البشرية، وبسبب الحجر المنزلي العالمي، تبدو وكأنها لا تتذكر أيامها، الفلسطيني أمره مختلف، فهو قد لا يتذكر في أي يوم هو، ولكن ذاكرته الوطنية حديدية، لا يمكن أن ينسى روزنامته الوطنية، أيام التحدي والكرامة، أيام معاناته ونكباته. وفي إطار هذه الروزنامة، فإن غدًا يصادف الذكرى الـ 44 ليوم الأرض المجيد، يوم التحدي والرفض للمشاريع الإسرائيلية الصهيونية، للاستيلاء على أرض الآباء والأجداد.

تأتي ذكرى يوم الأرض هذا العام والشعب الفلسطيني، ومعه البشرية جمعاء، يواجهون خطرًا وتحديًا مباشرًا مع وباء الكورونا. ومن دون أن تنحرف عيوننا عن الاحتلال ومشاريعه التوسعية للاستيلاء على أرضنا، فإننا يجب أن نستلهم دروس وعبر يوم الأرض عام 1976 في مواجهة الكورونا اليوم، وأهم هذه الدروس هو الوحدة، وحدة الشعب الفلسطينى، وتماسكه وتكاتفه، إذا كنا موحدين متراصين وراء قرار واحد، وتعليمات واحدة، قرار وتعليمات قيادتنا الوطنية، سنواجه بكفاءة وباء الكورونا.

الفلسطيني له واقع مختلف، فإذا كانت الشعوب الأخرى تواجه اليوم هم الكورونا، فإن الشعب الفلسطيني يواجه همين وتحديين، تحدي الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني العنصري، وتحدي الكورونا. ولكن هناك ميزات إيجابية  للشعب الفلسطيني، أولاً، أنه يمتلك قيادة وطنية، هدفها الحرية والاستقلال لشعبها، وبالتالي فإن هذه القيادة لا هم لها ولا مصلحة سوى مصلحة شعبها، وسلامته، فهدف الحرية والاستقلال لا يتحقق إلا بإنسان فلسطيني سليم قوي، إنسان واع وطنيا، متمسك بأرضه ووطنه التاريخي. وانطلاقًا من ذلك رأينا كيف يتصرف الرئيس ويتخذ قراراته، والتي كلها تعكس حرصه ورغبته في حماية شعبه، وهكذا رأينا الحكومة ورئيسها تتصرف بحزم في تنفيذ قرارات وتوجيهات الرئيس وتعمل ليل نهار هي وجميع أذرع هذه القيادة. أجهزة الأمن، الإعلام الرسمي، الوزارات، المحافظين والبلديات وحركة فتح والفصائل الوطنية واللجان الشعبية.

وثانيًا، أن الشعب الفلسطيني، الذي يواجه منذ أكثر من مئة عام المشروع الصهيوني الاستعماري، هو شعب صلب قوي متمرس في المواجهات ويتكيف بذكاء مع المصائب والظروف الصعبة. شعب يمتلك إرادة صلبة يتوحد عندما يواجه خطرًا.

ونحن نمر بغمة الكورونا، نصرعلى إحياء ذكرى يوم الأرض، وفي هذه الغمة نصرعلى تأكيد تمسكنا بالأرض، فما قيمة الحياة، دون أرضنا التاريخية، دون أن نعيش بكرامة في وطننا، بحرية نتمتع بالاستقلال والسيادة الوطنية. عظمة يوم الأرض أنه حقق رمزيتين في غاية الأهمية. الأولى العلاقة المصيرية بين الفلسطيني وأرضه، هذا التمسك بالأرض الذي لا يضعف أبدا، والرمزية الثانية هي وحدة الشعب الفلسطيني، برغم ما تعرض له من تمزيق ومحاولات طمس لهويته الوطنية، يوم الأرض لذلك هو يوم مجيد في تاريخنا في روزنامتنا الوطنية، إنه يوم التحدي، ولأنه كذلك لنجعل منه عبرة في مواجهة تحدي الكورونا  بمزيد من الوحدة والتماسك وبالتقيد الصارم للتعليمات الصحية.