لم ترضخْ رشيدة طليب للشروط "الكولونيالية" الإسرائيلية لزيارة جدَّتِها في بيت عور الفوقا، الشروط التي تعمل كما كتب "جدعون ليفي" على "عدم تسييس الموضوع الفلسطيني، وتحويل القضية الفلسطينية، من مسألة قومية، إلى موضوع إنساني، وبعد ذلك عرض المحتل على أنَّه رحيم وحنون"!!!
لم تمنح طليب المحتلَّ هذه الصفة، بل وفضحت غاياته الكولونيالية، وهي تؤكِّد في تغريدةٍ لها "إسكاتي ومعاملتي كمجرمة، ليس ما تريده جدّتي لي، سيقتل هذا جزءًا مني، قرّرتُ أن زيارة جدتي في ظل هذه الشروط التعسُّفية، تتعارض مع كلِّ ما أؤمن به، النضال ضد العنصرية، والقمع، والظلم"، هذا نصٌّ من نصوص الحُرّيّة بلغته الإنسانية الذي ينبغي أن نحفظَ جيّدًا.
ونتذكَّر هنا أنَّ رشيدة طليب بأميركيّتها الفلسطينية، وبعد فوزها بانتخابات الكونغرس، سجَّلت أول دخول لها إلى قاعة المجلس النيابي الأميركي، بالثّوب الفلسطيني، ثوب جدتها، الذي ظهرت به الجَدّة في بيت عور الفوقا قبل أيّام، وهي تندِّد بقرار المنع الإسرائيلي لحفيدتها، رشيدة الماجدة، وتدعو الله "أن يهدَّ ترامب"، ولطالما كانت هكذا هي دعوات جداتنا، الحكيمات المؤمنات بأنَّ الله سبحانه تعالى، الكفيل بعد كل فعل وقول، بهد عروش الظالمين، حتى ولو كانت قائمة على ترسانات الأسلحة النووية.
لن ننسى إلهان عمر هنا أيضًا، التي كذَّبت نتنياهو في تغريداتٍ لها، عن هدف زيارتها لفلسطين التي حاول نتنياهو تشويهها بأقاويل التحريض والعنصرية، لتؤكِّد عمر أنَّ زيارتها إنَّما لاطلاعها الشخصي، على ما يجري في الأراضي الفلسطينية، والاستماع إلى مواقف جميع الأطراف المعنية، ما يمثّل "واجبًا لها كعضو في مجلس النواب"، وعلى هذا النحو شكل موقف رشيدة طليب والهان عمر، فضيحةً لـ(إسرائيل)، وقد بانت كدولة أكثر عنصرية وتخلُّفًا من النظام العنصري البائد في جنوب أفريقيا!!
وبالطبع هي فلسطين بقضيتها العادلة وبخطابها الأخلاقي والحضاري، مَن يجعل النضال ضدَّ العنصرية والقمع والظلم، يتجلَّى بموقف من هذا الطراز الشجاع، الذي لا يقبل مساومات الشروط الكولونيالية، ولا يرضى بغير إحقاق الحق والعدل والسلام، وهو في المحصلة، وكما سيذكره التاريخ، الموقف الأميركي النزيه، الوحيد حتى اللحظة، تجاه فلسطين، وقد تنور بخطاب فلسطين، ونزاهته الأخلاقية والحضارية، ولعلنا نقول بكلمات أخرى وبمعنى التطلُّع الإنساني، فإنَّ أميركا مع رشيدة طليب، وإلهان عمر، تبدو في اللحظة الراهنة فلسطينية، وفلسطينية جدًّا، وفي المقابل فإنَّ أميركا مع دونالد ترامب وطاقمه الثلاثي، لا تبدو غير إسرائيلية، وإسرائيلية صهيونية تمامًا.