الإنقاذ وسط الغازات السامة لإنقاذ مصاب، يقوم بسحب قناع المصاب من الحقيبة، ويبدأ القناع بضخ الهواء النقي بشكل قوي (150(l/m,  ليمنع تجمع الغازات السامة بين مجرى تنفس المصاب والقناع لحظة وضعه على وجه المصاب، وبعدها ينخفض الضغط داخل القناع ليتناسب مع تنفس المصاب "5cm/H2o" الى "15 cm/H2o" ، واذا كان فاقدا للوعي، سيتم ضخ موسع القصبات الهوائية عبر أنبوب القناع، واستعادة المصاب وعيه، ونقله من دون تدهور حالته الصحية، وفي اقل وقت وجهد ممكن الى بر الأمان. 

"بدأت بإجراء أبحاث لمدة عام قبل البدء في تطبيق الجهاز، وبعدها استطعت انتاج جهاز يشمل قناع المصاب فقط، بسبب شح الموارد، ثم انطلقت الى بعض المعارض والمسابقات داخل فلسطين، وحصلت على مراكز جيدة، وتطلب الأمر بعدها  التوجه الى خارج فلسطين، فكانت وجهتي الاولى الى سلطنة عُمان للمشاركة في الملتقى الهندسي التاسع؛ ليتخللها حصولي على المركز الاول على فئتي"، قال شختور. 

وأضاف" قمت بإرسال ملف جهاز التنفس الى برنامج نجوم العلوم في دولة قطر، حيث كانت أبواب التسجيل على وشك الاغلاق، تلقيت اتصالا هاتفيا بقبوله، ودعوتي ضمن 150 متسابقا من أصل آلاف، حيث توجهت الى قطر وعرضت الفكرة في الحلقة الاولى، وتأهلت ضمن ٢٢ شخصا من أصل ١٥٠ الى المجلس العلمي، بعد ان حصدت أصوات لجنة التحكيم المكونة من ثلاثة بروفيسورات. 

وتابع "أحد أعضاء لجنة التحكيم قال لي "لو أنك استطعت احضار جهازك من فلسطين الى قطر، لقمت بإيقاف جميع الأسئلة "وبفضل الله استطعت التأهل الى المرحلة النهائية ضمن ٨ من نجوم العلوم".

وأكد أن الرئيس محمود عباس قد دعمه وأثنى على اختراعاته خلال مشاركته في أعمال المنتدى الوطني الرابع "الثورة الصناعية الرابعة"، الذي عقد بمدينة رام الله في العام 2019، وأوعز لجهات الاختصاص بإيلاء الاهتمام المطلوب له، وتقديم كل ما يلزمه.