تقرير: وعد الكار

كانت الطالبة أناهيد طقاطقة من بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم، تدرك أن نجاحها في الثانوية العامة بمعدل 92 بالفرع العلمي، هو الهدية الأكبر لوالدها الأسير أمجد، والمحكوم بالسجن ست مؤبدات وعشرين سنة في سجون الاحتلال.

الوالد اتصل صباحا مع العائلة هاتفيا، واختار أن يهدي نجاح ابنته إلى روح الشهيد نصار طقاطقة الذي استشهد في سجون الاحتلال قبل أيام نتيجة الإهمال الطبي، مشيرة إلى أن والدها تأثر باستشهاده وأوصاها بأن لا تقيم أي أجواء احتفالية بنجاحها وعدم إطلاق الألعاب النارية احتراما وإكراما لروح الشهيد وذويه.

واستدركت: "بالرغم من أن الاحتلال شتت شمل عائلتها منذ سنوات طويلة، حصدت نتيجتها بتفوق، لتعوض صبر والديها وتعبهم، خاصة والدها الذي لم تلتقيه طوال حياتها إلا من خلف الزجاج العازل، فعندما تم اعتقاله كانت تبلغ من العمر ثلاثة أشهر".

ولم تخفِ أناهيد الصعوبات التي واجهتها كأي طالبة أخرى، فالضغط النفسي خلال فترة الدراسة هو سيد الموقف، مؤكدة أن وقوف والدتها إلى جانبها وتوفير الأجواء المناسبة لها، كان له الأثر الأكبر في نفسها ما جعلها تحمل على عاتقها مسؤولية إدخال الفرح على العائلة، كما فعلت أختها سماح العام الماضي والتي حصلت على معدل 93 بالفرع الأدبي.

"أمي هي أعظم أم في العالم، استطاعت أن تربيني وأختي سماح، ودائما كنا متفوقات وفي المقدمة، وعوضتنا عن غياب أبي"، تابعت أناهيد.

وتتطلع أناهيد لدراسة الصيدلة لما فيها من رسالة إنسانية سامية، متمنية أن تحصل على وظيفة بعد التخرج وأن لا تحجز مقعدا في صفوف العاطلين عن العمل.

بدورها، قالت والدتها تغريد طقاطقة إن "فرحتها اليوم لا توصف، ولكنها منقوصة وتترك في القلب غصة على عدم وجود زوجها بجانب ابنتيها في فرحة نجاحهن".

وتضيف: "ليس سهلا أن يغيب الأب عن بناته سنوات طويلة، ما يتطلب منها أن تكون الأم والأب في آن واحد"، مؤكدة أن "تعبها لم يذهب سدى، فها هو أثمر في ابنتيها".

ووجهت رسالتها إلى كل زوجات الأسرى في سجون الاحتلال بأن "الحمل الذي وقع على كاهلهن كبير، وليس أمامهن سوى الصبر والثبات أمام كل التحديات والظروف، فلا بد أن يعوضهن الله على صمودهن".

وأشارت إلى أن النجاح في بيت فجار هذا العام كان بطعم الحزن، حيث يترقب المواطنون تسليم جثمان الشهيد نصار طقاطقة، الذي استشهد قبل أيام بسبب الإهمال الطبي وفقا لما أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين اليوم الخميس.