خاص فلسطيننا| تقرير: وليـد دربـاس

 الادّعاء أنَّ مخيَّم عين الحلوة "بؤرة أمنية" محضُ افتراء، وستار للعديد من المآرب والمرامي والأهداف. فالمخيّم، كغيره من مناطق لبنانية عديدة، يتعرَّض بين الحين والآخر لحدث أمني هنا أو هناك، لكنّ أيًّا من الأفعال غير المحمودة هو أصلاً غريب عن قِيَم الفلسطينيين وتضحياتهم. ومَن يطَّلع على أجواء المخيّم يشاهد بعين الحقيقة عشق أهلها للحياة ما استطاعوا إليها سبيلا. ولعلَّ إقبال الأهالي على ارتياد استراحة ومسبح حطين خير دليل على ذلك.

استراحة ومسبح حطين
تقع استراحة ومسبح حطين على مقربة من نهاية الشارع التحتاني في مخيّم عين الحلوة، لناحية الجنوب في حي حطين، ولـذا حملت اسمَ الحَي. وتتوسَّط الاستراحة بضع شجيرات من الليمون، وقد ازدانت أرضيتها ببساط سندُسي أخضر عليه كمٌّ من الطاولات، وزوّدت بجهازَي تلفاز كبيرَي الحجم.
وتستخدم الصالة للمناسبات أيضًا، وفي إحدى زواياها مجموعة من ألعاب الأطفال "أراجيح، زحاليق، طاولة فيشة، الــخ"، ولجانبها وبعلو بسيط يقع مسبح حطين، بطول 20 مترًا، وعرض  8 أمتار، وعمق يتدرّج من متر ونصف إلى 3 أمتار.
ويستقبل المنتزه والمسبح تحديدًا الرُّوّاد من الأطفال من ساعات الصباح الأولى وحتى ساعات متأخّرة من الليل لقاء مبلغ رمزي (1000 إلى 2000 ليرة لبنانية) طيلة النهار، بالإضافة إلى استثناءات بنصف تسعيرة الأيام العادية لأطفال الجمعيات الكشفية، ودُور رعاية الأطفال، وذوي الإعاقة، ومتعلِّمي السباحة، والأيتام، وغيرهم.
وبجوار المسبح توجـد بركـة لتربية "سمك الزينة" بداعي التسلية والترفيه عن الأطفال، وتماشيًا مع العادات والتقاليد ورغبة الفتيات والنساء بارتياد المنتزه بدون وقوع اختلاط، خصَّصت الإدارة يومَين في الأسبوع للنساء فقط، حيثُ يمضون نهارهن بين الصالة والمسبح الذي وإن كان مكشوفًا فإنَّه محمي وبعيد عن مرمى ونظر الجوار.
هذا وتتوفّـر في المسبح المواصفات الصحية كافّةً من مصافٍ لتكرير المياه ونظام تقني كامل لتكريرها، واستعمال مواد التطهير والتنظيف، ويتزوَّد بالمياه من بئرَين ارتوازيَّين في البساتين المجاورة، وتُصرَف مياه المسبح عبر قنوات صرف موصولة بشبكة تصريف مياه الشتاء الرئيسة في مخيَّم عين الحلوة.
 وتزدحم صالة ومسبح حطين في بعض الأحيان ليصل عـدد رُوَّادها إلى أكثر من 400 شخص في اليوم، ويستخدم الأطفال الألعاب المتوفِّرة بالمجان.

