تقرير: الحارث الحصني

قبل سبع سنوات استلم جهاد يوسف بني عودة وإخوته، من بلدة طمون جنوب طوباس، اخطارا من سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوقف العمل في قطعة أرض لهم في منطقة "أم كبيش" شرق البلدة؛ بحجة أنها محمية طبيعية.

ذاته بني عودة انتزع قبل ثلاث سنوات تقريبا، قرارا احترازيا بوقف الهدم في قطعة أرض له في محمية "أم كبيش" شرق البلدة، لكن الاحتلال ناقض نفسه بخصوص هذين القرارين.. فصباح اليوم الثلاثاء، أقدمت جرافات تابعة للاحتلال الإسرائيلي، على تدمير بئري جمع للمياه، واجتثاث 240 شجرة زيتون، و150 شجرة حرجية في المحمية المطلة على سهل البقيعة الكبير.

يقول بني عودة: "إنهم يقتلون الطبيعة ويناقضون أنفسهم (..)، أخطرونا بوقف العمل بحجة أنها محمية طبيعية، واليوم دمروا هذه المنطقة الواقعة ضمن محمية طمون (18 ألف) دونما، وهي منطقة جبلية مزروعة بعديد الأشجار الحرجية، والمثمرة، ويستفاد منها في فصل الربيع كمسارات بيئية تعريفية."

في الطريق الى هناك، يمكن مشاهدة لوحات تعريفية مكتوب على كل واحدة منها تعريفا عن واحدة من النباتات التي تنمو فيها، لكن الاحتلال دمر بعضها خلال العملية.

على بعد 1.5 كم من مسرح العملية، كانت تبدو حركة دؤوبة وغير واضحة لجرافات الاحتلال، وهي تتنقل من مكان لآخر، على رأس واحد من الجبال شرق طمون.

بدا هذا المنظر، واقفا عند أقرب نقطة أمكن حينها الوصول إليها، بعد منع الاحتلال الكل من الوصول إلى المحمية؛ بحجة أنها منطقة عسكرية مغلقة.

لكن باتصال هاتفي في ذلك الوقت مع مرشد رشيد بني عودة، وهو أحد الذين تواجدوا في منطقة التدمير قال: "إنهم يقتلعون أشجار زيتون بعد قصِّها".

ويتساءل أحد المواطنين ممن منعوا من الوصول إلى المحمية: "كيف يدمرون الطبيعية وهم من أخطروا أصحابها بوقف العمل بحجة أنها محمية طبيعية".

يقول مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس معتز بشارات: "يدعون أنها محمية طبيعية، ويدمرون الطبيعة.. إنهم يناقضون أنفسهم".

ويضيف: "الموضوع يأخذ طابع إفراغ المنطقة من الوجود الفلسطيني".

"بتسيلم"، وهي مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، تعتبر أنّ إسرائيل تسعى وبشكل مثابر من أجل تحصين سيطرتها على منطقة  C، وتضييق الخناق على الوجود الفلسطينيّ فيها، واستغلال مواردها لصالح سكانها هي.

واقفا بجانب قطعة الأرض، قال بني عودة: "لم أهنأ بالزيتون الخاص بي (...)، كنت أريد قطفها هذا العام، ولقد عولت عليها كثير، فالزيتون حمله ممتاز".

حاملا بعض حبات الزيتون الخضراء بإحدى يديه، قال بني عودة: "لقد دمروا حلمي، الأرض غالية علينا، ويجب الحفاظ عليها".

بعض من جنود الاحتلال الذين اجتثوا تلك الأشجار صباح اليوم، شوهدوا وهم يسرقون بعضها، فيما انشغل جنود آخرون بتدمير بئرين للمياه أحدهما ملك خاص لبني عودة، والآخر بتنفيذ من وزارة الزراعة.

قال بني عودة: "كيف يمكن أن أسقي الزيتون في الصيف دون بئر، إنهم يقتلون أية فرصة تواجد لنا في هذه المنطقة".

وبني عودة، واحد من 3 أشقاء يمتلكون قطعة أرض قدرت مساحتها الكلية بــ26 دونما، يعتمدون على هذا البئر، وهو مبني من الإسمنت الجاهز، والمدعم بقضبان الحديد، تقدر كمية استيعابه للمياه بــ70 كوبا، ويستخدم بشكل أساسي في ري الأشجار.التي استهدفت بالاقتلاع والتقطيع.

في الأرض ذاتها، شوهد عدد من أشجار الزيتون ما زالت على مكانها دون أن يمسها الاحتلال، وقد ادعى الاحتلال أن ذلك الجزء من الأرض مملوكا للمواطنين، وأن الجزء الذي اقتلع فيه الأشجار هي (أراضي دولة)، لكن بني عودة قال لمراسل "وفا": "إنهم كاذبون (..) نحن نمتلك أوراق ثبوتية تدل على ملكية الأرض كلها".

يقول بشارات: "هناك قضية في المحكمة الإسرائيلية، ولدينا في الرابع والعشرين من الشهر الجاري جلسة في المحكمة للنظر فيها، غير أن الاحتلال أصدر حكمه ونفذه في آن معا!!"