نديم علاوي

في الوقت الذي ينشغل العالم وفلسطين بالبحث عن سبل مواجهة تفشي وباء فيروس كورونا، لا تتردد سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تصعيد عمليات هدم منازل ومنشآت المواطنين الفلسطينيين في القدس، والاستيلاء على أراضيهم.

وتتعمد سلطات الاحتلال مواصلة عمليات الهدم وتمرير مخططاتها الاستيطانية بصمت، بهدف التخلص من الوجود الفلسطيني بالقدس.

ووفق إحصائية لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة "بيتسيلم" حول الهدم في شرقي القدس، فإن إسرائيل هدمت 31 منزلا منذ بداية العام 2020، إضافة إلى 11 منشأة ومبنى غير سكني.

بالنسبة لعائلة الأسير المحرر سامر العيساوي، فإنها تفاجأت يوم أمس، بتسليم شقيقه رأفت أمرا بهدم منزله المكون من شقتين سكنيتين ويقطن فيهما 10 أفراد بحجج وذرائع واهية، إضافة إلى اعتقاله بعد تسليه أمر الهدم، واستدعائه للتحقيق خلال نهاية الاسبوع الجاري.

عائلة العيساوي واحدة من  بين 30 عائلة فلسطينية في العيسوية، باتت تواجه خطر الطرد من منازل مبنية قديما، بعد أن وزعت طواقم تابعة لبلدية الاحتلال بالقدس، عشرات الاخطارات بالهدم على منشآت ومنازل المقدسيين في مختلف احياء البلدة، منها ما هو قيد الإنشاء وآخر مأهول.

وقال والد رأفت، المواطن طارق العيساوي": إن الاحتلال يستغل حالة الطوارئ لتجهير الفلسطينيين وترهيبهم من خلال عمليات الهدم، إضافة إلى الاقتحامات المتكررة للبلدة، واستهداف المنازل بالقنابل الغازية خلال المواجهات اليومية في البلدة رغم الجائحة.

ولا تمتلك عائلة العيساوي اليوم، فرصة للتوجه للمحاكم لوقف أمر الهدم بسبب جائحة كورونا، وقد سبق أن هدمت جرافات الاحتلال منزل رأفت عام 2013، بحجة بنائه منزلا لشقيقه سامر صاحب أطول إضراب عن الطعام في سجون الاحتلال، أثناء فترة اضرابه في المعتقلات.

ومع تجديد حالة الطوارئ في الأول من الشهر الجاري، واصلت سلطات الاحتلال عمليات الهدم  بالقدس المحتلة دون رقيب أو حسيب، وهدمت في الأول من الشهر الجاري منزلا مؤلفا من طابقين وبركسا في المنطقة الجنوبية من العيسوية.

وفي 17 من الشهر الماضي، هدمت جرافات الاحتلال جدارا استناديا في أبو ديس، وجرفت ملعبا يعود لدائرة الرياضة في جامعة القدس.

وفي 31 من أيار 2020، أصدرت بلدية الاحتلال بالقدس وبموافقة ما يسمى "لجنة التخطيط والبناء الإسرائيلية"، قرارا نهائيا بهدم وإخلاء لـ 200 منشأة خاصة لتصليح المركبات وتجارية ومطاعم، في حي واد الجوز أكثر المناطق حيوية في القدس.

الباحث في شؤون القدس والمختص في شؤون الاستيطان، فخري أبو ذياب، بين لـ"وفا" أنه منذ  بداية العام أصدرت سلطات الاحتلال 638 أمر هدم اداري وقضائي لمنازل ومنشآت لمقدسيين منها ما هو محدد المدة للهدم، إضافة إلى هدمها 42 منشأة تجارية وسكنية بالقدس.

وأكد أبو ذياب أن سلطات الاحتلال ماضية في مشاريعها التهويدية بالقدس، لتغيير واقع المدينة، وظهر ذلك من خلال إقامتها نفقا يصل إلى المسجد الاقصى، والاستيلاء على أراضي  وادي الريبابة في بلدة سلوان، واعتقال مئات المقدسيين.

ولفت إلى أن تقييد حركة التنقل بسبب كورونا، أمر مناسب تستغله سيلطات الاحتلال لصالح فرض المخططات الاستيطانية للسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي، وخنق المقدسيين ودفعهم للبحث عن سكن خارج الجدار.

وتابع: إنه خلال الفترة ما بين 1-1 حتى 17-6 من العام الجاري رفضت بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس الموافقة على إصدار تراخيص بناء لـ61 فلسطينيا في القدس، فيما وافقت على بناء مئات الوحدات الاستيطانية.

بدوره، قال عضو لجنة المتابعة في العيسوية محمد أبو الحمص، إن بلدية الاحتلال حضرت إلى منزله وعلقت أمر هدم على أحد الجدران وغادرت المكان، كما أخطرت شقيقه رباح بهدم بركس للخيول من ضمن 30 اخطارا سلمتها في البلدة يوم أمس.

وأضاف لـ"وفا"، "ليس أمامنا الا التوجه للمحاكم لوقف القرار، لكن بلدية الاحتلال استغلت موافقة نتانياهو على الاغلاق الشامل لإسرائيل بما فيها المحاكم لمنع تفشي كورونا، وتسلمنا القرار رغم حالة الاغلاق".

واعتبر المحامي المقدسي والخبير القانوني مدحت ذيبة، عمليات الهدم والاستيطان المتواصلة في زمن كورونا "ترانسيفر هادئ" للتخلص من المقدسيين، دون وجود أي رقابة على عمل سلطات الاحتلال في القدس، مؤكدا أن سلطات الاحتلال لا تدخر جهدا في التضييق على المقدسيين في أي وقت دون الاكثرات لما يجري، خاصة مع انتشار وباء كورونا، واصدراها قرارات هدم هي اصلا موجودة في انظمة المحاكم.

وتابع: في السابق كان هناك قانون يسمح للقاضي بتأجيل الهدم إلى أكثر من عام، أما اليوم فتم تعديل هذا القانون، ولم يعد هناك صلاحية للقاضي لتأجيل القرار إلا لمدة أقصاها 3 شهور.

وفي إطار الانتهاكات المتواصلة بالقدس في زمن كورونا، واصلت سلطات الاحتلال في الآونة الأخيرة عمليات الاستيطان، وشرعت بلدية الاحتلال وما تسمى بـ"سلطة الطبيعة" الإسرائيلية عمليات تجريف لأراضي المواطنين في وادي الربابة ببلدة سلوان، بهدف إقامة مشاريع استيطانية، كما أجرت طواقم تابعة لسلطات وبلدية الاحتلال عمليات مسح للمساكن في تجمع جبل البابا البدوي جنوب شرق القدس المحتلة، وتم تجريف عدة قطع زراعية وتخريب تمديدات المياه في العيسوية في المنطقة الشرقية الجنوبية المهددة لصالح اقامة "حديقة وطنية"، وهي المنطقة الوحيدة المتبقية للأهالي للبناء والتوسع ، واقتحمت قوات كبيرة من قوات الاحتلال، قرية بيت إكسا شمال غرب القدس، وشرعت بأعمال تجريف لقطعة أرض داخل القرية تعود لعائلة حمايل.