تقرير: زهران معالي

نوافذ مهشمة وواجهات مبنى تملأها ثقوب، وزجاج متناثر على المكاتب والأسرة، هكذا يبدو مقر جهاز الأمن الوقائي الرابض على الكتف الجنوبي لمدينة نابلس، بعد محاصرته من قوات الاحتلال الإسرائيلي وإطلاق نيرانها الكثيفة تجاه المبنى فجرًا.
فما أن دقت الساعة الثانية فجرًا، حتى ضج هدوء مدينة نابلس بأصوات الرصاص الكثيف من أعلى الجبل الجنوبي، بعد أن فرضت قوات الاحتلال حصارًا على مقر الجهاز المكون من خمسة طوابق، واستهدفت المبنى بشكل عشوائي بإطلاق كثيف للرصاص.
يقول الناطق باسم جهاز الأمن الوقائي في نابلس المقدم برهان مشاقي ،"إن الضباط المناوبين في المقر تفاجأوا فجرا، بمحاصرة قوات كبيرة راجلة ومحمولة إسرائيلية للمقر وإطلاقها للنار بشكل كثيف وعشوائي على جميع نوافذه ومكاتبه، ما أدى لإصابة أحد عناصر الجهاز بشظية باليد".
ويضيف إن الهجوم يحمل رسالة سياسية، وأن قوات الاحتلال تعمدت إطلاق الرصاص على النوافذ والجدران بطريقة هدفت لقتل وإصابة أفراد من الجهاز، إلا أن أفراد الجهاز المتواجدين داخل المقر دافعوا عن المقر وحالوا دون دخول جيش الاحتلال له.
ويؤكد أن الهجوم يحمل رسالة تهدف لضرب البنية المؤسساتية للسلطة الفلسطينية، ولضرب جهاز الأمن الوقائي؛ نظرا لدوره الذي يقوم به والعقيدة الأمنية الوطنية التي يحملها والحفاظ على الأمن الداخلي ومحاربة كافة الآفات المضرة والمسيئة لشعبنا وسمعته.
"تلك الرسالة لن تزيدنا إلا عزما وإصرارا في مواصلة العمل الدؤوب والمهمات الرئيسية للجهاز، وبالتأكيد موضوع تسريب الأراضي مهمة أصيلة للجهاز، ونحن حريصون جدا على كل مقدرات الشعب الفلسطيني من أراض وعقارات والسلامة الشخصية للمواطن الفلسطيني". يشدد مشاقي.
وأضاف: "40 دقيقة استمر جنود الاحتلال بإطلاق النار اتجاه المقر".
وأوضح أن الاعتداء يؤكد أن هناك مخططا إسرائيليا لاستهداف المؤسسة الأمنية؛ لما تقوم به من واجب ودور في حماية المشروع الوطني الفلسطيني، والذي يعكف الاحتلال ليلا نهارا على ضربه، سواء من خلال محاولة تمرير صفقة القرن التي يرفضها الفلسطينيون وقيادتهم رفضا قاطعا.
وما أن بدأت قوات الاحتلال بحصار المقر، حتى توافد أبناء حركة فتح وأهالي المدينة إلى المنطقة القريبة من المبنى، وشكلت حاجزا بشريا وإسنادا للضباط والعناصر المتواجدين داخل المقر، وفق ما يؤكد أمين سر حركة فتح إقليم نابلس جهاد رمضان.
وأشار إلى أن "الحاضنة الشعبية كانت وستبقى سيدة الموقف، لأن الشعب الفلسطيني في كل مكوناته وفي مقدمته الأجهزة الأمنية يتعرضون لهذا الاستهداف الإسرائيلي، سواء من قوات الاحتلال أو عصابات المستوطنين".
ووصف رمضان "الاعتداء بالهمجي والبربري، وأنه يحمل رسالة سياسية من أذرع الحكومة الإسرائيلية".
وتابع: "كانت رسالة بالرصاص من الاحتلال لكن صمود والتفاف جماهير شعبنا حول المؤسسة الأمنية كان له دور ورسالة للاحتلال، خاصة أن الشباب في المقر كانوا متماسكين وأن الرسالة ارتدت على نحور الأعداء".
وأوضح رمضان أن الهجوم يحمل رسالة من المستوى السياسي الإسرائيلي إلى القيادة الفلسطينية، ومحاولة للتأكيد على أن الاحتلال يستطيع أن يمارس كل اعتداءاته لامتلاكه القوة الغاشمة، مؤكدا أن الهجوم أعاد أهالي المدينة إلى قبل 18 عاما، عندما جرى استهداف المؤسسة الأمنية.
وشدد على أن الاحتلال يحاول خلق أزمات وتوترات في الداخل الفلسطيني، وأن ذلك يحمل مدلولا سياسيا للضغط على القيادة السياسية والموافقة على مشاريع تصفوية للقضية الفلسطينية، إلا أن حالة الصمود والتمسك بالثوابت الوطنية يكون الرد عليه عبر عملية مفلسة من الاحتلال تحاول النيل من الموقف الصلب للقيادة الفلسطينية.