لا يُكرِّر الرئيس أبو مازن كلامَه بشأن مواقفه المبدئية تجاه مختلف قضايا الشأن الوطني العام، وسبل تحمل مسؤولياتها، ومواجهة تحدياتها، وإنّما وهو يعيدها على مسامع الناس أجمعين، ويشدّد عليها ويكرسها كي لا تنحرف بوصلة النضال الوطني عن طريقها الصحيحة، وكي لا تواصل الخطابات الشعبوية، أحابيلها الاستهلاكية المخادعة، واتهاماتها المدفوعة الأجر، التي لا تستهدف سوى التشكيك بصواب وصلابة الموقف الوطني الفلسطيني، في أطره الشرعية، وبقراره الوطني المستقل الذي يحمل قلمه الرئيس أبو مازن.

من على منصة الأمم المتحدة الشهر الماضي، وعلى طاولة اجتماعات القيادة الفلسطينية، جدّد الرئيس أبومازن تأكيده على قرار إجراء الانتخابات العامة وعلى نحو لا يقبل أي تأويل، ولا أي تحريف أو تزوير، أوضح أنَّ هذه الانتخابات باتت ضرورة وطنية، ونحن «مصرون تماما على إجرائها» وفيما يتعلق بموضوع رواتب الشهداء والأسرى، فإنَّ استرداد السلطة الوطنية لجزء من الأموال التي قرصنتها إسرائيل، لايعني ولا بأي صورة من الصور، تبدل الموقف تجاه هذا الموضوع، وللرئيس كلمته الحاسمة دوما بهذا الشأن «موقفنا تجاه موضوع رواتب الشهداء والأسرى ثابت، ولن يتغير، ولن نتراجع عنه، ولن نقبل بأي حال من الأحوال أن يكون بيننا وبينهم (إسرائيل) أية علاقة مالية».

واللافت وعلى نحو حميم أنَّ الرئيس أبومازن شكر مرة أخرى الموظفين جميعًا، الذين تحملوا هذه الفترة الطويلة، وعانوا الكثير جراء الخصم على الرواتب، هذا شكر التقدير لهذا الموقف الأخلاقي والوطني في جوهره، والذي يعكس تاليًا تناميًا لوعي الدولة لدى أوساط شعبنا والتفافه من حول قيادته الشرعية وسياساتها ومواقفها، تجاه مختلف التحديات التي نواجه في مثل هذه المرحلة.

وبالطبع سنجد من أصحاب القلوب المريضة، والأجندات اللاوطنية، من سيشكك بكل ذلك، ومن سيطعن حراك الشرعية، وتقدمها على طريق تسوية معضلات الواقع الراهن، بالجملة الحزبية ذاتها، الجملة الشعبوية الاستهلاكية، التي لاتبحث سوى عن مصالحها الضيقة!! على أنَّ هذا التشكيك وهذا الطعن لن يكون بوسعه أبدًا أن يعطّل مسيرة الحرية والبناء والتطور، التي تقودها الشرعية الوطنية الدستورية والنضالية، نحو تحقيق أهدافنا الوطنية الكبرى، في الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطين الحرة المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية.. ودائمًا شاء من شاء وأبى من أبى.