تقرير:  نديم علاوي

في الثالث من شباط/ فبراير 2018، وصل محمد عائد صلاح الدين، إلى منزله في بلدة حزما شمال شرق القدس المحتلة محمولا على الأكف.. كان غارقا في دمه، وبدى وجهه شاحبا عندما رأته والدته بين أيدي ثلاثة شبان أظهرت ملامحهم أنهم جاءوا من "ميدان المواجهة".

الأم الملوعة التي صُدمت برؤية ابنها على هذا النحو، أخذت تتحسسه مودعة، ظنا منها أن الرصاصة أصابته في مقتل.. آنذاك صرخت بأعلى صوت "مستحيل يعيش"!!

محمد الذي نجا بأعجوبة وبات عمره الآن (20 عاما) كان قد أصيب بالرصاص الحي من نوع "التوتو"، خلال مواجهات بالبلدة، وهو رصاص محرم دوليا يطلقه جنود الاحتلال الإسرائيلي صوب المتظاهرين الفلسطينيين ليتفجر داخل أجسادهم.

بعد أربعة عشر شهرا من الحادثة المشؤومة، وتحديدا في السابع من نيسان من 2019 الماضي، اعتقلت قوات الاحتلال المصاب محمد من منزله، إثر مواجهات "مماثلة" اندلعت في البلدة.

محمد، الذي كان لا يزال يعاني من آثار الإصابة برصاصة "التوتو"، التي عطبت قدمه، حكم بالسجن لمدة عامين بتهمة "مقاومة الاحتلال".

العائلة (6 أفراد)، ومنذ لحظة اعتقاله،  ظلت معلقة على "خيط انتظار، يساورها القلق على صحة محمد الذي يحتاج الى عناية طبية خاصة جراء اصابته، لا سيما وأنه دائم الآلام جراء الشظايا التي "سبحت" في دمه، والتي احدثت أيضا تهتكا في انسجته.

في الخامس عشر من شهر مايو/ أيار من العام الجاري، تلقى رشدي صلاح الدين، وهو شقيق الأسير محمد، مكالمة من أحد الأسرى في السجون، تفيده بتراجع الحالة الصحية لشقيقه نتيجة اصابته قبل عامين بالرصاص.

"وقع علينا الخبر كالصاعقة" قال رشدي، الذي أشار أن أوجاع شقيقه محمد بعد عامين من اصابته ليست امرا عاديا، وهو ما جعله يشكك في تعرضه لمرض ما في سجون الاحتلال.

الأسير محمد، بالنسبة له، لم يدرك المرض الذي اصابه، ظنا منه أن ذلك ناجم عن اصابته بـ"التوتو".

"كان محمد يوما بعد يوم يضعف، وتحركه داخل المعتقل غير اعتيادي، ويشعر بتعب وارهاق في جسمه باستمرار" يقول صديقه الأسير المحرر إسلام مروان ظاهر (20 عاما) بعد أن افرج عنه في يونيو/ حزيران الماضي.

محمد كان يتردد في طلبه إلى ادارة السجون بنقله إلى مستشفى للعلاج، يقول محاميه جميل سعادة، فبل أن يعلن أعلن نادي الاسير الفلسطيني في الثامن من شهر يوليو الجاري، إصابته بمرض السرطان، استنادا الى تقرير طبية.

"لم يكن يعاني من أي أمراض حين اعتقاله، بخلاف اصابته، لكن زملاؤه في السجن أصبحوا يتواصلون معي بشكل مستمر عبر الهاتف ويخبروني عن تدهور حالته الصحية، دون تأكيد اصابته بالسرطان"، أضاف شقيقه الأكبر رشدي، الذي أشار الى مخاوف العائلة على محمد في ظل انتشار وباء "كورونا"، وفي طل منع زيارات العائلات الى السجون.

"نستقي اخباره من محاميه، بعد منعنا من زيارته، وندعو مختلف المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية الى التدخل من أجل تحويله مباشرة إلى المستشفى لتلقي العلاج"، قالت والدته "أم رشدي".

نائب مدير الدائرة القانونية في هيئة شؤون الأسرى والمحررين المحامي جميل سعادة، أوضح أنه تم التقدم بعدة طلبات للاطلاع على الملف الطبي للأسير محمد صلاح الدين، بعد نقله لعيادة مستشفى سجن الرملة، لكن إدارة السجون لم تسمح لعائلته بزيارته بزعم منع انتشار فيروس كورونا.

وأكد سعادة، أنه في ظل استمرار سياسة الإهمال الطبي للأسرى، تتعمد سلطات الاحتلال المماطلة في كشف وتشخيص المرض وإطلاع المحامين على ملفه الطبي، وتدعي بإصابته بورم سرطاني بعد أن أجريت له فحوصات طبية في مستشفى "شيعار تصيدق" بالقدس حين كان يعاني من آلام في اطراف جسده، رغم عدم اطلاع المحامين الفلسطينيين على نتيجة الخزعة التي أخذت منه.

يشار إلى أن أكثر من عشرة أسرى يعانون من السرطان والأورام، من بين قرابة 700 أسير في سجون الاحتلال، هم من المرضى، منهم أيضا نحو 300 أسير يعانون من أمراض مزمنة.