إدارة ترامب وطاقمها المكلَّف بإعداد "صفقة القرن" يتصرَّفون كأطفال صغار يلعبون لعبة "الاستغماية"، إذا اغمضوا أعينهم يعتقدون أنّ لا أحد يراهم، وعندما يتمُّ تجاهلهم رغم أنَّهم مكشوفون للعيان يبدؤون بإصدار أصوات أو يقومون بحركات للفت الأنظار لهم.

آخر حركات رئيس طاقم صفقة القرن غرينبلات إعلانه أنَّ الصفقة لن تتحدَّث عن حل الدولتين وهو بذلك كالطفل الذي يتحدَّث عن شيء مكشوف عارٍ أمامنا كشجرة سقطت كل أوراقها في الخريف.

ترامب وفريقه لم يتركوا للأسرار مكانًا، فلعبتهم مكشوفة منذ أغمضوا أعينهم عن حقوق الشعب الفلسطيني، وعن القانون الدولي، وحتى عن الاتفاقات الموقعة ومرجعيات عملية السلام. هم من سلالة الآباء الروحيين للمشروع الصهيوني الاستعماري، الذي بالمناسبة لا يستهدف فلسطين وشعبها فحسب وإنما كل الأمة العربية. وعلينا ألا ننسى أبدًا الأهداف الأساسية لهذا المشروع وهي تمزيق هذه الأمة ومنع وحدتها وتضامنها ومنع نهضتها بكل الوسائل.

إحكام (إسرائيل) على فلسطين والأراضي العربية المحتلة هو إحكام سيطرتها على المنطقة. صفقة ترامب تمثِّل العودة لجذور المشروع الصهيوني وإزالة كل المعيقات من أمامه بالبلطجة الترامبية، التي لا تأبه بأي شيء سوى مصالحها المعبَّر عنها بهذا المشروع بأكثر الأشكال وضوحًا. في المراحل السابقة كان هذا المشروع بحاجة لبعض التجميل أو التكتيك لإنفاذه، إدارة ترامب مع نتنياهو يعتقدون أنَّ الظرف الدولي والإقليمي يطلق يدهم للعمل دون أي عملية تجميل، التكتيك الوحيد هو سرية الصفقة المفضوحة أصلاً. مسرحيتهم مضحكة ولكنَّها في نهاية المطاف الفصل الأخطر في تاريخنا وتاريخ قضيتنا وتاريخ العرب. فالمشكلة أعقدُ من أن الصفقة تتحدث أو لا تتحدث عن حلِّ الدولتين فما نُفِّذَ منها وما سيُنفَّذ هو إعادة طمس القضية الفلسطينية، وطمس الهُويّة الوطنية الفلسطينية، ما لم ينجحوا به عام 1948 يحاولون النجاح به الآن.

ولكنَّ الحقيقة التي يُصرُّ هؤلاء على إغفالها أنَّ شعبنا الفلسطيني عصي على الكسر، وعصي على الاستسلام. والأمة العربية هي الأخرى عصية على الذوبان.. دعونا نلعب معهم لعبة "الاستغماية" ونجعلهم يعتقدون أنّنا لا نراهم ولا نرى مخططاتهم.