من دون شك أنَّ الخرائط تشكل دليلاً وشاهدًا لما جرى للشعب الفلسطيني ولوطنه التاريخي، وهي بذلك يمكن أن تشكل وسيلة لشرح القضية الفلسطينية منذ وطئت أقدام البريطانيين أرض فلسطين ومعهم وعد بلفور، وقرار إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وحتى صفقة ترامب - نتنياهو، التي تظهر الخرائط المصاحبة لها والتي يقول نتنياهو وفريدمان سفير ترامب أنهم منكبون على رسمها والتي تمثل التصفية النهائية للقضية الفلسطينية.

 

إنَّ من يتابع الخرائط التي تمثل مراحل القضية الفلسطينة يدرك أنَّ لها هدفًا واحدًا، ألا وهو تنفيذ وعد بلفور ومنح فلسطين الوطن التاريخي للفلسطينيين للشعب اليهودي، الذي قام الاستعمار العالمي باختراعه، وذلك بموازاة إنكار ونفي وجود الفلسطينيين كشعب له حقوق مشروعة، حقوق سياسية حقوقية، وليس مجرد حقوق دينية ومدنية حسب نص وعد بلفور. فالخرائط تبرز مسار تصفية قضية الشعب الفلسطيني وتصفية وجوده كشعب.

 

إنَّ الرد على نتنياهو وفريدمان، اللذين يخبآن فشلهما في تمرير صفقة القرن وراء حجة أنهما يقومان برسم الخرائط، وبغض النظر فإن القضية الفلسطينية ليست موضوع خرائط تقضم أرضا من هنا ومن هناك، إنها قضية حقوق واعتراف بهذه الحقوق، والحقوق يحددها القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية (الأمم المتحدة)، تحددها مرجعيات عملية السلام، وخلاصة الجهود الدولية في إطار عملية السلام، وهي الجهود التي تبنت مبدأ حل الدولتين على أساس حدود الرابع من حزيران 1967، ومن مبدأ أن قضايا الحل النهائي، والقدس واللاجئين، والحدود والمستوطنات لا يقرر وضعها من جانب واحد وإنما عبر المفاوضات.

 

إن أي خرائط يمكن أن تكون مقبولة هي تلك التي تلبي الحقوق الوطنية الفلسطينية ولا يضعها طرف من الأطراف بشكل منفرد. الخرائط هي نتيجة لمفاوضات وتأكيد لحقوق وليس خطة لإبقاء الاحتلال وإعطائه شرعية، أو خطة للضم والاستيلاء على الأرض الفلسطينية، الخرائط تعبير عن حقوق وليس تعبيرًا عن تصفية حقوق شعب، كما جرى ويجري منذ وعد بلفور وحتى صفقة القرن.

 

من هنا فإنَّ الشعب الفلسطيني لا ينتظر خرائط نتنياهو- فريدمان، أو أن يعتبرها مدخلا لتحسين صفقة القرن من هنا أو من هناك. إن الصفقة برمتها ليست مرجعية لأي مفاوضات أو أن تكون إحدى المرجعيات، هذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً فالحل هو الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وليس خطة تعمل على نسف الحقوق.