ليست العقلية العنصرية وحدها هي من يدفع بالإدارة الأميركية الراهنة، للتغول في غطرستها وتنمرها، ضد فلسطين، ورئيسها، وقيادتها الشرعية، وإنما هي كذلك الحماقة السياسية التي لا تكف عن تجريب ما جربت من رسائل ووسائل ضغط وتهديد، ضد الرئيس أبو مازن تحديدًا، لمصادرة موقفه المناهض "لصفقة القرن" بِكل تفاصيلها، فما حصدت غير الفشل، والفشل الذريع تمامًا.

وتجريب المجرب كما تقول الحكمة، إنما هو نتاج العقل المخرب، ومخرب على نحو اختلاط الوهم بالغطرسة، واكتساح الجهل للمعرفة، ولعل هذا ما يجعل الإدارة الأميركية الراهنة لا تعرف جيدًا من هو الرئيس أبو مازن، على الصعيد الوطني والنضالي، ولا على الصعيد المعرفي والإنساني، وهذا يعني إنها لا تعرف بعقليتها العنصرية، وحماقاتها السياسية هذه، الطبيعة الفلسطينية المجبولة على التحدي والمقاومة، وليس من باب النصيحة نقول للإدارة الأميركية ورجالاتها العنصريين اقرأوا الرئيس أبو مازن جيدًا لتعرفوا أن التهديد لا يفت له عضدًا، ولكي نسهل الترجمة على من سيقرأ ذلك من الإدارة الأميركية، هذا إن قرأ!! فهذه العبارة تعني الرجل المثابر قوي العزيمة والحزم، وبالغ الشكيمة الأبي الذي لا ينقاد.

ولم ولن يُفَت للرئيس أبو مازن عضد، لأن عضده فلسطين، الراسخ لا بين كتفه ومرفقه فحسب، وإنما بين قلبه وعقله أيضًا، فلسطين بشعبها وتاريخها، وأمثولتها النضالية التي ما برحت تتأسطر بواقعية يعز نظيرها.

كيف يمكن للإدارة الأميركية أن تدرك ذلك، وتعترف به، فتكف عن التعاطي مع الرهانات الخاسرة ضد الرئيس أبو مازن الذي لم يعد يمثل فلسطين في تطلعاتها المشروعة فحسب، وإنما هو اليوم بات ممثلاً لكل الساعين في دروب الحرية والكرامة الإنسانية، وهو بفلسطينه المتواضعة بامكانياها المادية، يقف بوجه اعتى قوة في هذا العصر، وليس في جعبته سوى كلمة الحق، وكلمة السلام، بقراره الوطني المستقل، وحزمه الذي لا يلين، وصمود شعبه العصي على الكسر والهزيمة.

سنعرف أنه من الصعب على العقل الخرب أن يدرك ذلك جيدًا، وأن يعترف به، ولسنا نتوهم معجزة في هذا الاطار، غير أن حقيقة الموقف الوطني الفلسطيني الرافض والمتصدي لصفقة القرن، لطالما ستبقى بصلابة هذا الموقف، هي حقيقة الواقع التي ستضع حدًا لحماقات السياسة، وغطرستها العنصرية، حتى لو ظل أمثال "دوغ لامبورن" على مقاعد مجلس النواب الأميركي، هذا الذي لا يشبه سوى " بقيق الكسلان " في مسرحية الفريد فرج "علي جناح التبريزي وتابعه قفة" وبقبق الكسلان اهوج لا يحسن شيئا، من فرط غطرسته وغروره، وتمامًا فان "لامبرون"   ولفرط غطرسته العدوانية لايبدو أنه قادر على أن يحسن أي عمل، غير التحريض الاهوج على الرئيس أبو مازن، وهو يطالب رئيسه "ترامب" بفرض عقوبات شخصية ضد الرئيس ابو مازن، لأنه ما زال يرعى أسر الشهداء والأسرى، وكذلك على القيادة الفلسطينية السائرة خلف الرئيس في هذا الدرب الإنساني البليغ.

نعم "لامبورن" ليس أكثر من هذا "البقبق" في رسالته هذه، التي أساسها هذا الغيظ الأميركي الشديد من موقف الرئيس أبو مازن، الغيظ الذي بات كمثل بيئة للإدارة الأميركية الراهنة، وليس ثمة بيئة فاسدة أكثر من بيئة الغيظ والحنق، التي عادة ما تأتي على أصحابها، طال الزمن أم قصر..!!