على نحو لافت بدا الوفد الأمني المصري، الذي استقبله الرئيس أبو مازن في مقر الرئاسة برام الله السبت الماضي، كوفد سياسي أكثر من كونه وفدًّا أمنيًّا بملفات تقنية ومهنية، فهو وبعد نقله تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي لشقيقه الرئيس أبو مازن ومعها تحيّات الوزير عبّاس كامل رئيس جهاز المخابرات العامّة المصرية، أفرد الوفد ملف الشأن السياسي العام، وهو يطلع الرئيس على التحرُّك الذي تقوم به مصر الشقيقة حول الأوضاع والتطورات في الساحة العربية، والفلسطينية بشكل خاص، في ضوء التحديات والمخاطر التي تواجه شعبنا الفلسطيني، وقضيته الوطنية، والجهود التي تبذلها مصر الشقيقة من أجل تثبيت تفاهمات التهدئة، والأخرى التي توصلها للمحافظة على استقرار الأوضاع في المنطقة العربية، في سبيل تعزيز الأمن الوطني والقومي معا، كما أطلع الوفد الرئيس أبو مازن على تواصل جهود مصر على الصعد الإقليمية والدولية كافة، من أجل استئناف جهود عملية السلام وفق حل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين وفق قرارات الأمم المتحدة.
واستقبل الرئيس أبو مازن تفاصيل هذا الحراك السياسي لمصر الشقيقة بأهدافه الوطنية والقومية الأصيلة، والتي قدَّمها رئيس الوفد الأمني المصري، وكيل جهاز المخابرات العامة اللواء أيمن بديع، استقبلها بارتياح شديد، معبّرًا عن شكره وتقديره لشقيقه الرئيس السيسي، وللقيادة المصرية، وللشعب المصري الشقيق، على الدعم المتواصل الذي تقدّمه مصر، للشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه العادلة في الحُريّة وإنهاء الاحتلال، وتجسيد استقلاله الوطني، وتوفير متطلبات تحقيق ذلك ماديًّا وسياسيًّا على الصعد العربية والإقليمية والدولية كافة، كما ثمَّن الرئيس أبو مازن استمرار مصر بجهودها من أجل إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
وإذا كُنّا نشير إلى كلِّ ذلك بتفاصيل الخبر، فلكي نوضح ونؤكِّد أنَّ العلاقة الفلسطينية المصرية، لا تكف عن التشديد دومًا، إنَّها علاقة المصير الواحد، وإنّ مصر وفلسطين ومعهم الأردن الشقيق في طريق واحدة، وموقف موحَّد تجاه سُبُل تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، على أساس قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين، وسُبُل تعزيز مقومات الأمن الوطني والقومي، منعًا لشرذمة المنطقة العربية وتفتيتها، ومن أجل مستقبل الأمن والاستقرار في عموم دولها ولكلِّ شعوبها.
إنّه التنسيق العملي والتشاور الفاعل الذي يقود والأردن الشقيق، إلى جانب سوريا ولبنان، الموقف المناهض لمخططات تفتيت المنطقة العربية وشرذمتها ومن أجل سلامتها الأمنية والسياسة والاقتصادية، وفي إطار محاربة الإرهاب بكامل تصنيفاته، ومن خلال مواجهة صفقة القرن الصهيونية، التي حزم الفلسطينيون أمر مواجهتها والتصدي لها حتى سقوطها الذريع، وهذا ما يدفع إلى التفاؤل أنَّ مستقبل الازدهار والاستقرار للمنطقة العربية بمثل هذا التنسيق والتشاور والعمل المشترك يظلُّ ممكنًا تمامًا، وفلسطين الحُرّة المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية تظل دائمًا هي الحل.