بتعليق الرئيس الأميركي دونالد ترامب التزامات بلاده بمعاهدة الصواريخ النووية المتوسّطة، والتهديد بالانسحاب الكامل منها خلال ستة أشهر، إلى جانب تأكيده بأنّه سيُعلن حالة الطوارئ قريبًا لبناء الجدار على الحدود مع المكسيك، يظهر تمامًا أنَّ ترامب بإدارته الراهنة، لا يبحث سوى عن تخليق الأزمات للعالم أجمع، بل إنَّه بات يهدِّد السِّلم العالمي، وهو يُهيِّئ بمثل هذه المواقف لسباق تسلُّحٍ جديد، وربما لحرب لن تكون باردة، كتلك التي أُبرِمَت خلالها، معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة!!

الحقيقة التي على المجتمع الدولي مواجهتها اليوم، أنَّ العالم لم يعد آمنًا مع الرئيس الأميركي ترامب وإدارته الراهنة، وسباق التسلُّح إذا ما عاد كما كان أيام الحرب الباردة، وإن لم يقد إلى تفجيرات خطيرة، سيطعن خطط التنمية والازدهار الاقتصادي في كلِّ مكان تقريبًا من هذا العالم.

والحقيقة أيضا التي على المجتمع الدولي الإقرار بها، أنّ الرئيس الأميركي ترامب بإدارته الحالية، وحين أعلن عن صفقة القرن، فإنَّه لم يكن يعلن سوى عن بدء الحرب على السلام العادل الممكن في الشرق الأوسط، تمامًا كمثل رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، بل وتعزيزًا ودعمًا لسياسة هذا الأخير في هذا الإطار، وهو ما يدفع بإسرائيل اليمين العنصري المتطرّف إلى مزيد من التغوّل في سياسة العنف والقتل والاستيطان العنصري الاستعماري ضدّ شعبنا وضدّ أرضه الوطنية وضد مشروعه التحرُّري.

ولعلَّنا لا نُبالغ حين نقول إنَّ الموقف الوطني الفلسطيني الرافض لصفقة القرن والذي أعلنه الرئيس أبو مازن وما زال يؤكِّده بتشديد حاسم، إنَّما هو موقف إنساني عالمي، من حيثُ رؤيته لمخاطر هذه الصفقة الفاسدة على الأمن والاستقرار الدولي، ودعوته لمواجهة هذه المخاطر ودرئها، لضمان مستقبل أفضل في هذا العالم حين يتحقَّق السلام العادل.

وبوضوح شديد إن ما يفعله الرئيس الأميركي اليوم من توتير في الأجواء الدولية، يؤكِّد على نحو بليغ، صواب الموقف الفلسطيني، الوطني والإنساني العالمي الرافض لصفقة ترامب بصواب رؤيّته لمخاطرها على الأمن والاستقرار في العالم أجمع، وهذا أمر لا يستدعي غير ضرورة دعم هذا الموقف ومساندته لصالح ما تريد الإنسانية من عدل وكرامة وسلام.

وبكلمات أخرى وأخيرة لم تعد الإدارة الأميركية الراهنة بقيادة ترامب مُعادية لشعبنا الفلسطيني وتطلّعاته المشروعة فحسب، وإنَّما وهي تدق طبول الحرب اليوم وتصنع الأزمات في كلِّ مكان قد باتت معادية لتطلُّعات الشعوب الحُرّة في العدل والكرامة والسلام في كلِّ مكان، وعلى المجتمع الدولي أن يرى ذلك بوضوح وموقف شجاع يضع حدًّا لهذه الغطرسة العنصرية، قبل فوات الأوان.