يسعدنا أّن نصدر عددنا الأول من نشرة "العودة" الأسبوعية، والتي يصدرها ويشرف عليها (إعلام حركة فتح في الساحة اللبنانية)، وهي تتوخَّى تزويد الكوادر، والشباب الفلسطيني، والمثقفين بالمعلومات والتحليلات السياسية، والمنطلقات الثورية التي هي جزء لا يتجزأ من ثقافتنا الوطنية. وسيتم تعميمها على المواقع حتى تكون بمتناول الجميع- نسأل الله سبحانه التوفيق.

  

 قيادة حركة فتح في لبنان

إعلام الساحة

الحاج رفعت شناعة

23/3/2020

-الافتتاحية-

مصير القضية الفلسطينية يتحكم به إستمرار الانقسام

شئنا أو أبينا، وبعد التجربة المريرة التي عاشها الشعب الفلسطيني منذ العام 2007، وعلى مدار ثلاثة عشر عاماً، وبحيث شكَّلت هذه الحالة المسمومة خنجراً يغوص في الجسد الفلسطيني، وغالباً ما يؤدي إما ألى حالة شلل في الحراك الوطني، أو إلى حالة توتُّر حاد في المجتمع  الفلسطيني، أو إلى حالة بأسس وإحباط من إمكانية أن نلتقي جمعياً تحت سقف واحد هو سقف الوحدة الوطنية.

الانقسام لم يعد مجرد مصطلح يُطلق في سماء التحولات السياسية أو مجرد مشاجرات ومناكفات إعلامية وتعبوية، ولكن وبكل موضوعية وبعيداً عن المبالغة أصبح الانقسامُ سلاحاً فتّاكاً يستخدمه العدو الصهيوني وحلفاؤه، من أجل أن يستمرَّ استنزاف القضية الفلسطينية، خاصة أنَّ الإِنجاز الأول لهذا الانقسام كانت حالة الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية عملياً وواقعياً، وازدياد معاناة أهالي القطاع، رغم أن السلطة الوطنية تتعاطى كحكومة مع القطاع كما تتعاطى مع الضفة الغربية، في غياب الوحدة الحقيقة، وانما استمرار حالة التوتر، والتجاوزات الأمنية والادارية، وحجز الحريات، خاصة أنه تمت هناك إتفاقات معينة مع الممثل الصهيوني بدون العودة إلى قيادة م.ت.ف، والتي هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهذا مؤشِّر خطير. إننا في حركة فتح ومن موقع الحرص على المسؤولية الوطنية الشاملة ندعو كافة الفصائل، وخاصة الأخوة قيادة حركة حماس أن تكون الوحدة الوطنية الفلسطينية هي القضية المركزية لديهم عملياً، وميدانياً، وأن تُعطى الأولوية في الحسابات السياسية، لأنها قضية جوهرية، وأصولية، ومبدئية لا تخضع للمساومة.

ودعوتنا هذه تأتي في الوقت الذي تحضِّر فيه قيادة حركة حماس نفسها لانتخابات قيادة سياسية جديدة ونأمل أن يكون إنهاء الانقسام له الاولوية على جدول الأعمال، حتى نستطيع معاً وسوياً كفصائل، أن نستعيد موقعنا الطبيعي والقيادي والريادي في مواجهة الاحتلال الصهيوني، الذي يسعى ليل نهار من أجل إستكمال توسيع الاستيطان، وتهويد المقدسات، وضم منطقة الاغوار وشمال النهر الميت، والتنكيل بشعبنا وأسرانا، قبل أن نستيقظ من سباتنا كفلسطينيين، وأن نعود إلى رشدنا.

ليس أمامنا من خيار إذا كان خيارنا الأوحد هو مقاومة الاحتلال، وجيشه ومستوطنيه، وتطهير المقدسات سوى العودة إلى حضن الشرعية الأم وهي إطار "م.ت.ف"، التي يقودها سيادة الرئيس أبو مازن محمود عباس، الذي أثبت خلال هذه التجربة القاسية قدرته على أخذ القرارات الصارمة، والحاسمة، والعقلانية، كما أثبت حرصه على كل أبناء شعبه في الداخل وفي الشتات، وتمسكه بالثوابت الوطنية.

