على مدار سنوات كنت قد أنشدت النشيد الوطني لدولة الكويت بشكل يومي خلال دراستي الابتدائية والمتوسطة والثانوية حيث إنني من مواليد دولة الكويت ودرست في مدارسها، النشيد الوطني للكويت يبدأ بوطني الكويت سلمت للمجد وقد استوحيت العنوان لمقالي من هذه الكلمات التي أحفظها حبًّا وفخرًا.

بالنسبة لي لا ينكر فضل الكويت سوى ناكر للجميل، فلقد ولدت في تلك الدولة وعشت بها حتى تاريخ خروجي منها لاحقا بسبب الاجتياح العراقي للكويت عام 1990.

الكويت بعد الاجتياح اختلفت كثيرا فلم تعد آمنة، وبالنسبة لأسرة صغيرة بلا معيل باتت الحياة فيها مستحيلة فغادرت الكويت تاركا خلفي سنوات وشعورا عارما بالأمان ويومها فهمت المعنى الحقيقي للحرب وما تتركه من أثر مدمر على الأسر خاصة المستورة منها.

في الكويت تعلمت أن الاحتلال لا يمكن أن يكون حلا لخلاف بين الأشقاء، وفي الكويت فهمت معنى الخروج من الوطن وشاهدت معاناة الكويتيين الأشقاء بفعل الاجتياح.

بغض النظر عن أي سبب وبغض النظر عن أي تفصيل وتبرير سياسي غير مقبول فلقد عانى الكويتي أولا والفلسطيني ثانيا من اجتياح الكويت، وأظن بان اجتياح الكويت وما تعرض له الفلسطيني هناك من هجرة إجبارية هو أحد الأسباب التي أدت إلى إنهاء الانتفاضة الكبرى للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال وهو أحد أهم أسباب الحصار السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تضاعفت معاناتها بعد الانقسام العربي الكبير بين مؤيد للتدخل العسكري بالكويت وبين المطالب بمنح فرصة للدبلوماسية لحل هذا الإشكال الكبير الذي قسم الشعب العربي طوليا على مستوى القيادة وعرضيا على مستوى مواطني الدول العربية.

لاحقا لذلك بحكمة الكبار وبمسؤولية القيادات بدأت مرحلة إعادة اللحمة الكويتيه الفلسطينية.

(عفا الله عما سلف) كانت الكلمات التي خاطب فيها الرئيس محمود عباس الشعب الكويتي والدولة هناك، وللحق فإن للرئيس أبو مازن دورا هاما في إنهاء ما نتج عن اجتياح الكويت من تداعيات على علاقات الشعبين وباتت هذه الجملة مقدمة حقيقية لبدء مرحلة جديدة تعود من خلالها الكويت لممارسة دورها القومي في الدفاع عن الحق الفلسطيني العربي.

لم تتوان الكويت عن استعادة دورها التاريخي في الدفاع عن فلسطين وكيف لا تكون كذلك وهي التي احتضنت اللبنة الأولى لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وكيف لا تكون كذلك وهي بلد الشهيد فهـــد الأحمد الصباح (أبو الفهود) الفدائي الكويتي الذي دافع عن الثورة الفلسطينية بدمائه وسقط شهيدا على أرض الكويت مدافعا عن وطنه.

ويجب الإشارة هنا إلى أن هناك العديد من أبناء الكويت ممن قضوا حياتهم في الدفاع عن فلسطين وعن القدس ولا يوجد مجال لحصرهم هنا ومنهم من له مساهمات كبرى في تأسيس فصائل وطنية فلسطينية.

الأهم، عادت الكويت لممارسة دورها التاريخي في الدفاع عن فلسطين وقرارها وحقها وكانت عودتها لبنة أساس في تعزيز الموقف العربي الواحد الداعم للحق الفلسطيني العربي في فلسطين والقدس عاصمة دولة فلسطين.

عادت الدبلوماسية الكويتية صاحبة الموقف الواحد والإستراتيجية الواحدة وظهر الموقف الكويتي راسخا من خلال الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت وقائدها، ومن خلال رئيس مجلس الأمة الكويتي السيد مرزوق الغانم الذي بات أبناء شعبنا في كل مكان ينتظرون خطابه وموقفه مما يحاك ضد قضية فلسطين.

موقف رئيس مجلس النواب الأخير من صفقة القرن ليس مستغربا عن كويتي وعن مسؤول كويتي وعن قائد كويتي فهو يمتلك من الوعي والتاريخ مما يمكنه لقول ما يجب وعندما يقول مرزوق الغانم بشخصه الكريم وصفته المستحقة رئيسا لمجلس الأمة الكويتي بأن مصير صفقة القرن هو مزابل التاريخ فإنَّ مصير الكويت وفلسطين وأمتنا العربية هو ستعادة الحق والنهضة والتقدم للأمام لأننا أصحاب حق والمستقبل لنا.

سأبقى دومًا مخلصا لعروبتي وأقول بلا تردد تحية الى الكويت وسلمت الكويت للمجد.