المسلسل السياسي في أميركا حول إمكانية عزل ترامب، والمسلسل السياسي في إسرائيل على خلفية إسقاط نتنياهو أو لحصوله على الحصانة، يشكلان مشاهد درامية من الوزن الثقيل، ودرجة الترقب تكاد تقطع أنفاس الملايين في العالم الذين يترقبون النتائج النهائية، هل يفلت ترامب من الذين يلاحقونه؟؟ هل ينجو نتنياهو من المثول أمام ما كان يسمى القضاء الإسرائيلي لينال عقابه على ما جنت يداه.
هذه المشاهد تتلاحق بسرعة غير متوقعة، وسط متغير رئيس يحدث في الولايات المتحدة، وهو أن النخب السياسية كانت في السابق تطلق المبادرات، وتدعو الشعب الأميركي.
إلى هذه المبادرات، أمّا الآن، فبالكاد يلمح المراقب الوجود الباهت لهذه النخب، بل إن المصالح المتدنية هي التي تدفع الجميع إلى الكوارث الخطيرة، قد تقود إلى حروب أهلية، أو مفاجآت مدمرة، كما حدث في استراليا رغم أنّ العلماء حذروا منها. قبل سنوات، ولكن الوعي بخطورتها ظلّ غائبًا، ومستبعدًا، صانعو القانون في أميركا، لا يتجادلون على القانون بالقانون، بل بالمصالح الفردية، حتى أن بعض المحامين الذين حشدهم ترامب للدفاع عنه يوم الثلاثاء، كانوا من أشد أنصار تقليص صلاحيات الرئيس في التفرد بقراراته، وإذا بهم اليوم من أشد انصار الرئيس ترامب في مبادراته الخطيرة.

والوضع نفسه بالتأثير الاميركي، يجري في (إسرائيل)، فهناك من يقول اليوم على المكشوف في (إسرائيل)، إن الضفة الغربية يهودا والسامرة هي قلب إسرائيل التوراتي، وتبدو القيادة الإسرائيلية أمام هذا القول كالفئران المذعورة، بينما عندما وافق بن غوريون على قرار التقسيم رقم 181  لعام 1947، قال حاخام (إسرائيل) لبن غوريون، كيف توافق على ما يخالف وعد الرب، قال بن غوريون ساخرًا،" ولكن الرب نسي أن يرفق مع وعده خارطة جغرافية"!!!

في (إسرائيل) بقوة تأثير أميركا، معركة نتنياهو تتلخص في الحصول على حصانة دائمة مطلقة، له ولزوجته سارة، ولابنه أرييل، ولأقربائه، وأصدقائه، وأهل الفضل عليه في الرشى وسوء الأمانة.

المعركة التي تدور بين الديمقراطيين والجمهوريين في أميركا، ليست معركة رؤية، ولا لاستعادة مصداقية، ولا إنصاف مظلومين مسحوقين في أميركا نفسها، بل هي معركة الاستجابة بلا شروط لإغراء القوة، والمرور على الأكاذيب التي يطلقها ترامب مرور الكرام، ولا يهم ما دام ترامب يطرح شعاره أميركا أوّلاً، وهو يجرب بالشعب الأميركي نفسه، الذي يمنع من طرح الأسئلة، فعندما تكون الاختلالات الاستراتيجية قد نشأت في داخل الشعب نفسه، فإنّه لا أحد يود طرح الأسئلة، وبقوة التأثير الأميركي، فإن الشعب الإسرائيلي الذي يذهب إلى الانتخابات الثالثة خلال عام واحد أنّه لن يطرح أسئلة على من ينتخبهم ما داموا يؤمنون بالعنصرية المتفشية التي تحجب الرؤية عن الجميع ، وليكن بعد ذلك ما يكون.

بيننا وبين الإسرائيليين اتفاقيات سلام، وعملية سلام كانت منارة وأملاً، فأين ذهب ذلك كله، فهل أحد من الإسرائيليين يجرؤ على طرح السؤال؟؟