نأمل أن تنجح قيادة حركة حماس في اختيار قيادة تعطي الأولوية لتجسيد الوحدة الوطنية حتى نستطيع الخروح من مستنقع الانقسام.

 

القدس تشهد مخاطِر ديموغرافية وميدانية

إنَّ الاهتمام الأول بالنسبة لشعبنا, وأيضاً بالنسبة لأمتنا يجب أن ينصبُّ على ما يجري في القدس من مشاريع تصنوية للواقع الفلسطيني الاجتماعي, والديني, والبنيوي, والسكَّاني, والتجاري, والثقافي, وبشكل ممنهج.

وهناك مستجدات يومية في هذه المجالات, وما يجري هو عبارة عن معركة حقيقية على مدار الساعة, وبالتالي هناك حالة استعجال صهيونية في تنفيذ الخطوات والخرائط التي رسمتها صفقة القرن الاميريكية الصهيونية, للتخلص من الوجود العربي الفلسطيني على هذه الأرض المقدسة. ونحن هنا سنتناول بعض الاجراءات العملية والميدانية التي تنفذها الحكومة اليمينية العنصرية التي مازال يقودها نتنياهو. وفي النشرات القادمة سنسلِّط الضوء على المعركة الجارية هنالك في القدس مستندين إلى الدراسات والتقارير الموثوقة التي تبيِّنها بعض الجهات والمؤسسات والدراسات :

أ‌-       يرسم الاحتلال حدود مدينة القدس وفق مايراه مناسياً ويعمل على فصلها عن باقي القرى والمدن الفلسطينية خاصة الواقعة جنوب القدس .

ب‌-     يتم التركيز في إطار هذه الاجراءات على استكمال مشروع الشارع الأميركي الذي يتم الاسراع في انجازه والذي يصل من صور باهر ويمر بأحياء جبل المكبِّر, ويسيطر في مخططه على مئات الدونمات من أراضي السكان كما يقوم في طريقه  بهدم عشرات المنازل التي تعيق طريقه خاصة في منطقة (واد النار) الواقعة في جبل الكبِّر, والتي تتمَّير يتضاريس صعبة .

ت‌-     يقوم الاحتلال في المنطقة ذاتها بإقامة جسر هو الأطول والأعلى لتسهيل عملية التنقل للمستوطنين, والتواصل بين المستوطنات, وأيضاً سيربط هذا الجسر المستوطنات البؤر الاستيطانية الواقعة داخل جدار الفضل المقام سابقاً – والذي رفضته محكمة لاهاي الدولية – مع الأخرى التي تقع خارج هذا الجدار .

ث‌-     هذا الربط بينهما سيتم من خلال نفقين واحد يبدأ من منطقة دير السنة وتحت بلدة أبو ديس, ونفق آخر تحت جبل الزيتون, ثم يلتقي النفقان تحت معبر الزعيم, وضمن ما يطلق عليه مشارع السيادة, وفي هذه المنطقة يتم العمل على إقامة شارعين منفصلين واحد للمستوطنين وآخر للفلسطينيين, ويمتد هذا الشارع إلى بادية القدس والأغوار, وهذا ما يسهِّل عملية الضم للأغوار, ولمناطق شمال البحر الميت, التي هي جزء من صفقة القرن.

ج‌-     إن مشروع شارع الطوق الذي يتحدثون عنه في القدس سيكون قادراً على عزل ستة آلاف مواطن من أهالي صور باهر عن قريتهم, وأيضاً عن مدينتهم, وخاصة عزلهم عن أراضيهم وممتلكاتهم الواقعة في المناطق (أ) و (ب) في الضفة الغربية .

ح‌-     ما ذكرناه يأتي ترجمة للأهداف الصهيونية عملياً الرامية إلى مشروع ضم أكبر مساحة ممكنة من الأرض وأقل عدد من السكان .

 

معركة حرية وحماية الأسرى لها الاولوية

في هذه الظروف الدولية المعقدة سياسياً، والمرعبة بسبب تفشي فايروس الكورونا على صعيد دول العالم، ومنها الاراضي الفلسطينية، وأيضاً الكيان الصهيوني، ودول العالم تستعين بكل الوسائل والأساليب والامكانيات لحماية شعوبها من هذا الخطر الداهم.

