يحرص الفلسطينيون قيادةً وشعبًا على عدم الانجرار في متاهات التراشق الكلامي بين الفرقاء اللبنانيين الذي ينحرف بين الفينة والأخرى عن مساره الحقيقي ويعي شارعهم جيّدًا دقّة وحساسية المرحلة التي يمر بها لبنان.
وإذا كانت الأزمة هي أزمة لبنان واللبنانيين أولاً، فلا يمكن لمن يضيق به المشهد أن يصدره ساعة يشاء إلى أقرب وجهة ممكنة في أسلوب يهدف منه إلى التنصّل من الشعب ومطالبه في ساحات تتجّه إلى منحى تصعيدي خطير تتحمّل الطبقة الحاكمة بعجزها عن إيجاد الحلول مسؤوليته ليس إلّا.
كلام ليس بجديد ويستجد عند كلّ حالة عسر هضم لدى بعض ممن يظنون في هذا الكلام مخرجًا لا يكبّد لبنان سوى مزيد من التوترات، ولو كان بالغمز ليس مسموحًا المجازفة بالسلم الأهلي في لبنان من أي زاوية وإنّ أيّ اتهام للفلسطينيين أو غيرهم اليوم في تحريك الشارع اللبناني وهذا ما دأبت عليه أبواق عديدة في الآونة الأخيرة إنّما ينتقص أولاً من كرامة الشعب اللبناني المنتفض لمطالبه المحقة التي يحاول البعض تمييعها بطرق عديدة بين الفينة والأخرى.
وإذ يرفض الفلسطينيون أي زج لهم في التصريحات أو المشادات الكلامية بين المسؤولين اللبنانيين وأي كلام تحريضي وفتنوي كالذي أورده سياسيو التيار الوطني الحر في سجالهم مع وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق يشددون على نهجهم في الحياد الإيجابي والدعوة إلى العيش المشترك مع إخوانهم اللبنانيين.
وقد أكّدت حركة "فتح" في بيان لها بالأمس تلك الثوابت رافضةً في الوقت عينه التطاول على الرئيس الشهيد ياسر عرفات الذي كان حريصًا على لبنان وشعبه، مقدرةً مواقف الرئيس اللبناني ميشيل عون الثابتة في دعم القضية الفلسطينية في المحافل العربية والدولية.

أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر اعتبر أنّه ليس بالجديد العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني، فما يتعلق بالحقوق المدنية والاجتماعية البعض يرفض إعطاء هذه الحقوق فما بالك بالقضايا السياسية. ويضيف ناصر: "عندما يفشلون يرمون على شماعة الفلسطيني وغيره".
ناصر اعتبر أنّ هناك قانونًا يحكم العلاقة بين الفلسطينيين والدولة اللبنانية والقضاء هو صاحب السلطة في الأحكام، والمسألة لا تحتاج إلى هذا الكم من العنصرية .
عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" اللبناني جمال قشمر أكَّد سياسة الحياد في شأن الأزمة التي يشهدها لبنان  متمنّيًا أن يخرج منها سالمًا بأسرع وقت ورافضًا زج الفلسطينيين في هذه الأزمة والتطاول على القائد الرمز ياسر عرفات، وإذ تمنّى قشمر أن تقف حملة التجنّي، قال: "إنّ أبوابنا مفتوحة للجميع اذا كانوا صادقين في معرفة الحقيقة، لأنّنا لا نرغب بجرنا إلى معارك لا نريدها ولا نسعى إليها، ونحنُ ننظر بارتياح إلى البيان الصادر عن نفس الجهة السياسية ويتبرأ من هذه المواقف وفي هذا مصلحة لبنانية فلسطينية مشتركة بدل زرع الأحقاد ونكأ الجراح".
لا شكّ أنَّ الفلسطينيين يعانون من الأزمة كما اللبنانيين، ويمكننا القول أكثر أنّه يحق لهم التعبير عن سوء أوضاعهم التي تغفلها الدولة منذ عقود، وأنّ القيود الأخيرة التي فرضتها عليهم وزارة العمل خير إثبات على ابتلاعهم الإجحاف مع إدراك كامل لحقوقهم.
وإذ أخذنا البعض في حديثه غير المسؤول كي نتوقف أمام اليتم الذي نشهده في القضايا الإنسانية والإفلاس في القضايا الوطنية  لنستذكر "أبو عمار" الذي ناضل من الداخل والخارج وحتى الرمق الأخير من أجل قضية وطنه بأرضه وشعبه.
الصحافية اللبنانية هلا سلامة