في أوائل هذا الشهر تموز سنة ألفين وعشرين، أعلنت الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة ما سمتها مبادئ علاقات عامة استعدادًا لدورها في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجري في شهر تشرين الثاني من هذا العام 2020 والتي تحتشد فيها كثير من القوى في العالم، ولا شك أن الجالية الفلسطينية تملك دورًا مهمًا في هذه المحطة الرئيسية في اختيار الرئيس الأميركي ومن يكون وهل هو المرشح الجمهوري دونالد ترمب أم الديمقراطي جو بايدن؟ حيث الجالية اليهودية عبر مؤسساتها الكبرى في أميركا حاضرة جدًا في هذا السباق الكبير، علمًا بأن الجالية اليهودية لها دائمًا دور بارز في هذا السباق الانتخابي، فمن يستطيع أن يوصل مرشحه إلى البيت الأبيض يكون قد فاز فوزًا عظيما.

ومع أن الجالية العربية في أميركا مضافة إليها الجاليات الإسلامية لها حضورها إلا أنها لم تصعد قبل ذلك إلى دور مؤثر في هذه الانتخابات لأنها لم تصل إلى مستوى الأهمية التي تشكلها الانتخابات الرئاسية في أميركا، وهي طوال عشرات السنين لم يكن لها الثقة بأن لها دورًا تلعبه، ولكنها في هذه المرة لها مثل هذا الدور من بوابة العلاقات العامة الفلسطينية التي أصبح من الواضح أن معايير العلاقات العامة الفلسطينية أصبحت مهيأة للعب هذا الدور وهي مدعوة لكي تلعبه على قاعدة عدم إعطاء هذا الصوت الفلسطيني والعربي والإسلامي إلى من يقف ضد هذا الصوت الذي لا يتسم بالخفة في الانتخابات الرئاسية التي أصبحت على الأبواب، والتي لم يعد فيها السلوك السلبي هو سيد الموقف كما في التجارب السابقة خاصة أن القضية الفلسطينية بشعبها في أرض الوطن وفي الشتات القريب والبعيد المتحد بشكل ناهض جدا بل وغير مسبوق على عكس ما كان يتوقع أعداء القضية الفلسطينية، وأن السلوك المستخذي لدى العرب والمسلمين الذين يملكون هذا الصوت المهم، وهم مطالبون باستخدامه بتفاعل كامل خلال شهور قليلة، وأن المبادئ العامة التي أعلنت عنها الجالية الفلسطينية تصلح لأن تكون حاضرة في ميدان هذا الصراع، والنموذج الفلسطيني حاضر جدًا، وملخصه يقول لن نعطي صوتنا لمن ينحاز بعدوانية ضد ثوابتنا التي تحاول إسرائيل تدميرها يوميا، بل إن الخرافات الإسرائيلية العشر التي كشف عنها الكثيرون ومن أبرزهم إيلان بابيه في كتابه ذي الجهد البحثي والأكاديمي الكبير والمتميز الذي يحمل عنوان "عشر خرافات عن إسرائيل"؛ خرافات تمر في حالة انكشاف وسقوط كبير، وهي كما سجلها هذا الباحث الأكاديمي المتميز "إيلان بابيه" قد أصبحت حاضرة الاحتشاد ضد الرواية الإسرائيلية الزائفة التي أخذت زخمها في الماضي بحكم الانصياع الكامل من قبل أتباع المسيحية البروتستانتية في أميركا والعالم، وخير مثال على ذلك صفقة القرن التي مضى بها دونالد ترامب الذي يخوض معركته الانتخابية تحت غطاء هذه الخرافات التي يزيد انكشافها وسقوطها كل يوم بفعل عمق النضال الذي يخوضه الشعب الفلسطيني في ظل قيادته الشرعية التي ثبت أنها تخوض الصراع بوحدة حال شاملة مع شعبها لإسقاط هذه الأكاذيب التي لا تزال تتشبث بها أوعية المسيحية البروتستانتية في أوروبا وأميركا، وهذه الخرافات هي إسقاطات الماضي ومنها: فلسطين كانت أرضًا خالية، أرض بلا شعب، اليهود كانوا شعبا بلا أرض، الصهيونية هي اليهودية، الصهيونية ليست حركة استعمارية، الفلسطينيون غادروا وطنهم طوعًا عام 1948، حرب يونيو عام 1967 كانت حربًا لا بد منها، إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.

في طريق هذا الحل الوحيد، تتراكم إحباطات مخزية يستحيل أن يقبلها صاحب الحق المتمثل في الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية، وأعني بها حالات التطبيع المجانية التي ركض إليها بعض الأفراد المرضى المصابين بالجزام السياسي في العالمين العربي والإسلامي، ولكن هؤلاء هم نماذج لاحتقار الذات ليس إلا، وأنهم لا يملكون أهلية البقاء، بل هم مهيأون للعار الذي يغطي وجوههم، وأنهم سقطوا لمجرد أن يتم ذكرهم ولو في قوائم الخزي، بينما الشعب الفلسطيني يدعوهم أن يلحقوا بأنفسهم بل الدوس بالأقدام في مآلات الصراع التي لا يخبو فيها ضوء الحق الفلسطيني، بل إن الشعب الفلسطيني وأحرار العالم مهيأون أكثر للتقدم لاكتساح هياكل الخزي والمهانة التي يضيع فيها الساقطون.