لكنَّ المؤلم والمؤسف، والمثير للغضب والنقمة عند الشعب الفلسطيني، وعند كل أحرار العالم وشرفائه أن نرى هذا العدو الغاصب للأرض، والقاتل لأبناء شعبنا يتحكم ويتجبَّر بحياة اسرانا سواء الأطفال، أو النساء، أو الشبان أو المسنين، والمرضى الذين يعانون من الامراض المزمنة والخطيرة، هؤلاء الأسرى يعيشون في ظروف صعبة ومعقَّدة، خاصة الذين هم في الزنازين ومحرومون من كل شيء، ويتعرضون يومياً للقمع، والتجويع، والحرمان حتى من العلاج، ومن أبسط الحقوق الانسانية.

يجب أن نثبت للكيان العنصري الصهيوني بأن الارادة الشعبية الوطنية الفلسطينية أصلب، وأقوى، وأشد تماسكاً وصبراً من جرائم الاحتلال وهمجيته. إنَّ الواجب يتطلب من شعبنا في الداخل وفي الشتات أن نشرعَ بهجوم سياسي واعلامي شامل، والنزول إلى الشوارع لتحريك المشاعر العربية، والاسلامية، والدولية الصديقة، من أجل الانتصار لحرية الأسرى، ودعوة العالم الحر لأخذ دوره في هذه المعركة السياسية والانسانية، واجبار الكيان الصهيوني على تطبيق قرارات الشرعية الدولية التي تحمي حقوق الأسرى، وبالتالي تخليص هؤلاء الأسرى من براثن الاحتلال خاصة النساء، أو المرضى، وكبار السن، والأطفال، والمعتقلين إدارياً، حتى لا يقعوا ضحايا التعذيب المتواصل، والحرمان من الحقوق المشروعة، وبالتالي جعلهم عرضة للإصابة بأمراض خطيرة، ومنها( الكورونا)، حيث تخلو المعتقلات الصهيونية من الرقابة الدقيقة، والمطلوبة التي يحتاجها المريض وخالية من أخذ الترتبيات الاحتزازية لعدم نقل العدوى، والداء من أسير إلى آخر، فبينما العالم كله يستنفر كلَّ طاقاته لحماية الشعوب يُترك أسرانا ضحايا لانتقال مثل هذه الامراض برعاية صهيونية، واستهداف واضح للإنسان الأسير بينما المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الانسان يقفون موقف المتفرج، وكأن الأسير، الفلسطيني لا يستحق الحياة.

صرحة مدوية نطلقها من أجل تخليص ِأسرانا من بين براثن الاحتلال الصهيوني.

إنَّ عبء النضال والكفاح من أجل حرية الأسرى وسلامتهم يجب أن لا يبقى على عاتق أهالي الأسرى فقط، ويكفيهم العذاب اليومي الذي يعانونه بعيداً عن أبنائهم، وعن أزواجهم، وانما يجب أن يكون هذا الهمُّ الكبير على عاتق كل الشعب الفلسطيني، وقيادته، ومؤسساته.

 

اللاجئات الفلسطينيات هن صمَّام القضية

في يوم المرأة العالمي يسجل التاريخ حتى هذه اللحظة لعام 2020م أن الفلسطينيات لا زلن حارسات كينونة الوطن ، ومنهن اللاجئات؛ حيث شهدت تداعيات الحروب - التي بدأت في فلسطين منذ1948 وصولاً إلى لبنان والعراق وسوريا، ومنذعشرات السنين حتى الآن – أنهن القادرات على صون وجه وكرامة فلسطين في أقاصي البلاد وأصقاعها.

كنت قد ذكرتُ في مقالٍ لي قبل أربع سنوات أن اللجوء القسري الفلسطيني إلى أوروبا ، سيشكل نواة لوبي فلسطيني مدافع بشراسة الدبلوماسية عن القضية الفلسطينية، وهو مُشَرِّف من حيث إيصال وجهة النظرالفلسطينية، والتي تؤكد على الهوية ولو كان عن طريق الاندماج المجتمعي، وتكشف زيف البروباغاندا الصهيونية (الدعاية المُضَخَّمة المُسيَّسة)، التي استباحت عقول الغرب والأوروبيين لسنوات طويلة.

