عنان شحادة

تعيش عائلة زرينة التي هجرت من مسقط رأسها في قرية "المالحة" قرب القدس أوضاعا معيشية صعبة، جراء ملاحقتها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والمتمثل بهدم منازلها ومنشآتها بمنطقة بير عونة في مدينة بيت جالا غرب بيت لحم، التي لجأوا اليها بعد التهجير.

المشهد في بير عونة يسوده "الدمار والخراب"، فخلال الفترة الماضية هدم الاحتلال إسكانا للمواطن وليد زرينة، ومنزلا مكونا من طابقين وأربع سكن للمواطن أيمن زرينة، وكذلك أربع سكن، وبركسات لابن عمهم محمد موسى زرينة، قبل أن يهدم اليوم البركسات والغرفة السكنية مجددا.

الداخل إليها يقف أمام مشهد مأساوي، فعندما تنظر إلى يمينك ترى منازل مهدمة، وعلى يسارك بركسات مدمرة، وسط ذلك ومرة أخرى يجد المواطن محمد موسى زرينة نفسه فوق اطلال الدمار الذي خلفه المحتل.

على مخلفات الهدم، وضع زرينة يديه على رأسه، وبصوت مبحوح يعتريه حسرة وألم: يقول: كل اللي بنيته راح، إلى أين سنذهب ونعيش؟؟ أرضنا أصبحت لا تسعنا!! يريد الاحتلال ان يهجرنا مرة أخرى، يلاحقنا في كل مكان.. حسبنا الله ونعم الوكيل.

ويضيف: هذا الهدم هو الثالث من نوعه منذ العام 2016، وقتها تم هدم أربعة مبانٍ كانت مأوى لي ولعائلتي، كذلك بركسات لتربية المواشي والأغنام في منطقة تحت الجسر، كانت مصدرا لكسب الرزق، ولكن جميعها ذهبت أدراج الرياح.

"انتقلنا إلى منطقة أخرى في منطقة بير عونة نمتلك فيها أرضا، ولكن المحتل لم يدعنا نعيش كغيرنا من البشر، فلاحقنا مرة أخرى وفي 13 مارس/ آذار من العام الجاري هدموا بركسات مجددا.

بعدها تكفلت إحدى المؤسسات وعن طريق المحافظة بإعادة بناء أربعة بركسات وغرفة سكنية تكون مأوى لأسرتي، لكن حقد المحتل لا يرق له ذلك، وتم اخطارنا بالهدم، لنعيش أوقاتا صعبة متخوفين في أي وقت من قدوم قوات الاحتلال وهدم ما تم اعادته من بناء.

ويروي زرينة ما حدث اليوم بقوله: في تمام الساعة الخامسة صباحا، اقتحمت قوات الاحتلال بتعزيزات عسكرية المكان، وأطلقت وابلا من الرصاص، ونحن نيام، وقاموا بعدها بالاعتداء علينا بالضرب، فيما أصيب أحد أبنائي بعيار مطاطي في القدم، وحتى الكلاب التي كانت تحرس الأغنام والخيول لم تسلم من وحشيتهم، فقد رشوها بالغاز المسيل للدموع.

أنا الآن في الشارع، لا أعرف أين سأذهب، انا أعيش مرة أخرى حالة اللجوء التي عاشها ابي وامي وعائلتي، أي قانون في العالم يجيز الهدم مرتين في غضون ثلاثة أشهر وبدون أي مبررات!! كيف وانا على أرضي التي أملكها بأوراق ثبوتية".

"فليعلم المحتل انا لن ارحل، انا باق على ارضي، حتى لو كلفني ذلك حياتي".

وفي تعقيبه عما جرى، يشير محافظ بيت لحم كامل حميد لــــ"وفا" إلى أن أعمال الهدم والتدمير لن تثني من عزيمة المواطن الفلسطيني، وسيبقى على أرضه متحديا غطرسة الاحتلال، وما يجري هو تسارع كبير في تغيير معالم المنطقة، بهدف ترحيل العائلات تحت حجج واهية من عدم الترخيص، وأنها في منطقة "C"، وغيرها.

ويضيف: ما يجري ينصب في هدف واحد وهو ترحيل المواطنين وخلق حالة من الارباك في الوضع الداخلي الفلسطيني، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وكل ما يقوم به الاحتلال يرقي لمستوى جرائم حرب، خاصة ان الهدم حدث خارج الجدار، ويقع في الجانب الفلسطيني، وعليه فالموضوع ليس أمنيا، ولا عدم الترخيص، فالأمر يتعلق بالتهجير وتوسيع الاستيطان.

ويتابع: نحن ننظر بخطورة ما يجري لأن هناك تصعيدا واضحا في أكثر من منطقة، وما جرى اليوم في نابلس واستهداف مقر جهاز الأمن الوقائي دليل واضح.

من جهته، يؤكد مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم حسن بريجية لـــ"وفا"، أن الاحتلال بتصعيده اعمال الهدم والتدمير في منطقة بير عونة يؤكد اليوم انه ماض في توسيع رقعة الاستيطان، وما يجري يأتي بهدف تفريغ المنطقة لأطماع استيطانية، علما ان المنطقة التي هدم فيها البركسات والغرفة السكنية هي منطقة خاضعة للسيادة الفلسطينية".

ويشدد على أنهم بصدد بإحضار أكثر من بيت متنقل، من أجل تعزيز صمود المواطن زرينة، كما سيتم فتح ملفات من الناحية القانونية، وان التفكير يتجه نحو بناء بيت له، داعيا كل المنظمات الإنسانية وهيئات حقوق الانسان لأن تقف عن كثب عما يجري من انتهاك صارخ بحق الانسان الفلسطيني الذي يتعرض الى تهجير آخر، وأخذ مسؤولياتهم نحو إنصافه.