 شهادات حيّة
 حول الوقت الذي يمضيه في المسبح يقول الطفل أمين (13 عامًا): "بمضي طول النهار بالمسبح، ساعة بسبح، ولمن أرتاح بلعب فيشة، أو بنتفرّج مع صحابي على السمك بالبركة.. وهياتنا كلنا مبسوطين مع بعض".
 أمَّا الطفلة حـوا (11 عامًا)، فتقول: "أنا اليوم جاي بس أتفرّج، وأشوف رفقاتي.. باجي أتسبَّح لمَّن أمي تسمحلي، ومرّات بكون مع أهلي، ومن مدّة رحنا على البحر بصيدا".
 من جهتها، تقول إحدى الأمّهات: "بنفضِّل نروّح عن حالنا بالمخيّم، لأنّه ولادنا إن شرّقـوا أو غرّبوا، بضلوا قريبين والعين عليهن، وهيك بنمضّي وقتنا بالنا مرتاح".
من جانبها تعبِّر السيّدة أم علي عن ارتيحاها لارتياد عائلتها المسبح، وتضيف: "على قـد فراشك مـد رجليك، هـون بمقدورنا نفرح ونتسلّى طول النهار، لا بندفـع مواصلات، ولا يا شوفير خـفِّف، واللـه يخليك بلا هـا السرعة، بدنا نصل بخير وسلامة".
وتزيد: "بـرا بنمضي كم ساعة وبعدين  بنروّح، وهـون بنمضي النهار بطوله، والبيت فشخة وبنصل، وهون أوفر وأرخص، وبدل ما نروح بالصيفية مرة ولا مرتين برّات المخيم، هون بنروح كـذا مرة. وبكفي إنّه شو ما صار بتبقى بالمخيّم".

وجود المسبح حاجة ملحّة
 في حديثه لموقع "فلسطيننا" يقول المدير العام للمنتزه السيد أحمد شبايطة: "يمتاز مخيّم عين الحلوة عن سواه من مخيّمات لبنان بكثافة سكانية كبيرة، ومعاناة تفوق الوصف، لا سيّما أنَّ لا متنفّس للعائلات، ولا تجد العائلات الفقيرة وهي السِّمة الغالبة لسكان المخيم، متنفسًا لها، ويراعي ظروفها المادية والمجتمعية".
 ويضيف: "بداعي الحداثة والخروج عن التقاليد القديمة افتتحنا مسبح وصالة حطين بعد دراسـة مستفيضة لواقع حال وظروف المجتمع المحلي الصعب، وكذلك على المستوى الشخصي والعائلي. فالكثير من العائلات لا تسمح ظروفها الاجتماعية أو الماديّة بزيارة المنتزهات وخلافه من أماكن الترويح عن النفس خارج المخيَّم، لا سيما العائلات ذات عدد الأفراد الكبير، وترهقها كلفة البنزين لملء خزّانات سياراتهم أو المواصلات بالأُجرة، علاوةً على مشقّة الطريق، وتكلفة استخدام الألعاب في هذا المنتزه وذاك المسبح، أو المصيف".
 ويكمل: "مسبح وصالة حطين تُعفي روّادها أكانوا أفرادًا أو عائلات وأطفال، من كمٍّ كبيرٍ من تلك التكاليف، وبتكلفة بسيطة وعلى قــد الحال بتروّح عـن النفس، وتتناول العائلة الطعام ويا دار ما دخلك شر".

 على المستوى الشخصي
السيد أحمد شبايطة يحمل شهادة في التجارة وإدارة الأعمال من الجامعة العربية، ويعمل بِاختصاصه في إحـدى الشركات ببلدة الغازية في ضواحي مدينة صيدا، وأيضًا بوظيفة مدير للمشتريات.
وحول آلية العمل وكيفية إدارة المشروع يقول: "نحنُ أفراد عائلة نعيش معًا متكاتفين، ونعمل لنكون سندًا لبعضنا. فالمشروع يعمل فيه ما بين ستة وعشرة أفراد من العائلة تبعًا للإقبال وزحمة الروّاد، وهناك عاملان اثنان من الشباب، وآخران من الطلاب ممَّن يعملون في عطلة الصيف، ولدينا عاملتان لإعداد الشاي، والمرطبات، والطعام".

  تطلُّعات ورسائل
 يُسجِّل شبايطة ارتياحه للمرحلة التي وصل إليها المشروع، علمًا أنَّ كلفة ما أُنجِز وحتى حينه لم تدفع نقدًا، وإنَّما عبر قروض سهَّلت حصولهم على الكثير من المعدّات واللوازم.
 ويختمُ كلامَهُ داعيًا الجهات المساندة لقضايا وحاجات اللاجئين الفلسطينيين، وبالأخص العاملين مع الأطفال والمرأة، إلى زيارة المشروع والاطلاع عليه عن قُرب، ومد يد العون والمساهمة، لا سيما أنَّ المشروع بحاجة لتحسينات تطال المسبح والصالة.