ومثلما نهضت اللاجئة الفلسطينية في لبنان شامخةً كشجرة السنديان قبل وبعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982م، وأعادت بناء المخيمات أثناء غياب الرجال خلف قضبان معتقلات الاحتلال الصهيوني، ثم بدأت تستعيد عافيتها بتحركها نحو إعادة بناء المؤسسات المجتمعية التي تُعنى بتحسين الوضع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للاجئين في المخيمات الفلسطينية في لبنان، حيث كانت الروح المعنوية المتحدية هي من شجعت المنظمات الدولية المانحة لدعم تلك المؤسسات ومنها الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ومؤسسة النجدة الاجتماعية وغيرها.

كذلك وعبر السنوات وإثر الحروب المتتالية على بلدان الجوار، بقيت روح العنفوان تهدر في نفوس اللاجئات الفلسطينيات، وآخرهن اللواتي تهجَّرن قسراً مع عائلاتهن من سوريا إلى الأردن ولبنان وأوروبا، فها هنَّ ينتزعن اعتراف المجتمع المضيف بجدارتهن في العمل الثقافي والسياسي والاجتماعي، كونهن نشأن في بيئة تعتبر القضية الفلسطينية هي الأساس في الخط السياسي، بالإضافة إلى كونها حاضنة للثورة الفلسطينية، والتي ترعرعت فيها الطفولة اللاجئة، فأنبتت نساءً ورجالاً قادرين على أن يكونوا كوادر جَسُورة للدفاع عن القضية الفلسطينية والحفاظ على التراث الفلسطيني.

وفي سوريا استطاعت المؤسسات الاجتماعية والتراثية والثقافية إعادة تفعيل نشاطاتها خارج المخيمات وخاصةً اليرموك، ولو نسبياً وحسب الظروف؛ مثل نادي فتيات فلسطين التابع لمؤسسة أسر الشهداء والجرحى، ومؤسسة بيسان الاجتماعية وإيلياء للتراث الفلسطيني وتأهيل الفتيات، ومراكز أخرى.

وفي لبنان طَوَّعَت الفلسطينيات من سوريا كل الظروف لخدمتها وعائلتها، فانخرطن في العمل الطوعي والمأجور أيضاً للمؤسسات.

أما في أوروبا فلقد بدأن بتشكيل نواة لجمعيات محلية منذ العام الماضي 2019، بعد أن أقمن كناشطات منذ وصولهن، فعاليات لإحياء المناسبات الفلسطينية، مثل مؤسسة ( هويتي ) في هولندة، والتي أسستها لاجئة فلسطينية من سوريا بدعم من فلسطينيي المهجروبعض رجال الأعمال الفلسطينيين ودعم من السفارة الفلسطينية؛ كما أنها اعتُمدت من ضمن مؤسسات الاتحاد الأوروبي وهذا بحد ذاته إنجازٌ ههمٌّ جداً.

وكذلك جمعية المرأة الفلسطينية في السويد التي أسستها سيدة فلسطينية لاجئة من سوريا بالتعاون مع نساء عربيات مغتربات،وقُدِّمَت اللوجيستيات من البلديات المحلية، وهي تُعنى بالجانب الثقافي والتراثي الفلسطيني والعربي؛كما أصبحت عضواً في لجنة مهرجان السينما في السويد.

كما أن الجهود لم تقتصر على ذلك بل نشأت بعض المنظمات والجمعيات الدولية على كاهل أولئك اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، والتي تركزت خدماتهم وتدخلاتهم في مناطق اللجوء الفلسطيني في سوريا ودول الجوار، مثل منظمة الانسان من أجل الانسان في السويد وهولندة.

ولقد استطاع أولئك الحماة التغلب على كل التحديات بأنواعها وأهمها الجغرافية المتباعدة الأطراف، لكن ما ينقص أولئك الجهود هو التنسيق فيما بينها، كي لا يتم اتهامها بأنها انعكاس لتقوقعات شخصية وأحياناً سياسية.

