تقرير: جويد التميمي

أطلّت المواطنة سامية بيوض عبر نافذة منزلها في جبل الرحمة بمدينة الخليل، لتفاجأ بالعشرات من جنود الاحتلال الإسرائيلي يقتحمون المنطقة، في مشهد ليس بالجديد، لكن ما شكل لها صدمة، كان عندما راحوا يبصقون على مركبات المواطنين، ومقابض أبواب المنازل، والجدران.

أثار هذا الأمر هلع بيوض وأهالي الحي، الذين يخشون من أن يكون الجنود مصابين بفيروس كوفيد-19 "كورونا" المستجد، ويحاولون نقل العدوى للمواطنين، ما دفع شباب الحي والأحياء المجاورة، للخروج والتصدي لجنود الاحتلال، ورشقهم بالحجارة، الذين ردوا بإطلاق الرصاص المعدني وقنابل الصوت.

وانتشر مقطع فيديو، بثته وسائل التواصل الاجتماعي، أظهر الجنود وهم يبصقون في كل مكان بأحياء عدة من الخليل، الأمر الذي دفع بالمواطنين إلى تنظيف الشوارع وتعقيمها بالمواد الكيماوية، خوفا من فيروس "كورونا".

وقالت بيوض: "شاهدت جنود الاحتلال أثناء اقتحامهم شوارعنا ومداخل بيوتنا وهم يبصقون في كل مكان، نحن نخشى أن يكونوا مصابين بالفيروس، ويعملون على نشره في محيط منازلنا، الحي قريب من مستوطنة (رمات يشاي) المقامة على أراضي المواطنين وممتلكاتهم في تل الرميدة، كانوا يبصقون بشكل جنوني وفي كل مكان".

وأضافت: "بصقهم بهذا الشكل يؤكد أنهم يريدون إيذاءنا ونشر الفيروس بيننا، لكن شبان الحي والأحياء الأخرى طردوهم بالحجارة حتى هربوا، بينما قامت طواقم البلدية بتطهير الشوارع وتنظيفها وتعقيمها".

رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة قال، لــ"وفا"، إن طواقم البلدية نفذت مع ساعات الفجر الأولى جولات ميدانية استمرت لساعات، عملت خلالها على تعقيم وتطهير كافة المناطق والشوارع والأحياء التي شهدت تحركات لجيش الاحتلال.

ونوه إلى أن الاحتلال يحاول ضرب حالة التماسك والاستقرار التي يعيشها شعبنا الفلسطيني في مواجهة فيروس "كورونا"، معربا عن ثقته بقدرة المواطنين والطواقم الطبية والأجهزة الأمنية على تخطي هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها العالم بأسره.

ما حدث بالخليل ليس الحادثة الأولى، ففي بلدة حوارة جنوب مدينة نابلس، اقتحم مستوطنون البلدة وتحركوا بشكل مريب ومشبوه حول الصرافات الآلية، والمحلات التجارية، مستغلين التزام المواطنين بمنازلهم، عقب إعلان حالة الطوارئ منعا لانتشار العدوى، ما دفع المواطنين أيضا لتعقيم الأماكن التي تواجد بها المستوطنون.

وأكد الناطق الإعلامي باسم لجنة الطوارئ في حوارة عواد نجمـ لـ"وفا"، أن المستوطنين ترجلوا من مركباتهم الليلة الماضية، وحاولوا اقتحام المحال التجارية، كما مسحوا بأيديهم على الصرافات الآلية للبنوك في البلدة، وإثر ذلك قامت اللجنة بتعقيم تلك الأماكن خشية أن يكون المستوطنون قد رشوا مواد مشبوهة قد تنقل فيروس "كورونا" أو الأمراض المعدية.

وأشار إلى أن بلدية حوارة دعت المواطنين إلى تعقيم أبواب محلاتهم وتفقدها قبل فتحها، وحمّل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة المواطنين، معتبرا أن ما حصل يندرج في إطار محاولة نشر الهلع والفوضى لإرهاب المواطنين وزعزعة أمنهم.

وشدد نجم على ضرورة أخذ الحيطة والحذر واليقظة دائما خوفا من تكرار هذه الأفعال، ورفع حالة التأهب القصوى، خاصة أن الاحتلال ومستوطنيه يمارسون جرائمهم بحق أبناء شعبنا في كل الميادين والظروف.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية غسان نمر، لــ"وفا"، إنه رغم محاولات الاحتلال النيل من قدرات شعبنا وقيادته "إلا أننا استطعنا أن نثبت للعالم أننا قادرون على مواجهة هذا الوباء".

وتابع أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية اتخذت جميع الإجراءات التي من شأنها حفظ سلامة المواطنين، وهي تعمل جاهدة في ظل هذه الظروف الحالكة على فرض الأمن والأمان والطمأنينة والاستقرار، ليبقى المواطن من خلال الترابط الاجتماعي والوعي الفكري آمناً على نفسه وماله وكل ما يمتلك.

وفي تعليقه على ما فعله جنود الاحتلال في الخليل والمستوطنون في حوارة، شدد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد سعيد التميمي، على أن مدننا وقرانا وبلداتنا ومخيماتنا كانت وما زالت عصية على الانكسار، وستبقى الشوكة في حلق الاحتلال، والصخرة التي يتحطم عليها أي مخطط هدفه المساس بالمواطن أو الأرض الفلسطينية، والمقدسات.

وأكد أن جريمة اقتحام المستوطنين لبلدة حوارة وجنود الاحتلال لمدينة الخليل، وبصقهم على ممتلكات المواطنين لنشر الرذاذ والمرض ستتم متابعتها كجرائم حرب في المحاكم الدولية.

وأوضح أن هدف الاحتلال، من خلال هذه الممارسات التي لا تمت للإنسانية بصلة، هو إضعاف تماسك شعبنا مع قيادته ومؤسساته وأجهزته الأمنية والشرطية، مؤكدا أن "ذلك لن يكون، وسيزيد شعبنا ثباتا وقوة، وسيكون دافعا وإصرارا على أداء الواجب الوطني في حماية شعبنا من الاحتلال والعابثين".

وحث التميمي كافة الفصائل وأبناء شعبنا، على تكاتف الجهود للوقوف سدا منيعا أمام مخططات الاحتلال التي تهدف لإحداث حالة من الفلتان هدفها الفتك بالجبهة الداخلية الفلسطينية، خاصة في ظل انتشار هذا الوباء عالميا.