إننا لنعتبر تلك الإنجازات العظيمة هي صمام الأمان الوجودي للفلسطينيين، والتي ترجح كفة ميزان النضال الفلسطيني، وخاصةً في ظل استمرار تدفق الدماء الجديدة على طريق الحفاظ والتمسك بالهوية، والمتمثلة بأطفال اللاجئين والذين استثمروا مواهبهم وسخروها قرابين للحرية الفلسطينية ولو كان الاندماج المجتمعي مفروضاً عليهم حسب قوانين اللجوء ، فمفتاح العودة تم إعادة تشكيله وحمايته بطرق مختلفة تتناسب والسياسة المجحفة بحق الشعب الفلسطيني، والمطبقة من قبل الاحتلال الصهيوني وحلفائها من الغرب والعرب.     هيفاء الأطرش

 

ليبيا من لاعب إقليمي ودولي إلى كرة في الملاعب

 تسارعت في الآونة الأخيرة الأحداث على الأرض الليبية، لتبلغ مدايات أكثر بكثير مما كان متوقعا" ومخططا" له، مع تسارع التطورات من الناحيتين السياسية والجيوسياسية وحتى العسكرية التي طرأت على خارطة المنطقة،  وبشكل أكثر تحديدا" منطقة حوض البحرالأبيض المتوسط، والمديات الإقليمية المعروفة والمتعددة الأحجام والأوزان طبقا للأحجام والأوزان والتأثير .

وهذا الأمر تجلى من خلال بروز ليبيا ودورها في لعبة المحاور والتحالفات الإقليمية،  وانخراط قطبي الصراع الداخلي الأول يمثله رئيس حكومة الوفاق الوطني  فايز السراج،  التي تقلصت سيطرتها على أجزاء واسعة من الأراضي الليبية ولتبلغ حدها الأدنى إلى ما يقارب ال 20 بالمئة من المساحة الإجمالية، وانحصارها في العاصمة طرابلس ومحيطها، وبعض المدن المتناثرة هنا وهناك ، فيما يسيطر الجيش الوطني بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر على القسم الأكبر مدعوما من كثير من العشائر والقبائل وأبرزها قبيلة الرئيس الراحل العقيد معمر القذافي ، وهو الأمر الذي استطاع من خلاله من فرض نفسه لاعبا" رئيسيا" في المؤتمرات والاجتماعات الدولية والإقليمية الخاصة "" بحل الأزمة الليبية "" من خلال دعوته لحضورها باعتباره بيضة قبان كبيرة الوزن والحجم لايمكن تجاهلها.

وعلى هذا الأساس يبدو أن خليفة حفتر وقواته أضحت ولفترة زمنية قصيرة نسبيا" لاعبا" اساسيا" ، من خلال دعوته لحضور مؤتمر برلين وغيره من المؤتمرات دفعت بمبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا الدكتور غسان سلامة إلى الانتقال من توصيف حفتر وقواته من قوات أمر واقع إلى الطرف الأساس والرئيس في الأزمة الليبية .

وهذا الأمر لم يكن ممكنا قبل أن يتمكن اللواء حفتر من نسج علاقات وتفاهمات مع قوى إقليمية ودولية، تمتد خارطتها من العاصمة  الروسية موسكو، إلى الجار الأقرب مصر العربية، وما بينهما من دول أخرى ومنها عربية خليجية ، دعمها  بانتصارات عسكرية على الأرض حسنت ورفعت من أسهمه التفاوضية على مختلف المستويات.

وبالمقابل فإن رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج بدوره نسج علاقات وتحالفات إقليمية مشابهة من حيث المضمون لكنها مختلفة من حيث النتائج والمصالح ، وأبرز هذه التحالفات كانت مع تركيا التي دعمته بمختلف أنواع الامكانيات،  بما فيها العسكرية المباشرة، ومنها إرسال جنود وخبراء أتراك، مضافا إلى أسلحة وذخائر متنوعة، وإرسال مقاتلين من الجماعات الأصولية المتطرفة المنتشرة في ليبيا، والتي غادرت سوريا أثر الخطوات الأخيرة،   ومن خلفها بعض دول حلف الناتو وهو الحلف الذي تنتمي إليه تركيا .

وفي السياسة وخارطة التحالفات الإقليمية، ساهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إرساء دعائم تحالف مع بعض دول المغرب العربي التي تسيطر عليها أنظمة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين .

وهذه الخارطة من التحالفات لدى الطرفين جعلت من ليبيا أن تتحوَّل إلى قاسم مشترك بينهما، يرى فيه  كل واحد منهما صورة مغايرة عما يراه الطرف الآخر،  وهذا الأمر يعني في المحصلة النهائية تحول ليبيا إلى كرة تتقاذفها التحالفات طبقا للمصالح والصراعات، وحتى الحروب المتوقعة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط ، بعدما كانت حجر زاوية في أي عملية سياسية أو اقتصادية في هذه المنطقة ومنها إلى المجال الدولي والأممي  .

ولعل أبرز هذه الصراعات المخفية حتى الآن، وان كانت ملامحها العلنية لم تعد خافية وأبرزها معارك الطاقة والبترول والمعادن، التي لاتزال ليبيا تختزنها والتي تبقى أولا وأخيرا مربط الفرس لهذه التحالفات على أختلافها والتي قد تتطور إلى حروب إقليمية واسعة النطاق، تشترك فيها قوى عالمية ودولية من وراء الستار، وهذا الأمر يبدو مؤخرا أكثر وضوحا" خلال المرحلة القادمة سواء أكانت بشكل مباشر أم بالواسطة. أحمد النداف              

 

نتنياهو يستبيح كلَّ المحذورات من أجل مصالحه

إنَّ ما يريده نتنياهو هو الحفاظ على موقعه كرئيس حكومة مهما كانت التكاليف والأعباء على الجمهور في الكيان الصهيوني باهظة وشاقة, حتى لو وصلت الأمور إلى دورة انتخابات رابعة جديدة, فالمهم عند نتنياهو أن يحقق الزعامة الشخصية التاريخية للكيان الصهيوني أسوة بالزعماء القلائل الذين حكموا ما يزيد على خمس دورات . وهذا بالطبع يتطلب :

أولاً: أن يهزم عدوَّه السياسي الحالي بيني غينيتس رئيس تكتل أزرق  - أبيض الذي تم تكليفه بالتشكيل بأغلبية (61) صوتاً من النواب، منهم القائمة العربية المشتركة. إلاَّ أنَّ غينيتس يواجه صعوبة الصمود أمام تحديات نتنياهو له, خاصة أن بعض نواب تكتل غينيتس بدأوا يخرجون من القائمة احتجاجاً على مشاركة القائمة العربية المشتركة, وهذا ما أعلنه أيضاً ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا, الذي عبَّر علانية عن رفضه التحالف مع هذه القائمة, كما أعلن سابقاً رفضه التحالف مع الحريديم المتدينين الذين يرفضون التجنيد الاجباري, وهذه نقطة خلافية مع الليكود .

ثانياً: يؤكد نتنياهو دائماً على تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الليكود وأزرق -أبيض, وليبرمان, واستبعاد القائمة العربية المشتركة, واليسار، وترسيخ دعائم المشروع الصهيوني في الاراضي الفلسطينية إنسجاماً مع صفقة القرن التي تم الإعلان عنها, والبدء في تنفيذها على أرض الواقع .

ثالثاً: إن نتنياهو إستطاع محاصرة خيارات خصمه الأساس غينيتس (تكتل أزق-أبيض), ودفعه إلى التراجع عن خياره الحالي وهو العمل على تشكيل الحكومة لإسقاط نتنياهو, وبالتالي فإن نتنياهو يراهن على أن تكتل بينيتس عقيدته يمينية, وهو في عقيدته يكره العرب, وان تنسيقه مع القائمة العربية المشتركة إنما هو خيار مؤقت لتجاوز المحنة التي تمنعه من تشكيل الحكومة, وليس من باب القناعة بمطالب العرب .

رابعاً: أن نتنياهو رغم الاشكاليات الداخلية في حزبه إلاَّ أنه يعرف تماماً أن غينيتس لن يستطيع مواجهة الجمهور الصهيوني بأفكار وقناعات غير صهيونية وغير ليكودية، لأنه عندئذ سيخسر قاعدته الحزبية المتدينة والمتطرفة، ولهذا فالاحتمال الاكبر ان يوافق على حكومة الوحدة الوطنية التي يطرحها نتنياهو, والتي بالتالي ستشكل إنتصاراً لنتنياهو خاصة إذا تولى نتنياهو رئاسة الحكومة في الفترة الأولى, وغانيتس في الفترة الثانية, وهنا فالجمهور سيشكر نتنياهو لأنه ساعد على إلغاء جولة رابعة من الانتخابات, وثانياً لأنه بذلك رفع مخاوف تحويله إلى التحقيق في المحاكم, وأيضاً يكون قد ضمن رحلة الزعامة التاريخية للكيان الصهيوني كباقي الرؤساء التاريخيين .

من التجارب الثورية العالمية-( التجربة الفيتنامية(

لقد أصدرت حركة فتح منذ انطلاقتها العديد من الكراسات التي تناولت التجارب الثورية للثورات التي كافحت سنوات طويلة، ثم نجحت في طرد الاحتلال، والاحتفال بالاستقلال، ولأن تجارب الشعوب متقاربة عملت حركة فتح على دراسة هذه التجارب، والتفاعل معها، والاستفادة مما ينطبق على واقعنا الفلسطيني. وفي هذا العدد من نشرتنا نتناول وباختصار الافكار والمبادئ المهمة التي تعزِّز تجربتنا الفلسطينية.

أول ما نتحدث عن الجنرال جياب: إنه نائب رئيس الوزراء في فيتنام الديموقراطية، وزير الدفاع فيها، والقائد العام للجيش الشعبي، وعضو اللجنة المركزية، والمكتب السياسي، وهو فوق كل ذلك قائد الحرب التحريرية الفيتنامية الأولى، وهو بطل معركة (ديان بيان) فو الشهيرة التي هزيمت الاستعمار الفرنسي، والامبريالية الأميركية. وهو أيضاً صاحب كتاب قيِّم عن المقاومة الفيتنامية الأولى. ولا شك أن التجربة الفيتنامية في مفهومها المتكامل، وانجازاتها الهائلة تطرح أمام الشعوب الأخرى المكافحة، ومنها الشعب العربي قضايا أساسية وجوهوية لأنها نابعة من تجربة عميقة وناضحة:

أ‌-       ضرورة جمع القوى الشعبية العاملة كلها في جبهة تحرير شعبية.

ب‌-     يجب وجود السلطة الشعبية الثورية التي تتولى زمام الأمور في المنطقة المحتلة.

ج‌-     إيجاد التوتر الكافي لجعل شرارة الثورة فعَّالة قادرة على إشعال السهل كله كما يقول ماوتسي تونغ.

د- ضبط علاقة الثورة التحررية بالقوى المؤيدة وبالقوى الدولية الأخرى.

ه- يجب ان نأخذ درساً من صمود الثوار في الفيتنام، ورفضهم المصالحات والحلول الوسط( مع إختلاف الظروف الموضوعية المحيطة بكل ثورة من هذه الثورات، فالثورة الفيتنامية كانت تقاتل على أرضها، وكانت هناك دول عالمية كالصين وروسيا تدعمها في كل المجالات. أما الثورة الفلسطينية فهي منذ البداية كانت مشرَّدة عن أرضها، وتعتمد على عوامل الصمود الذاتية.

إن حرب التحرير الشعبية الفيتنامية ضد الفرنسيين والاميركيين كانت حرباً طويلة الأمد، وهي حرب عصابات تتحوَّل فيما بعد إلى حرب واسعة، وهذه هي تعاليم التجربة الفيتنامية.

لقد حصلت معركة (ديان بيان فو) في أوائل الخمسينات، وتحقَّق الانتصار التاريخي الكبير، وتحقق أيضاً شعار الحزب:

كلُّ شيء للجبهة، كلُّ شيء للنصر.

لمسات نضالية

  من أهم شروط انتصار الشعوب والثورات على أعدائها  توفر مواصفات مهمة لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال. وعلى رأسها ثالوث التكامل النضالي من حيث وجود أهداف ثورية يجب انجازها، و الاعتماد على مكونات المجتمعات  والشعوب لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.

وأولى هذه الشروط تأتي الأفكار الثورية، والنضالية والاهداف الاستراتيجية للشعوب التي يجب السعي لتحقيقها، وهي أهداف جامعة لكل الأفراد والشعوب.

وثاني هذه الشروط أنه لابد من بناء بنية ثورية تلتزم الأفكار والأهداف والاستعداد لبذل الغالي والنفيس حتى الأرواح لتحقيق هذه الأهداف.

وثالث الأهداف يجب أن تُستكمل بممارسة ثورية على الأرض، وفي الأفعال والتصرفات تطبق الأفكار الثورية .

وهذه الشروط هي ضرورية للانتصار وتحقيق الأهداف اذا توفر لها السلاح المناسب،  الذي يجب ان يكون الحامي لهذا الثالوث المقدس .

  وعليه فإن الأفكار الثورية  + بناء الأداة الثورية + الممارسة الثورية = الانتصار الحتمي. أحمد  النداف